أين أصبح الحلف الغربي بعد 75 عاما من إنزال النورماندي؟

أحد الضباط الذين شاركوا في إنزال النورماندي في نهاية الحرب العالمية الثانية
أحد الضباط الذين شاركوا في إنزال النورماندي في نهاية الحرب العالمية الثانية Copyright رويترز
بقلم:  Hassan Refaei
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

75 عاما مرت على إنزال النورماندي الذي شكل إيذانا ببداية مسار دحر النازية. سنوات كان فيها الحلف الغربي في أوج قوته. لكن مع مرور السنوات وتغير المقاربات والسياسات وتعاقب الحكومات، أصبح السؤال عما آل إليه هذا الحلف أكثر إلحاحا. فما الذي تغير وما مدى تأثير إدارة الرئيس ترامب على واقع هذا الحلف؟

اعلان

تحلّ ذكرى إنزال النورماندي هذا العام، فيما يُسمع قرعُ ناقوس خطر ما برح يتردد صداه في أرجاء القارة العجوز التي أنهكتها حروب النصف الأول من القرن الماضي، وما أن استعادت أوروبا عافيتها بعد الحرب العالمية الثانية وشقّت الطريق نحو التقدم والازدهار والرخاء وعالمٍ يخلو من الحروب والدمار، حتى لاح في الأفق ثمّة ما يثير الريبة، هذا الارتياب الذي جاء على خلفية التوتّر الذي أحدثه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بين بلاده والحلفاء الأوروبيين التقليديين بشأن العديد من الملفات.

منطقة النورماندي التي تغفو على الساحل الشمالي لفرنسا، تستيقظ اليوم لتحيي الذكرى الخامسة والسبعين ليوم إنزال النورماندي الذي يعدّ أكبر عملية إنزال في التاريخ، هذا الإنزال الذي شكّل رأس حربة امتدّت لتقطع دابر النازية في بلجيكا وهولندا وفرنسا، ثمّ امتدت بعيداً إلى برلين، لتقسط النازية في معقلها ويرتسم ملامح النصر الذي تجلى بتحرير أوروبا وإنهاء الحرب العالمية الثانية وإرساء دعائم نظامٍ عالمي ينشد السلام والاستقرار.

يقول الوزير السابق وعضو البرلمان الألماني عن الحزب الديمقراطي المسيحي نوربرت روتين: "يبدو أننا قد تجاوزنا تلك المدّة الزمنية التي شهدنا فيها كيف أن قوات الحلفاء تعبر الأطلسي كقوة واحدة موحدة تحت قيادة الولايات المتحدة نحو تشكيل نظام دولي يلتزم بالقيم ويضمن المصالح".

ويتابع روتين بالقول: لقد قال ترامب بشكل متعمد وطوعي،"لن أكون قائد العالم الحر"، ويضيف روتين: "لقد استبدل (ترامب) الدور القيادي الدولي والفريد من نوعه لسياسات أميركا الأولى".

حلف شمال الأطلسي، منذ تأسيسه في العام 1949 عمل على إرساء دعائم السلام والاستقرار النسبي في أوروبا، وعلى الرغم من ذلك، يتلقى الحلف نقداً لاذعاً من قبل ترامب، علماً أن "الناتو" يضمّ 29 دولة من أمريكا الشمالية وأوروبا، وقد تشكّل بعد الحرب العالمية الثانية رداً على السياسات والتحالفات السوفييتية حينها، ويعد الحلف أحد أهم دعائم السلام والاستقرار في العالم.

واتخذ البيت الأبيض في عهد ترامب موقفاً صارماً بشأن العلاقات التجارية بين ضفتي الأطلسي، حيث فرض رسوماً على الصلب والألومنيوم الذي تستورده بلاده من الحلفاء الأوروبيين، كما عمل ترامب على انسحاب بلاده من اتفاق باريس للمناخ وأيضاً من الاتفاق النووي التاريخي مع إيران، هذا الاتفاق الذي ما انفكت تلتزم به الدول الأوروبية، وذهب ترامب إلى أبعد من ذلك عندما وصف أوروبا بـ"العدو" وأعرب عن دعمه لمغادرة المملكة المتحدة للاتحاد الأوروبي.

وأثارت إدارة ترامب حفيظة الكثير من البلدان الأوروبية على خلفية دعمه لزعماء قوميين ويمينيين متطرفين، كما هو حال رئيس الحكومة المجرية فيكتور أوربان، إضافة إلى ذلك دعم ترامب الاستبداد في أكثر من مكان في العالم، مقدّماً مصالح بلاده على القيم والمبادئ التي يتأسس عليها السلم والاستقرار في العالم.

إحياء للذكرى الـ75

وكانت مدينة بورتسموث شهدت صباح اليوم الأربعاء احتفالاً رسمياً حاشداً بحضور ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية وعدد كبير من رؤساء الدول والحكومات، من بينهم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي والرئيسان الأمريكي دونالد ترامب والفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء الكندي غاستن ترودو لإحياء هذه الذكرى التي تشكّل علامة بارزة في التاريخ الإنساني.

مراسم إحياء ذكرى إنزال النورماندي ستتواصل بعد ظهر اليوم وغداً الخميس في شواطئ النورماندي، بمشاركة ترامب وعدد من الزعماء الأوروبيين.

إنزال النورماندي

عملية إنزال النورماندي التي تمّت في السادس من شهر حزيران/يونيو من العام 1944 كان قادها الجنرال الأمريكي دوايت إزنهاور (قبل أن يتوّلى الرئاسة في بلاده)، واستقدم حينها الحلفاء قوات لهم من كندا والولايات المتحدة وأستراليا ومستعمرات فرنسا في أفريقيا ومن آسيا أيضاً، فيما تؤكد الوثائق أن الحلفاء تمكنوا خلال ستة أشهر من استنفار نحو مليوني جندي ومئات الآلاف من الدبابات والمدرعات والمركبات العسكرية.

وبدأت العملية بإنزال مظلي شارك فيه عشرات الآلاف من العسكريين الذي قاموا بتأمين الشواطئ التي تم تحديدها لإنزال أكثر من ربع مليون عسكري هؤلاء كانوا أبحروا من مدينة بورتسموث البريطانية إلى الشواطئ الفرنسية وسط غطاء جوية شارك فيها آلاف الطائرات العسكرية، وما أن حطّت أقدام الجنود في البر الفرنسي حتى بدأت النازية بالانحسار شيئاً فشيئاً إلى أن تلاشت من الواقع، فيما بقيت في الذاكرة الإنسانية كواحدة من أبشع الظواهر التي شهدتها البشرية.

D-Day then and now

نا

للمزيد في "يورونيوز":

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

كما نزلا أول مرة... بريطانيان في ال 94 يقفزان بالمظلات ويعيدان أمجاد النورماندي

75 عاما على يوم النصر.. ذكرى إنزال قوات الحلفاء على سواحل نورماندي

هتلر نجا من الحرب العالمية الثانية وعاش في كولومبيا حسب وثائق لدى "سي آي إيه"