صيف استثنائي عاشته إسبانيا هذا العام، بعدما اجتاحت البلاد موجات حرّ متطرفة رفعت حصيلة الوفيات إلى أرقام قياسية، وسط تحذيرات علمية متكررة من أثر التغير المناخي على الحياة البشرية.
أعلنت وزارة الصحة الإسبانية أن عدد الوفيات المرتبطة بالحرّ بين 16 أيار/مايو و30 أيلول/سبتمبر بلغ 3832 حالة، بزيادة نسبتها 87.6% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024. وأوضحت أن غالبية الضحايا تجاوزوا سن الخامسة والستين، فيما شكّل من تخطّوا الـ85 عامًا نحو ثلثي العدد الإجمالي.
وأكّد التقرير أن 25 شخصًا قضوا بضربة شمس، في حين تركزت معظم الوفيات على خلفية أمراض القلب والدماغ التي فاقمها الضغط الحراري الشديد. وقد شملت بعض الحالات أشخاصًا أصغر سنًا، إمّا تعرّضوا للحرّ في أماكن عملهم، أو أثناء القيام بنشاطات ترفيهية، أو عاشوا بمفردهم في منازل تفتقر إلى التهوئة والتكييف.
موجات حرّ قياسية وأرقام غير مسبوقة
بحسب بيانات نظام مراقبة الوفيات (MoMo) في إسبانيا، الذي يعتمد على مقارنة الوفيات اليومية بالسجلات التاريخية إلى جانب بيانات الطقس من وكالة الأرصاد الجوية الوطنية (AEMET)، سجّلت البلاد 870 موجة حرّ شديدة خلال الصيف الحالي، مقارنة بـ501 موجة العام الماضي. ومن أبرزها موجة استمرت عشرة أيام بارتفاع بلغ ثلاث درجات مئوية فوق المعدل التاريخي، واعتُبرت من بين الأطول والأكثر تطرفًا.
كما شهد شهر آب/أغسطس موجة حرّ استمرت 16 يومًا، وصفتها الوكالة بأنها "الأشد على الإطلاق"، إذ تجاوز متوسط حرارتها المعدل الطبيعي بـ4.6 درجات مئوية، متخطية الرقم القياسي السابق في تموز/يوليو 2022. وقد أدّت هذه الموجة إلى اندلاع حرائق غابات خلّفت أربعة قتلى ودمرت مساحات واسعة من الأراضي.
التغير المناخي والحرارة
وفقًا لـ AEMET، بلغ متوسط الحرارة هذا الصيف 24.2 درجة مئوية، وهو الأعلى منذ بدء تسجيل البيانات عام 1961، وصُنِّفت 33 يومًا من أصل 90 يومًا صيفيًا على أنها موجات حرّ. وتشير السجلات إلى أن تسعة من بين أكثر عشرة فصول صيف حرارة في إسبانيا منذ ستينيات القرن الماضي حدثت في القرن الحادي والعشرين.
ولم تكن إسبانيا وحدها في مواجهة الخطر، إذ عانت بريطانيا واليابان وكوريا الجنوبية هذا العام أيضًا من أشد مواسمها حرارة منذ بدء سجلاتها، ما يعكس اتساع رقعة الظواهر المناخية المتطرفة حول العالم بفعل الاحترار العالمي الناجم عن النشاط البشري.