سياسات ترامب تدفع الطلاب بعيداً عن أمريكا.. وأوروبا وآسيا تحصدان الثمار

نقلت مجلة فوربس عن مسح دولي جديد أن الجامعات الأمريكية تفقد جاذبيتها لدى الطلاب الدوليين، في ظل توجُّه متزايد نحو أوروبا وآسيا، مدفوعٍ جزئيًّا بسياسات الهجرة والتأشيرات التي تبنتها إدارة ترامب.

ويُعدّ هذا التحوّل مؤشراً على تغيُّر هيكلي في خريطة التعليم العالي العالمي، حيث تصبح القارة الآسيوية والأوروبية وجهات بديلة تنافسية، بينما تواجه المؤسسات الأمريكية والكندية تراجُعاً غير مسبوق في أعداد الطلاب الأجانب.

بينما سجّلت أغلب مناطق العالم نموّاً في تسجيل الطلاب الدوليين خلال خريف 2025، ظلّت الولايات المتحدة وكندا استثناءً لافتًا. ففي أمريكا، انخفضت التسجيلات الجديدة بنسبة 6% على مستوى البكالوريوس و19% في الدراسات العليا. أما في كندا، فبلغ التراجع 36% في البكالوريوس و35% في الدراسات العليا.

في المقابل، نمت أعداد الطلاب الدوليين في آسيا بنسبة 8% (بكالوريوس) و3% (دراسات عليا)، وفي أوروبا بنسبة 1% و5% على التوالي، بينما سجّلت الجامعات البريطانية زيادات بنسبة 3% في كلا المستويين.

بيانات العينة: 461 جامعة من 63 دولة

استند التقرير المنشور في فوربس إلى "مسح معيار التسجيل العالمي" (Global Enrolment Benchmark Survey)، الذي أجرته بالشراكة كلٌّ من جمعية نافسا (NAFSA)، واختبار أكسفورد الإنجليزي، ومنصة Studyportals.

وشملت العينة 461 جامعة من 63 دولة قدّمت بيانات ذاتية بين أغسطس وأكتوبر 2025، منها: 201 جامعة أمريكية، و133 أوروبية، و39 من المملكة المتحدة، و20 من كندا، و26 من آسيا، إضافةً إلى 42 مؤسسة من أمريكا الجنوبية وأستراليا والشرق الأوسط.

وأفادت فوربس أن 48% من الجامعات الأمريكية أبلغت عن تراجع في قبولات البكالوريوس الدوليين الجدد لخريف 2025، مقابل 63% سجّلت انخفاضاً في برامج الدراسات العليا.

وكان الوضع أكثر حدة في كندا، حيث أفادت 82% من جامعاتها بتراجع في تسجيلات البكالوريوس، و71% في الدراسات العليا.

ردود فعل الجامعات: تنويع وتخفيضات وتحول رقمي

وارتفعت نسبة المؤسسات العالمية التي تصف قيود التأشيرات والسياسات الهجرية بـ"المشكلة الكبرى" من 51% في 2024 إلى 68% في 2025. وفي الولايات المتحدة، قفزت النسبة من 58% إلى 85%، بينما أفاد 90% من المؤسسات الكندية بأن هذه العوائق باتت العائق الرئيسي أمام الطلاب الدوليين.

وفي مواجهة هذا الواقع، تتوقّع 36% من الجامعات الأمريكية البحث عن أسواق طلابية جديدة، فيما تتوقّع 28% فرض تخفيضات في الميزانيات، و26% تعتزم التوسع في البرامج الدراسية عبر الإنترنت.

وعلّق فانت أو، المدير التنفيذي والرئيس التنفيذي لجمعية نافسا، قائلاً: "نحن نمرّ بأحد أكثر اللحظات ديناميكيةً في مجال التعليم الدولي، مدفوعين إلى حدٍّ كبيرٍ بالتغيُّرات في سياسات التأشيرات والهجرة الأمريكية".

وأضاف: "إن التداعيات المترتبة على هذه التغييرات تطال حرم الجامعات والمجتمعات حول العالم، وتستدعي هذه اللحظة من مؤسسات التعليم العالي أن تكون مرنةً وواعيةً بشكلٍ عميقٍ باحتياجات طلابها".

وقال:"كما تستدعي منا جميعاً، كمنظومةٍ متكاملة، مواصلة الضغط على صانعي السياسات من أجل ضمان مزيدٍ من الاتساق والوضوح طوال رحلة الطالب الدولي".

مؤشرات تكميلية: من التوقعات إلى الطلبات المبكرة

وفي وقتٍ سابق من 2025، توقّعت نافسا أن تفقد الجامعات الأمريكية ما يصل إلى 150 ألف طالب دولي هذا الخريف. ورغم غياب الأرقام النهائية، كشف تقرير من معهد التعليم الدولي أن الانخفاض في التسجيلات الجديدة بلغ 17%، مع تراجع إجمالي طفيف (1%) في العدد الكلي للطلاب الدوليين.

وبينما أفادت 29% من المؤسسات بزيادة في التسجيلات الجديدة، أشارت 57% إلى انخفاض، و14% إلى استقرار.

ومن منصة Common App، تبين أن طلبات الطلاب المحليين ارتفعت بنسبة 7%، بينما انخفضت طلبات الطلاب الدوليين بنسبة 9% — تراجعٌ لافت مقارنةً بالزيادة التي بلغت 5% في نفس الفترة من دورة القبول 2024–2025.

ويُشير هذا التحوّل السريع إلى أن تداعيات السياسات الأمريكية قد تُعيد رسم ملامح التعليم العالي الدولي لسنوات قادمة.