يزور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي السعودية للقاء ولي العهد محمد بن سلمان، في ظل جهود أمريكية لتحقيق تقدم في محادثات السلام مع روسيا. تأتي الزيارة في وقت تسعى فيه واشنطن لاختبار استعداد كييف لتقديم تنازلات لإنهاء الحرب، وسط تصعيد روسي وضغوط على أوكرانيا لاستعادة الدعم الأمريكي.
تستعد أوكرانيا لطرح مقترحها الخاص لوقف إطلاق النار خلال المحادثات مع الولايات المتحدة في السعودية، في محاولة لإبرام اتفاق "المعادن الأرضية النادرة" مع واشنطن، والذي قد يساهم في استئناف المساعدات العسكرية المتوقفة، وذلك بعد التوترات الأخيرة بين زيلينسكي وترامب.
ومن المقرر أن يلتقي وفد أوكراني مع كبار المسؤولين الأمريكيين في السعودية لمناقشة إنهاء الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات مع روسيا.
مقترح أوكرانيا: وقف إطلاق نار جزئي مقابل صفقة المعادن
وبحسب مسؤولين أوكرانيين رفيعي المستوى، فإن الوفد سيطرح وقفًا لإطلاق النار يشمل البحر الأسود والهجمات الصاروخية بعيدة المدى، بالإضافة إلى اتفاق لتبادل الأسرى.
كما كشف المسؤولون، الذين تحدثوا لوكالة أسوشيتد برس بشرط عدم الكشف عن هويتهم، أن أوكرانيا مستعدة خلال المحادثات لتوقيع اتفاق مع الولايات المتحدة يتيح لواشنطن الوصول إلى المعادن الأرضية النادرة الأوكرانية، وهو اتفاق يُولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اهتمامًا خاصًا به.
إصلاح العلاقات بين كييف وواشنطن بعد مواجهة البيت الأبيض
تحاول كييف إصلاح العلاقات مع واشنطن بعد الخلاف العلني الذي حدث خلال زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى البيت الأبيض في 28 فبراير، والتي تحولت إلى مواجهة متوترة على الهواء مباشرة مع ترامب ونائبه جي دي فانس.
توقفت المساعدات العسكرية والاستخباراتية الأمريكية لأوكرانيا منذ ذلك الحين، حيث تسعى واشنطن لدفع كييف نحو اتفاق سلام، مما زاد من الضغوط على زيلينسكي.
ووصل كل من ماركو روبيو، وزير الخارجية الأمريكي، وزيلينسكي إلى جدة بفارق ساعات، لكن لم يكن من المتوقع أن يلتقيا وجهًا لوجه.
بدلًا من ذلك، كان من المقرر أن يجتمعا بشكل منفصل مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مساء الاثنين.
وفي حديثه للصحفيين على متن طائرته، أوضح روبيو أنه ومستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز سيعملان على تقييم موقف أوكرانيا خلال المحادثات في السعودية.
هل ينجح الاتفاق في تحريك محادثات السلام؟
إذا توصلت أوكرانيا والولايات المتحدة إلى تفاهم مقبول لترامب، فقد يساهم ذلك في تسريع جهود إدارته لدفع مفاوضات السلام.
وقال روبيو: "ما نريد معرفته هو: هل لديهم اهتمام حقيقي بالدخول في محادثات سلام؟ وما هي الخطوط العريضة للأمور التي يمكن أن يوافقوا عليها؟ هذه الحرب كانت مكلفة جدًا للأوكرانيين، لقد عانوا كثيرًا، وشعبهم تكبد خسائر فادحة. من الصعب بعد كل ذلك الحديث عن التنازلات، ولكن هذا هو السبيل الوحيد لإنهاء الحرب ومنع المزيد من المعاناة."
وأضاف: "لن أضع أي شروط مسبقة، لكننا نريد معرفة مدى استعدادهم للتفاوض، ثم مقارنة ذلك بما تريده روسيا، لنرى مدى الفجوة بين الطرفين."
من جانبه، قال زيلينسكي إن فريقه الذي سيجتمع مع روبيو يضم مدير مكتبه أندري يرماك، ووزير الخارجية أندري سيبيها، ووزير الدفاع رستم عمروف، بينما سيقود روبيو الوفد الأمريكي.
أوروبا متشككة إزاء المحادثات
في حين أن الولايات المتحدة تسعى لدفع مفاوضات السلام، فإن الدول الأوروبية لا تزال متشككة في جدوى المحادثات الجارية، خاصة بعد أن استُبعدت من المناقشات.
في الأسبوع الماضي، قرر الاتحاد الأوروبي تعزيز دفاعاته وتخصيص مئات المليارات من اليوروهات لدعم الأمن، ردًا على تحول السياسة الأمريكية تجاه أوكرانيا.
التعاون الاستخباراتي بين واشنطن وكييف: توقف جزئي أم كامل؟
قال ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للبيت الأبيض، في مقابلة مع قناة فوكس نيوز، إن وقف مشاركة المعلومات الاستخباراتية مع أوكرانيا لم يشمل المعلومات الدفاعية، مؤكدًا: "لم نوقف أبدًا مشاركة المعلومات التي تحتاجها أوكرانيا للدفاع عن نفسها."
لكن، وفقًا لمسؤول أمريكي مطلع، لا تزال مشاركة المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بالعمليات الهجومية الأوكرانية متوقفة، مشيرًا إلى أن المحادثات في السعودية قد تفتح المجال أمام إعادة تفعيل التعاون الاستخباراتي بين واشنطن وكييف.
ووصل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي السعودية الاثنين للقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، قبل يوم من المحادثات المرتقبة بين مسؤولين أوكرانيين وأمريكيين، والتي تأمل واشنطن أن تحقق تقدمًا ملموسًا نحو إنهاء الحرب الأوكرانية مع روسيا.
تأتي هذه التطورات في وقت غيرت فيه الولايات المتحدة سياستها تجاه النزاع، حيث أوقفت المساعدات العسكرية وتبادل المعلومات الاستخباراتية مع كييف، في محاولة لإنهاء القتال بسرعة من خلال التواصل المباشر مع موسكو.
زيلينسكي، الذي يسعى إلى تعزيز العلاقات "البراغماتية" مع واشنطن، سيجتمع في وقت لاحق يوم الاثنين مع ولي العهد السعودي، الذي لعبت بلاده دورًا وسيطًا في الحرب، من خلال التوسط في عمليات تبادل الأسرى واستضافة محادثات بين موسكو وواشنطن.
محادثات أمريكية-أوكرانية حاسمة
وتُعقد الثلاثاء أول جلسة رسمية بين مسؤولين أمريكيين وأوكرانيين منذ اللقاء الفاشل بين زيلينسكي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب الشهر الماضي، والذي شهد توترًا حادًا بين الطرفين.
وقال المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، إنه يتوقع تحقيق "تقدم كبير" في هذه المحادثات، مشيرًا إلى أنه "متفائل جدًا" بإمكانية توصل أوكرانيا والولايات المتحدة إلى اتفاق بشأن المعادن، والذي قد يكون أساسيًا لاستمرار الدعم الأمريكي لكييف.
موقف واشنطن: اختبار مدى استعداد كييف لتقديم تنازلات
وصرح مسؤول أمريكي بأن واشنطن ستستغل الاجتماع مع المسؤولين الأوكرانيين لتحديد ما إذا كانت كييف مستعدة لتقديم تنازلات مادية لموسكو لإنهاء الحرب، مضيفًا:
"نريد أن نرى ما إذا كان الأوكرانيون مهتمين بالسلام الواقعي، وليس فقط بالسلام كفكرة عامة."
في السياق نفسه، قال ترامب إنه يتوقع نتائج إيجابية من المحادثات المقبلة، مشيرًا إلى أن واشنطن "على وشك إنهاء تعليق تبادل المعلومات الاستخباراتية مع كييف".
أما رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، فقد أبلغ ترامب بأنه يأمل أن تؤدي المحادثات في السعودية إلى استئناف المساعدات الأمريكية لأوكرانيا.
الوضع الميداني: روسيا تصعّد ضرباتها العسكرية
أكد القائد العام الأوكراني أولكسندر سيرسكي أن القوات الأوكرانية في منطقة كورسك ليست مهددة بالتطويق، رغم الهجوم الروسي العنيف المدعوم بقوات كورية شمالية.
في الوقت ذاته، تواصل روسيا تعزيز مكاسبها في شرق أوكرانيا، حيث تسيطر حاليًا على خُمس الأراضي الأوكرانية، بما في ذلك شبه جزيرة القرم التي ضمتها عام 2014.
وبحسب زيلينسكي، شنت روسيا في الأسبوع الأخير 1,200 قنبلة موجهة، و870 طائرة مسيّرة هجومية، وأكثر من 80 صاروخًا، مستهدفة مدنًا أوكرانية بعيدة عن الجبهات.