هل تتعارض إلزامية التلقيح ضد كورونا مع أحكام الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان؟

هل تتعارض إلزامية التلقيح ضد كورونا مع أحكام الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان؟
Copyright DANIEL MUNOZ/AFP
Copyright DANIEL MUNOZ/AFP
بقلم:  يورونيوز
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

تقوم الدول الأوروبية بتكثيف حملاتها لتطعيم مواطنيها ضد وباء كورونا، وسط تزايد أعداد المصابين، لكن وراء ذلك كله، يقبع جدل إلزامية التطعيم، حسب اللوائح القانونية لكل بلد أو من منطلق مقتضيات الهيئات القضائية الأوروبية وأحكام الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان

اعلان

تقوم الدول الأوروبية بتكثيف حملاتها لتطعيم مواطنيها ضد وباء كورونا، وسط تزايد أعداد المصابين، لكن وراء ذلك كله، يقبع جدل إلزامية التطعيم، حسب اللوائح القانونية لكل بلد أو من منطلق مقتضيات الهيئات القضائية الأوروبية وأحكام الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان . وفي هذا الصدد لقد أثار إعلان المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إلزامية التطعيم الأسبوع الماضي، جدلا كبيرا داخل دول التكتّل.

فقد قالت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إن التطعيم الإلزامي "ضروري في مجتمع ديموقراطي" وذلك في حكم صدر الخميس (8 ابريل/نيسان 2021) عن الغرفة الكبرى وهي هيئتها العليا. قرار المحكمة جاء بعد أن لجأ إليها آباء لأطفال رفضت دور حضانة قبولهم لعدم تلقيهم لقاحات ضد كورونا في الجمهورية التشيكية. ورأت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في حكمها أن التطعيم الإلزامي للأطفال في جمهورية التشيك ضد تسعة أمراض (الدفتيريا والتيتانوس وشلل الأطفال ) لا يشكل انتهاكًا لأحكام الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن "الحق في احترام الحياة الخاصة".

وشددت على أن سياسة التطعيم تسعى إلى تحقيق الأهداف المشروعة المتمثلة في حماية الصحة وحقوق الآخرين، من حيث أنها تحمي كلاً من الذين يتلقون اللقاحات المعنية والذين لا يمكن تطعيمهم لأسباب طبية.

ويقول أنطوان بويز ، أستاذ القانون في جامعة أوتريخت الهولندية : "إذا كان قرار القضاة لا يتعلق فقط بـكوفيد-19 فقد يكون لهذا الحكم صدى لدى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ، ولا سيما تلك التي تواجه شكوكًا قوية من سكانها" مضيفا "تؤكد هذه الحالة أنه عندما تنظم الدول حملة التلقيح الخاصة بها ، يجب عليها أن تضع في حسبانها سياقات مختلفة. ليس فقط بالاعتبار بمصالح الأفراد الذين قد لا يرغبون في التلقيح ، ولكن أيضًا المصالح العامة للأشخاص الآخرين الذين يمكن حمايتهم من خلال التطعيم ضد كورونا"

إيطاليا هي أول دولة عضو في الاتحاد الأوروبي تفرض التطعيم على العاملين في مجال الرعاية الصحية.ويخاطر الرافضون للإجراء بالإيقاف عن العمل بدون أجر إذا رفضوا التلقيح .. لكن الأصوات تتعالى اليوم بشأن ما إذا كان هذا الالزام بالتطعيم مبررًا ، خاصة إذا كان الوصول للتطعيم متاحا لجميع المواطنين.

بداية الشهر الجاري، أصدر رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي مرسوماً مدّد بموجبه لغاية 30 نيسان/أبريل العمل بالتدابير السارية لمكافحة كوفيد-19، بما في ذلك إغلاق المطاعم والمتاجر والمتاحف. ويفرض المرسوم الجديد إلزامية تطعيم العاملين الصحيّين ضدّ الفيروس، لكنّه يبقي على المدارس الابتدائية مفتوحة، كما يترك الباب مفتوحاً أمام إمكانية تخفيف هذه القيود قبل نهاية نيسان/أبريل إذا ما تحسّن الوضع الوبائي في البلاد.

وفي هذا الصدد يقول جيريمي وارد ، أستاذ علم الاجتماع في المعهد الوطني للصحة والبحوث الطبية بباريس: "لا يمكنك جعل اللقاح إجباريًا للذهاب ، على سبيل المثال ، إلى السوبر ماركت أو الحانة، إذا كان نصف عدد السكان لا يحصلون على اللقاحات".

أظهر مسح تم إجراؤه في بداية العام النظرة المختلفة جدًا للمواطنين الأوروبيين فيما يتعلق بالتطعيم ضد كورونا. بينما تؤيد أغلبية في إسبانيا وإيطاليا مبدأ فرض التطعيم ، يعارضه أكثر من 50٪ من الفرنسيين والألمان.

بالإضافة إلى هذا الجدل ،يبدي عدد من البلدان شكوكًا حيال لقاح أسترازينيكا الذي طورته الشركة مع جامعة أكسفورد بعد حالات خطيرة من الجلطات الدموية، وقرر البعض عدم إعطاء هذا اللقاح لمن هم دون سن معينة. وقررت النرويج والدنمارك تعليق استخدام لقاح أسترازينيكا تمامًا في الوقت الحالي.

ومن ثم، أعلنت هولندا تعليق إعطاء اللقاح مؤقتًا لمن تقل أعمارهم عن 60 عامًا، بعد قرار مماثل اتخذته ألمانيا . واتخذت قرارا مماثلًا كل من كندا وفرنسا بتحديد السن بأكثر من 55 عامًا والسويد وفنلندا بأكثر من 65 عامًا. وجاء الأمر، بعد أن أكد مسؤول في وكالة تنظيم الأدوية الأوروبية وجود "صلة" بين لقاح أسترازينيكا وحالات تجلط الدم التي لوحظت بعد أخذه، في مقابلة مع صحيفة إل مساجيرو الإيطالية نشرت الثلاثاء الماضي.

و يقول جيريمي وارد: "إذا كان لديك الكثير من الأشخاص المترددين والذين من المفترض أن يتم تطعيمهم بلقاح أسترازينيكا فسوف نواجه صعوبات هائلة في تطعيمهم".

في فرنسا ، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن بلاده تحضر لحملة تلقيح عامة في البلاد ضد فيروس كورونا "بين نيسان/أبريل وحزيران/يونيو"، بعد حملة أولى خصصت للأشخاص الأكثر حاجة مضيفا حينها أن"الحملة "لن تكون عبارة عن استراتيجية تلقيح إلزامي بل استراتيجية مبنية على القناعة والشفافية".

وأوصت السلطات الصحية الفرنسية بإعطاء أولوية التلقيح للمقيمين في دور الرعاية، محددة بذلك نقطة انطلاق حملة حساسة للحكومة التي عليها إقناع العديد من المشككين باللقاحات في فرنسا بأخذ لقاح فيروس كورونا المستجد، وضمان استراتيجية خالية من الثغرات.

في استبيان أجرته يورونيوز أكتوبر/تشرين الأول، قال حوالي ثلث الفرنسيين فقط: إنهم موافقون على تلقي تطعيم ضد فيروس كورونا بينما قال 63٪ من البريطانيين إنهم سيأخذون اللقاح يليهم الألمان بنسبة 57٪ و 55٪ من الإيطاليين. في غضون ذلك ، يفضل أكثر من 40٪ من الإسبان عدم تلقيحهم على الإطلاق بأي لقاح ، وفقًا لمسح آخر أجراه مركز البحوث الاجتماعية في إسبانيا.

تمكين المواطنين من تلقي اللقاح أو فرضه يثير في حد ذاته معضلة للحكومات والهيئات الصحية في أي بلد، نظرا لأن فعالية اللقاح تعتمد على توافر نسبة عالية من الأشخاص الذين يتلقونه، فماذا يحدث إذا رفضت أعداد كبيرة من السكان تلقي اللقاح؟

يعتقد الخبراء أن التطعيم الإجباري ضد كوفيد -19 يبدو غير مرجح في الوقت الحالي. ولكن إذا كان جزء متزايد من السكان مترددًا في تلقي التطعيم ، فقد تلجأ السلطات الصحية إلى خيارات أخرى تهدف إلى منع استشراء الوباء عبر آلية تعبئة تهدف إلى الحث على التطعيم ضد كورونا على الأقل لمن هم أكثر عرضة للإصابة بالوباء ، على الاقل ممن يمارسون نشاطات مهنية في قطاعات بعينها، مثل العاملين في دور رعاية المسنين.

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

وزير فرنسي يعتبر أن إعلان ألمانيا احتمال شراء لقاح سبوتنيك-في عملية "إعلامية"

بتهمة استخدام شعارات نازية.. بدء محاكمة سياسي يميني في ألمانيا

حاولا عرقلة المساعدات العسكرية لأوكرانيا.. ألمانيا تعتقل رجلين بتهم التجسس لصالح روسيا