حذرت دراسة طبية من مخاطر خفية لمشروبات الطاقة بعدما تسببت عادة الإفراط في استهلاكها بسكتة دماغية لرجل سليم دون عوامل خطر تقليدية.
كشفت دراسة طبية حديثة عن مخاطر صحية "خفيّة" لاستهلاك مشروبات الطاقة، بعد أن تسببت عادة شرب 8 علب يومياً لرجل بريطاني في إصابته بسكته دماغية، على الرغم من تمتعه بصحة جيدة وخلوّه من عوامل الخطورة التقليدية.
ونشرت مجلة بي إم جيه كيس ريبورتس الطبية تفاصيل الحالة التي تؤكد أن المشروبات الغنية بالكافيين ليست "حميدة" كما يعتقد كثيرون.
وأدخل الرجل (50 عاماً) إلى المستشفى بعد شعور مفاجئ بالخدر في الجانب الأيسر من جسده وفقدان التوازن. وسجّلت قراءة ضغط دمه 254/150 مم زئبق — وهو مستوى يصنّف كحالة طارئة، إذ يُعد الضغط الطبيعي 120/80، وتفوق عتبة الأزمة 180/120.
وأكدت الفحوصات لاحقاً إصابته بجلطة دماغية خفيفة. وبقي تحت الملاحظة ثلاثة أيام، ثم خرج مُتلقّياً أدوية لخفض الضغط ومنع تكرار الحالة.
غموض طبي يستمر 3 أشهر
وطوال فترة المتابعة التي استمرت ثلاثة أشهر، ظل ضغط دمه مرتفعاً بشكل خطير رغم الالتزام بالأدوية، ما استدعى إعادة إدخاله للمستشفى.
وعندما فشلت التحاليل في الكشف عن أي سبب عضوي — لا اضطراب تخثر، لا تشوه وعائي، لا تاريخ عائلي — قرر الفريق إجراء مراجعة مفصلة لنمط حياته. فكشف الرجل أنه يستهلك يومياً ثمانية مشروبات طاقة، تحتوي كل منها على 160 ملليغراماً من الكافيين، ليصل مجموع استهلاكه إلى 1.3 غرام من الكافيين يومياً — أكثر من ثلاثة أضعاف الحد الآمن (400 ملليغرام).
لا سبب آخر يمكن تحديده
وكان الرجل لا يدخن، ولا يشرب الكحول، ولا يعاني من السمنة أو الأمراض المزمنة. وقالت مارثا دويل، طبيبة السكتات الدماغية في مستشفيات جامعة نوتنغهام التابعة لـNHS Trust: "مشروبات الطاقة لا تُنظر إليها على نطاق واسع باعتبارها خطرة من ناحية المخاطر القلبية الوعائية... لكن الجمهور لا يدرك المخاطر الأقل وضوحاً التي تطرحها".
وأضاف كويل، أحد مؤلفي الدراسة: "نُعزِي جلطة هذا المريض إلى تأثير استهلاكه لمشروبات الطاقة، لأننا استبعدنا عبر تحقيقات شاملة باستخدام طرق تشخيصية متعددة أي سبب آخر يمكن تحديده".
تحسّن ملحوظ بعد أسبوع من الإقلاع
بعد أن وافق الرجل على الإقلاع تماماً عن هذه المشروبات، بدأ ضغط دمه بالانخفاض خلال أسبوع، وعاد إلى مستويات طبيعية حتى بعد سحب أدوية خفض الضغط — وهو ما اعتبره الأطباء دليلاً إضافياً على العلاقة السببية. وبعد ثماني سنوات من الحادث، لم يُسجّل أي تكرار للجلطة، ويظل ضغط دمه مستقراً.
رغم ذلك، كتب الرجل في شهادة شخصية نُشرت مع التقرير: "لم أكن أدرك المخاطر التي كانت تسببها لي مشروبات الطاقة. بقيت أعاني من خدر في يدي وضلعي الأيسر، قدمي وأصابع قدمي، حتى بعد مرور ثمانية أعوام".
ويشير الباحثون إلى أن الكافيين ليس الخطر الوحيد، إذ قد تضخّم مكونات مثل التورين والجينسنغ تأثيره، بينما يحتوي الغوارانا على كافيين غير مصرّح به.
وذكّروا بأن مشروب "الليمونادة المشحونة" من سلسلة "بانيرا بريد" رُبط بحالتَي وفاة قلبيّة في الولايات المتحدة بين 2022 و2023، ما دفع الشركة إلى سحبه من قوائمها بحلول منتصف 2024.
وقال كويل: "لا يمكننا أن نستنتج من حالة واحدة ما إذا كان يجب التدخل تنظيمياً، لكن الناس لهم الحق في معرفة المخاطر المرتبطة بما يستهلكونه".