لا تزال تتكشف تفاصيل جديدة حول المكالمة التي جمعت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برئيس فنزويلا نيكولاس مادورو، وهي مكالمة حاولت واشنطن من خلالها الدفع نحو مخرج سياسي ينهي حكم الرئيس الفنزويلي، قبل أن تنهار الخطة بسبب شروط اعتبرتها الإدارة الأمريكية غير مقبولة.
بحسب مصادر تحدثت إلى صحيفة "ذا تلغراف" البريطانية، طلب مادورو الاحتفاظ بـ200 مليون دولار من ثروته الخاصة، والحصول على عفوٍ يشمل كبار مسؤوليه، إضافة إلى ضمان مأوى آمن في دولة صديقة، كجزء من اتفاق يتيح له التنحي والفرار.
وذكرت المصادر التي اطلعت على فحوى المكالمة التي استمرت 15 دقيقة بين الزعيمين أنّ الخطة انهارت عندما أصرّ مادورو على عفو شامل لما يصل إلى 100 من كبار معاونيه.
وخلال الاتصال، برز خلاف آخر بين الطرفين حول شكل الحكومة الانتقالية المقترحة، إضافة إلى الجهة التي يمكن أن تستقبل مادورو بعد مغادرته فنزويلا. ووفق أحد المصادر، اقترح ترامب أن تكون الصين أو روسيا وجهة محتملة للرئيس الفنزويلي، فيما فضّل الأخير دولة صديقة مثل كوبا.
وخلال النقاش، قدّم ترامب خيارًا مخففًا للخروج الآمن، يشمل العفو عن مادورو وزوجته وابنه، والسماح له بمغادرة البلاد فور موافقته على الاستقالة. وتشير المصادر إلى أنّ جزءًا من التفاوض دار حول رغبة مادورو في ضمان حياة مريحة له في المنفى.
لكن هذه المسألة لم تُشكّل العقدة الأساسية، فبحسب المصادر ذاتها تمثلت المعضلة الأكبر في إصرار مادورو على منح العفو لعشرات من حاشيته المقربة، وعلى أن يتولى حلفاؤه إدارة حكومة انتقالية تشرف لاحقًا على انتخابات حرّة.
ونقل أحد المطلعين على المكالمة أن مادورو "كان بين المطرقة والسندان"، خشية تعرض مقربين منه للمحاسبة إذا وافق على صفقة لا تشملهم، غير أنّ هذا الطلب بدا غير مقبول إطلاقًا للجانب الأمريكي.
تصعيد أمريكي متسارع
منذ المكالمة التي جرت في 21 تشرين الثاني/أكتوبر، صعّد ترامب ضغوطه على حكومة كاراكاس، خصوصًا مع حشد الولايات المتحدة أسطولًا من السفن الحربية في البحر الكاريبي. وقال ترامب الثلاثاء إنه بات قريبًا من إطلاق ضربات داخل الأراضي الفنزويلية، مضيفًا: "نحن نعرف أين يعيش السيئون، وسنبدأ ذلك قريبًا جدًا".
وفي آب/أغسطس، ضاعفت واشنطن المكافأة المالية للقبض على مادورو، إذ عرضت 50 مليون دولار مقابل معلومات تقود إلى توقيفه بتهم مرتبطة بالاتجار بالمخدرات. وفي موازاة ذلك، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الثلاثاء أن مادورو بات يعتمد بشكل متزايد على حراس كوبيين، وأنه ينام في مكان مختلف كل ليلة.
وتُظهر الوقائع التي تلت المكالمة أنّ مادورو يواجه عزلة متنامية وضغطًا أمريكيًا غير مسبوق، فيما يتزامن ذلك مع مخاوف شخصية واضحة من الانتقام أو الاستهداف، ما يجعله، وفق مصادر متعددة، في وضع حرج يوازن فيه بين الحفاظ على السلطة وتأمين مخرج آمن له ولحلقته الضيقة.