تعزز الولايات المتحدة وجودها العسكري في الشرق الأوسط عبر نشر طائرات مسيّرة هجومية منخفضة الكلفة طوّرتها بتقنية الهندسة العكسية، وتشغيلها ضمن وحدة خاصة جديدة تهدف إلى تسريع القدرات والردع في مواجهة خصومها الإقليميين.
أعلنت القيادة المركزية الأميركية "سنتكوم" عن تشكيل قوة المهام "ضربة العقرب" التي تشرف على أول سرب أميركي من الطائرات الهجومية أحادية الاتجاه المتمركز في الشرق الأوسط.
وجاء هذا الإعلان بعد أربعة أشهر من توجيهات وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث بتسريع عملية الاستحواذ على الطائرات المسيرة منخفضة الكلفة وإدخالها إلى الخدمة ضمن مبادرته المعروفة باسم "هيمنة الطائرات المسيرة"، وهي المبادرة التي تهدف إلى تجهيز القوات الأميركية بسرعة بقدرات جديدة وفعالة.
وقالت القيادة المركزية إن نشر هذا النوع من الطائرات يعكس التحول الذي أحدثته التكنولوجيا منخفضة الكلفة في ساحات القتال خلال الحرب في أوكرانيا والصراع بين إسرائيل وإيران، حيث أثبتت الطائرات الانتحارية أحادية الاتجاه فعاليتها في الهجمات البعيدة والعمليات المركبة.
طائرات LUCAS: نسخة أميركية مطورة من "شاهد" الإيرانية
يعتمد السرب الجديد على طائرات "LUCAS" التي طورتها شركة SpektreWorks انطلاقا من الهندسة العكسية لطائرة شاهد-136 الإيرانية ذات الجناح المثلث، والتي حصلت عليها الولايات المتحدة قبل سنوات.
وتبلغ كلفة الطائرة الواحدة خمسة وثلاثين ألف دولار، ويقول مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية إنها نسخة محسّنة عن النموذج الإيراني، وقادرة على العمل ذاتيا وقطع مسافات طويلة، كما يمكن إطلاقها عبر منصات متعددة تشمل المقاليع والإقلاع بمساعدة صاروخية وأنظمة إطلاق أرضية ومتحركة.
وأكدت القيادة المركزية أن السرب الجديد متمركز بالفعل في الشرق الأوسط وسيُنشر في مواقع عدة داخل المنطقة، من دون الكشف عن عدد الطائرات المنتشرة.
الابتكار وسيلة ردع
قال قائد القيادة المركزية الأميركية الأدميرال براد كوبر إن قوة المهام الجديدة "تضع الأسس لاستخدام الابتكار كوسيلة ردع"، موضحا أن تجهيز القوات بقدرات متطورة في مجال الطائرات المسيرة وفي وقت قصير يعكس قوة وابتكار الجيش الأميركي ويحد من نشاط الجهات التي وصفها بالسيئة.
وأضاف مسؤول أميركي أن نشر هذه الطائرات "يقلب المعادلة" في مواجهة إيران التي استخدمت طائرات شاهد ضد إسرائيل، في حين استخدمتها روسيا في هجمات واسعة على أوكرانيا. وأشار المسؤول إلى أن الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف إيران في تشرين الثاني أدى إلى تعطيل جزء كبير من الدفاعات الجوية الإيرانية المتطورة، ما يجعلها أقل قدرة على اعتراض الطائرات الهجومية أحادية الاتجاه. وأضاف أن اعتماد واشنطن على هذه التكنولوجيا يخفض المخاطر مقارنة باستخدام الطائرات المأهولة، وقال "نحن نقلب السيناريو على إيران والسلاح الجديد يشكل رادعا أكثر فاعلية".
قوة مهام جديدة لتسريع القدرات الناشئة
وفي سياق مواز، أعلنت القيادة المركزية في أيلول/سبتمبر الماضي إنشاء قوة المهام المشتركة للانتشار السريع برئاسة كبير مسؤولي التكنولوجيا لديها، بهدف تسريع إدخال القدرات الناشئة إلى القوات المنتشرة. وتعمل القوة على تنسيق جهود الابتكار بين مختلف الأفرع العسكرية في مجالات القدرات والبرمجيات والدبلوماسية التقنية.
وتتوافق مهمة قوة المهام "ضربة العقرب" مع محور القدرات داخل هذه المبادرة، ويتولى تنفيذها عناصر من قيادة العمليات الخاصة – القيادة المركزية، في خطوة تعكس الطبيعة الحساسة للمهام الموكلة للسرب الجديد.
سرب خارج هيكل الأفرع التقليدية
أفادت القيادة المركزية الأميركية بأن السرب الجديد لا يتبع الجيش أو البحرية أو سلاح الجو، بل تديره وحدة مشتركة للعمليات الخاصة تعمل مباشرة تحت قيادة "سنتكوم"، ما يمنحها مرونة أكبر في تنفيذ المهام وتحديث القدرات بعيدا عن الهيكلية التقليدية للأفرع العسكرية.
طائرات منخفضة الكلفة تعيد تشكيل المشهد العسكري
وتشير التقديرات الأميركية إلى أن الطائرات منخفضة الكلفة أصبحت عاملا أساسيا في إعادة تشكيل موازين القوة العسكرية في الشرق الأوسط وأوكرانيا على السواء، وأن اعتماد واشنطن على طائرات LUCAS المبنية على أساس طائرة شاهد يمثل تحولا استراتيجيا يتيح لها مواجهة الخصوم بالأدوات نفسها ولكن بتقنيات محسّنة وبسرعة إنتاج أكبر.