بعد أن حُرِموا من مأوى يُؤويهم، تضطر مئات العائلات الفلسطينية إلى الفرار مجدداً من شمال القطاع نحو مناطق يُفترض أنها أكثر أمناً في الوسط والجنوب، لكنها سرعان ما تتحول إلى نقاط اكتظاظ إنساني خانقة.
أقامت عائلات نازحة غزية خياماً بدائية على شاطئ مدينة دير البلح، في وسط القطاع، بعد أن لم تجد مأوى آخر يحميها.
وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" بأن عشرات الأسر الهاربة من شمال غزة نصبت خيامها على الشاطئ المكتظ، في محاولة للعثور على مكان مؤقت يحميها من القصف المستمر. وأظهرت لقطات مصوّرة مشاهد لعائلات بأكملها تحتمي تحت أغطية مهترئة بالقرب من مياه البحر، بينما يلهو الأطفال في الماء هرباً من مشاهد الدمار.
ورغم أن الشاطئ كان في يومٍ من الأيام متنفساً للفلسطينيين، إلا أنه تحوّل اليوم إلى ملاذ قسري لعشرات آلاف النازحين الذين يفترشون الرمال بلا طعام كافٍ ولا مياه نظيفة، وسط غياب شبه كامل للخدمات الأساسية.
وتقول مصادر محلية إن بعض الأسر اضطرت لاستخدام أقمشة مهترئة وبلاستيك ممزق لتشييد مأوى مؤقت، بينما تواجه أخرى صعوبة في الحصول على مياه للشرب.
ومنذ إعلان الجيش الإسرائيلي نيّته السيطرة الكاملة على مدينة غزة، صعّد من عملياته البرية والجوية بشكل غير مسبوق، ما أدى إلى تهجير موجات جديدة من السكان من الشمال إلى الوسط والجنوب.
ووفقاً لأحدث الإحصاءات الصادرة عن وزارة الصحة في القطاع، قُتل ما لا يقل عن 67,139 فلسطينياً وأُصيب أكثر من 169,500 آخرين منذ اندلاع الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023. وتشير البيانات إلى أن الغالبية العظمى من الضحايا هم من النساء والأطفال، في وقت تتهاوى فيه المنظومة الصحية أمام حجم الكارثة.
في المقابل، تستمر أزمة النزوح الداخلي في التفاقم. فمعظم الملاجئ والمخيمات التي أقامتها الأمم المتحدة لم تعد قادرة على استيعاب مزيد من النازحين، ما يدفع العائلات إلى البحث عن أي مساحة مفتوحة تقيم فيها، حتى لو كانت على الشاطئ أو بين الركام.
ويؤكد عاملون في المجال الإنساني أن الأوضاع المعيشية في دير البلح "كارثية" بكل المقاييس، إذ يعاني النازحون من نقص حاد في الغذاء والمياه، وانتشار الأمراض الجلدية والمعدية بسبب الاكتظاظ وانعدام النظافة.
ومع تدمير المستشفيات والمراكز الصحية، أصبح الحصول على الرعاية الطبية شبه مستحيل، لا سيما للأطفال والنساء الحوامل والمسنين.