الشيخ خليفة.. رائد التحديث في الإمارات ومهندس التقارب مع أمريكا

الشيخ خليفة.. رائد التحديث في الإمارات ومهندس التقارب مع أمريكا
الشيخ خليفة.. رائد التحديث في الإمارات ومهندس التقارب مع أمريكا Copyright Thomson Reuters 2022
بقلم:  Reuters
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

دبي (رويترز) - كان الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات الذي توفي يوم الجمعة، رائدا للتحديث على النسق الغربي، وساعده أسلوبه المتواضع في قيادة سفينة البلاد وسط أمواج حقبة متوترة في السياسات الإقليمية من خلال تقريب المسافات مع واشنطن وحلفائها، بما في ذلك إسرائيل.

شغل الشيخ خليفة المولود عام 1948 منصب حاكم أغنى إمارة وهي أبو ظبي إلى جانب رئاسة الدولة، منذ وفاة والده الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان سنة 2004، لكنه لم يظهر في المناسبات العامة سوى مرات نادرة منذ إصابته بجلطة دماغية في 2014.

منذ ذلك الحين، يتولي سلطات شرفية، وسمح لأخيه غير الشقيق، ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، بتولي مقاليد السلطة الفعلية. اتبعت الإمارات سياسة خارجية متشددة إزاء إيران والجماعات الإسلامية، وفي إطار إعادة اصطفاف استراتيجي لدول الشرق الأوسط ضد إيران، أقامت علاقات رسمية مع إسرائيل قبل عامين.

افتقر الشيخ خليفة إلى جاذبية والده الراحل، الذي وحد الإمارات السبع في دولة اتحادية عام 1971.

لكن سماته الشخصية وأسلوبه الذي يتسم بالدقة ساعدا في الحفاظ على روابط الأسرة الحاكمة مع العشائر المهمة وزعماء الإمارات الأخرى خلال تداعيات أزمة الديون في دبي عام 2009، وخلال حقبة متوترة في السياسة الإقليمية.

كان الشيخ خليفة، وهو الأكبر بين أبناء الشيخ زايد التسعة عشر، مديرا ماليا يتسم بالدقة وكان حريصا على تحديث دولة الإمارات العربية المتحدة، المنتجة للنفط والعضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك). وحتى قبل وفاة الوالد، لعب الشيخ خليفة دورا محوريا لفترة طويلة في إدارة الإمارات بسبب مرض والده والتركيز على الشؤون الخارجية.

قاد الشيخ خليفة المجلس الأعلى للبترول، الذي يضع السياسة النفطية، وجهاز أبوظبي للاستثمار، الذي يُعتقد أنه يسيطر على أصول عالمية تقدر بنحو 700 مليار دولار، وكلاهما من المناصب القوية التي شغلها عندما كان وليا للعهد على مدى 35 عاما مما جعله مستعدا لتولى القيادة.

ترعرع الشيخ خليفة قبل طفرة النفط في السبعينيات التي أغرقت الإمارات بدولارات النفط التي حولتها إلى قوة اقتصادية إقليمية.

وأبو ظبي هي العاصمة السياسية، بحكم ثروتها النفطية الهائلة، في حين أن دبي بقيادة عائلة آل مكتوم، هي مركز الأعمال والسياحة في الخليج.

شهدت الإمارات، في عهد الشيخ خليفة، تحولا طفيفا على الساحة السياسية الداخلية حيث أصبح الاتحاد أكثر مركزية بتوجيه من أبوظبي.

عالج حكام الإمارات مسألة حساسة في 2009 تتعلق بأسلوب التصدي للمشاكل المالية في دبي عندما تفاقمت الأزمة الاقتصادية العالمية. وأنقذتها أبو ظبي بتمويل قدره 20 مليار دولار لتجنب التخلف عن سداد الديون.

وعبرت دبي عن امتنانها من خلال تغيير اسم أطول ناطحة سحاب من برج دبي إلى برج خليفة في انعكاس للواقع السياسي.

* تحولات السياسية

في حين كان مؤسس الإمارات العربية المتحدة الشيخ زايد يدافع عن القضايا العربية الشعبية، وقاد جهدا عاما لمنع الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في 2003، أصبحت الإمارات في عهد الشيخ خليفة أكثر ارتباطا بالدول العربية المتحالفة مع واشنطن.

انضمت الإمارات إلى تحالف بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، ولعبت دورا قياديا في التحالف الذي قادته السعودية وتدخل في حرب اليمن عام 2015 ضد جماعة الحوثي المدعومة من إيران، ونشرت قوات إماراتية على الأرض.

وأيدت أبوظبي بشدة العقوبات الدولية على إيران في 2012 بسبب برنامجها النووي على الرغم من الدور التقليدي للإمارة كمركز تجاري بالنسبة لإيران.

مهدت هذه السياسة الطريق أمام الإمارات لمواصلة خططها لتطوير طاقتها النووية المدنية بإشراف دولي وبمباركة واشنطن. كما أنفقت مليارات الدولارات على شراء الأسلحة، خاصة من الولايات المتحدة، لتعزيز دفاعاتها.

وتوسطت الولايات المتحدة في الاتفاق الذي أدى إلى إقامة علاقات مع إسرائيل في سبتمبر أيلول 2020. وأقامت البحرين علاقات مع إسرائيل في نفس اليوم، وسرعان ما حذا السودان والمغرب حذوهما.

وبالرغم من محدودية فرص المشاركة السياسية، فإن الثروة النفطية ومسيرة التنمية في الإمارات منعتا وصول الانتفاضات الشعبية العربية التي أطاحت برئيسي مصر وتونس في عام 2011 إليها.

يتم اختيار أعضاء المجلس الوطني الاتحادي في البلاد، وهو هيئة شبيهة بالبرلمان، من خلال المزج بين التعيين والانتخابات والتي يحق لجزء صغير فقط من السكان التصويت فيها. وليس للمجلس سلطة تشريعية.

تفتخر الإمارات باستقرارها السياسي والاقتصادي، انطلاقا من إدراكها لتاريخ العائلات الحاكمة بما فيه من أزمات دموية على الخلافة قبل أن يتكون الاتحاد.

ورفضت الإمارات انتقادات جماعات حقوقية بشأن احتجاز من يسمونهم سجناء سياسيين، متذرعة بأمنها القومي باعتباره خطا أحمر.

في عام 2010 ، أشرفت أبو ظبي على انتقال سلس للسلطة في أفقر إمارة، وهي رأس الخيمة، عندما توفي الحاكم المخضرم الشيخ صقر بن محمد القاسمي. وتولى نجله الشيخ سعود السلطة رغم اعتراضات شقيقه، ولي العهد السابق الذي عزله والده عام 2003.

وفي الإمارات، التي يقل عدد سكانها عن 10 ملايين نسمة واحد من أعلى معدلات دخل الفرد في العالم وهي موطن لملايين العمال المغتربين الذين يشكلون الجزء الأكبر من القوة العاملة.

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

الشرطة الأسترالية تعتبر جريمة طعن الأسقف في كنيسة سيدني "عملًا إرهابيًا"

محاكمة ترامب "التاريخية".. انتهاء اليوم الأول دون تعيين مُحلّفين في قضية إسكات ممثلة إباحية

شاهد: إعادة تشغيل مخبز في شمال غزة لأول مرة منذ بداية الحرب وطوابير طويلة من المنتظرين