محادثات دولية في موسكو حول أفغانستان بحضور طالبان
دعت روسيا والصين وإيران الأربعاء إلى العمل مع سلطة طالبان في أفغانستان من أجل ضمان "استقرار" المنطقة العرضة إلى مخاطر كبيرة على صعيد الأمن.
وفي محادثات مع طالبان عُقدت في موسكو وشاركت فيها وفود من عشر دول إقليمية، دعا المجتمعون الحركة إلى انتهاج "سياسات معتدلة" في شؤون أفغانستان الداخلية والخارجية، وفق إعلان مشترك نُشر في ختام المحادثات.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أقر سابقاً الأربعاء بما تبذله حركة طالبان من "جهود" لتحقيق الاستقرار في أفغانستان، مشيراً إلى أن الخطر "الإرهابي" القادم من البلاد يهدد المنطقة بأسرها.
وقال لافروف خلال محادثات دولية أولى في موسكو مع الحكام الجدد لأفغانستان "نعترف بالجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار في الوضع السياسي العسكري"، مشيراً إلى أن "هناك خطرا حقيقيا ... لامتداد النشاطات الإرهابية وتهريب المخدرات ... إلى أراضي البلدان المجاورة".
واستضافت روسيا هذا الأربعاء محادثات دولية حول أفغانستان بحضور حركة طالبان، سعيا لتأكيد نفوذها في آسيا الوسطى والدفع في اتجاه التحرك ضد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية الذين يحتشدون بحسب قولها في هذا البلد الهش.
المحادثات التي شارك فيها مسؤولون من عشر دول بينها الصين وباكستان، هي أحد أهم اللقاءات الدولية التي تحضرها طالبان منذ وصولها الى السلطة في منتصف آب/اغسطس.
وتأتي بعدما حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي من أن مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية يحتشدون في أفغانستان لنشر اضطرابات في الجمهوريات السوفياتية السابقة الواقعة على حدود روسيا.
ويرأس وفد طالبان نائب رئيس الوزراء عبد السلام حنفي وهو شخصية بارزة في القيادة الأفغانية الجديدة سبق أن أجرى محادثات مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأسبوع الماضي.
وتأتي هذه اللقاءات بعد محادثات جرت بين طالبان ومسؤولين أتراك في أنقرة. بدورها، تعهدت بروكسل بتقديم مليار يورو لتجنب أزمة إنسانية بعد استيلاء الحركة على السلطة.
وأعلنت وزارة الخارجية الروسية الثلاثاء أن أحد أهداف لقاء موسكو هو تعزيز "جهود المجموعة الدولية لمنع أزمة إنسانية". وقالت موسكو إن تشكيل "حكومة جامعة" سيكون على جدول أعمال اللقاء وإن المشاركين سيصدرون بيانا مشتركا في ختام المحادثات.
وسبق أن استضافت موسكو ممثلين عن حركة طالبان مرات عدة في السنوات الماضية رغم أن الحركة مصنفة "منظمة إرهابية" في روسيا.
قلق
عبر مسؤولون روس كبار بينهم بوتين عن قلق بشأن الأمن منذ تولي طالبان السلطة في أفغانستان وانسحاب القوات الأجنبية بعد تواجد استمر نحو 20 عاما. وحذر الرئيس الروسي الأسبوع الماضي من أن نحو ألفيْ مقاتل موالين لتنظيم الدولة الإسلامية تدفقوا الى شمال أفغانستان مشيراً إلى أن قادتهم يخططون لإرسالهم إلى دول آسيا الوسطى المجاورة للتنقل كلاجئين.
ولفت بوتين إلى أن قادة تنظيم الدولة الإسلامية في أفغانستان يسعون لتوسيع نطاق نفوذ المجموعة المتطرفة في أنحاء دول سوفياتية سابقة في وسط آسيا، وهي منطقة تعتبرها موسكو باحة خلفية لها، لإثارة نعرات دينية وعرقية.
وبعد تولي طالبان السلطة، أجرت روسيا مناورات عسكرية إلى جانب جمهوريات سوفياتية سابقة قريبة من أفغانستان.
وحذر لافروف أيضا من أن تهريب المخدرات من أفغانستان وصل الى مستويات "غير مسبوقة"، وهو قلق عبر عنه الكرملين أيضاً خلال لقاءات مع دول أخرى من آسيا الوسطى والصين.
ورغم مد اليد لطالبان، أوضح مسؤولون روس وبينهم بوتين أن موسكو لا تمضي في اتجاه اعتراف رسمي بالنظام الإسلامي. وقال لافروف "الاعتراف الرسمي لا يجري بحثه وقد تم إعلان ذلك" لكنه لفت إلى أن روسيا وعلى غرار دول أخرى في المنطقة تبقي على اتصالات مع الحركة.
وفي ثمانينات القرن الماضي، خاضت موسكو حرباً كارثية استمرت طويلاً في أفغانستان وأسفرت عن مقتل ما يصل إلى مليوني أفغاني وأجبرت سبعة ملايين على النزوح وأدت إلى مقتل أكثر من 14 ألف جندي سوفياتي.