أصبحت السيدة الفرنسية جيزيل بيليكوت أسوة لكثير من نساء العالم، وصارت مثالا يحتذى من حيث الجرأة والشجاعة، فبعد أن تعرضت للتخدير والاغتصاب، على يد أكثر من 50 رجلا يعتقد أن من بينهم زوجها السابق، قررت ألا تخفي هويتها خلال المحاكمة، ولكن كيف تتأذى الضحايا من العلنية هذه؟ سواء كانت جيزيل أو غيرها.
تتجه محاكمة دومينيك بيليكوت الجنائية البارزة إلى نهايتها. كان قرار السيدة لافتا للنظر، عندما أرادت أن تمثل علنًا أمام المحكمة، والتحدث إلى وسائل الإعلام.
قالت بيليكوت للمحكمة في تشرين الأول/أكتوبر 2024: "لقد قررت ألا أخجل، فلم أرتكب أي خطيئة". وقالت في الشهر نفسه: "إنني أعبر عن إرادتي وتصميمي على تغيير هذا المجتمع، قبل كل شيء".
تعرضت للاغتصاب من زوجها و50 رجلاً: كيف أصبحت جيزيل بيليكوت رمزاً فرنسياً لمكافحة العنف الجنسي؟
في الوقت ذاته، توفر المحاكم في مختلف أنحاء العالم بما في ذلك في فرنسا، تدابير خاصة لحماية هوية وشهادة الناجيات من الاغتصاب. ويحق للشهود المعرضين للخطر في فرنسا وأماكن أخرى الإدلاء بشهاداتهم في إجراءات مغلقة. ولا تسمي وسائل الإعلام الضحايا ولا تحدد هوياتهم عندما تبلغ عن الاغتصاب.
العلنية تهدف لتغيير الثقافة
تهدف هذه التدابير إلى حماية الناجيات من المواجهة مع الجناة وجهاً لوجه، ومن إلقاء اللوم على الضحايا وتشويه سمعتهم. لكن بعض الناجيات قررن تحدي المحاكم وثقافة الاغتصاب والطريقة التي يفهم بها الناس العار في الغالب.
تقول إحدى هؤلاء الناجيات من الاغتصاب في غينيا: "بصفتي محامية سابقة وباحثة في مجال الصوت، أدرس كيف تتحدث الناجيات من الاغتصاب عن العنف الجنسي، داخل المحكمة وخارجها.
تتردد أصداء بعض جوانب قضية بيليكوت مع الأحداث الأخيرة في غينيا، حيث اختارت ناجية من الاغتصاب تدعى فاتوماتا باري الإدلاء بشهادتها على الهواء مباشرة في محاكمة جنائية كبرى في عام 2023.
كانت شهادة باري بارزة في محاكمة موسى داديس كامارا الرئيس السابق لغينيا، وكبار قادته العسكريين. ففي عام 2009، أشرف كامارا على أعمال عنف جماعي ضد أنصار الديمقراطية في العاصمة، حيث قتل جنود غينيا 157 شخصًا واغتصبوا أكثر من 100 امرأة. وأدانت محكمة غينية كامارا وقادة آخرين بارتكاب هذه الجرائم في تموز/ يوليو 2024.
وشملت المحاكمة عشرات الضحايا والشهود الذين أدلوا بشهاداتهم. وفي حين سُمح لضحايا الاغتصاب بالإدلاء بشهاداتهن في جلسات مغلقة، اختارت باري بدلاً من ذلك الإدلاء بشهادتها علناً رغم محاولة إحراجها باستخدام ذلك.
أثر بعيد المدى
هناك أخريات قررن الإدلاء بشهادات علنية بعد النجاة من الاعتداء الجنسي. ونذكر هنا قصة أدجي سار في السنغال، ونيكيتا هاند في إيرلندا.
في السنغال، واجهت سار تهديدات بالقتل منذ عام 2021، عندما اتهمت سياسيًا بارزًا يدعى عثمان سونكو، بالاعتداء عليها. وأكدت اتهاماتها على شاشة التلفزيون بعد شهر، ودعت هي وأنصارها إلى محاكمة تلفزيونية.
تمت تبرئة سونكو من تهمة الاغتصاب في 2023، لكنه أدين بتهمة "إفساد الشباب" بسبب علاقته الجنسية مع سار قبل بلوغها 21 عامًا.
لا بد أن هناك عواقب واضحة على باري وجيزيل بيليكوت وغيرهما ممن اخترن العلنية في التعامل مع الإساءة التي مررن بها. إذ يتم الحديث عن تفاصيل حياتهن الخاصة وتاريخهن كدليل في قاعة المحكمة. ويتم استجوابهن من قبل محامي الدفاع العازمين على إضعافهن.
احتجاجات تعمّ شوارع باريس دعماً لضحايا العنف الجنسي
فمثلا، تعرضت باري للهجوم من قبل الدفاع ومن قبل أشخاص مجهولين عبر الإنترنت ووصفوها بأنها "مجنونة" و"خطيرة"، بينما اعترفت بيليكوت بأن الدعاية كانت قرارًا صعبًا بالنسبة لها لأنها جعلتها تشعر بالانتهاك.