تواجه النرويج أزمة غير مسبوقة تتمثّل في نقص حاد في كوادر رياض الأطفال، ما يهدّد جوهر العملية التربوية. ودفع هذا النقص عدداً من البلديات إلى اتخاذ خطوة غير تقليدية عبر فتح أبواب الروضات أمام المراهقين ليوم واحد، في محاولة لإعادة الاهتمام بهذه المهنة.
بدت المبادرة كاستجابة مباشرة للتراجع الحاد في أعداد المتقدّمين إلى برامج التعليم، إذ انخفضت الطلبات إلى النصف خلال خمس سنوات فقط، في ظل تزايد الأعباء على المعلّمين ذوي الخبرة وصعوبة المهام اليومية داخل الصفوف.
أتاحت المبادرة لمئات الفتية خوض تجربة العمل داخل رياض الأطفال، بهدف تشجيع التوظيف عبر إظهار الجوانب الإيجابية والمجزية في هذه المهنة.
وقد جاء الانطباع العام مفاجئاً بالنسبة لكثير منهم: العمل ممتع وتعليمي في آن، واللعب مع الأطفال والمشاركة في الأنشطة الإبداعية منحهم شعوراً بالإنجاز، إلى جانب التأكيد على أنهم حظوا بتعامل لائق، خلافاً لتوقعاتهم المسبقة عن ضغوط العمل في هذا القطاع.
وشدّد المنظمون على أهمية التنوع داخل الروضات، وعلى ضرورة وجود مزيد من الذكور في هذه المهنة، معتبرين أن التجربة المباشرة تُعد وسيلة ملموسة لتعريف المراهقين بواقع العمل، على أمل أن يدفع ذلك عدداً أكبر منهم إلى التفكير في المهنة، ولا سيما في المناطق الريفية التي تعاني من نقص إضافي في الكوادر.
أزمة تتعمّق
الأرقام تكشف حجم المأزق: منذ عام 2020 تتراجع طلبات الالتحاق ببرامج إعداد العاملين مع الأطفال والشباب، كما ينخفض سنوياً عدد الحاصلين على المؤهلات المطلوبة.
ورغم أن البرلمان النرويجي أقرّ في 2018 معايير تنص على وجود موظف واحد لكل ثلاثة أطفال دون سن الثالثة، وموظف واحد لكل ستة أطفال أكبر سناً، إلا أن هذه المتطلبات تبقى في معظم الحالات حبراً على ورق.
وهذا الخلل البنيوي، بحسب الخبراء، يعكس انتقاصاً حقيقياً من قيمة تعليم الأطفال، رغم ثبات أهميته علمياً وتنموياً. ويحذّر اختصاصيون من أنه، من دون تدخل عاجل، قد تتحوّل رياض الأطفال إلى محطات انتظار للأطفال، بدل أن تكون بيئات داعمة للتطوّر والنمو.