في ظلّ التصعيد المتواصل في قطاع غزة، طغت الضبابية على خلفيات الهجوم الإسرائيلي المكثّف على خان يونس صباح الإثنين، وسط تساؤلات عمّا إذا كانت العملية تهدف إلى تحرير رهائن أو أنها جزء من التصعيد العسكري الأوسع.
إلاّ أن أحد الأهداف المحتملة للعملية الإسرائيلية، التي أثارت منذ ساعاتها الأولى الكثير من التساؤلات، ظهرت مع إعلان "ألوية الناصر صلاح الدين" مقتل القيادي أحمد كامل سرحان، مسؤول العمل الخاص في صفوفها، مؤكدة أن سرحان خاض اشتباكًا مسلحًا مع قوة إسرائيلية خاصة حاولت اعتقاله من منزله في خان يونس.
وقالت الألوية في بيان إن "سرحان واجه القوة المقتحمة ببسالة حتى ارتقى خلال الاشتباك"، بحسب تعبير البيان، مشددة على "فشل العملية الخاصة التي سعىت إسرائيل من خلالها إلى اعتقال القائد أحمد سرحان".
من جهته، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن القوات الإسرائيلية "تقوم بعمل عظيم في غزة، بما في ذلك هذا الصباح"، لكنه امتنع عن الخوض في تفاصيل إضافية بشأن طبيعة العملية.
وقد أعلن الجيش الإسرائيلي أنه نفذ غارات على أكثر من 160 هدفًا في قطاع غزة خلال الساعات الماضية.
ونقل موقع "واللا" عن مصدر مطّلع أن إسرائيل نفّذت عملية خاصة في خان يونس، ما طرح فرضيات متداولة حول محاولة لتحرير مختطفين.
غير أن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي نفى ذلك قائلاً إن الجيش "ينفّذ عملية 'عربات جدعون' ويعمل في جميع أنحاء قطاع غزة"، مضيفًا: "لا يوجد أي تغيير في صورة الوضع"، في إشارة إلى ما تم تداوله في وسائل الإعلام.
وإنّ اختيار اسم العملية "عربات جدعون" في سياق الحرب المتصاعدة على قطاع غزة يعكس توجّهًا نحو تصعيد غير مسبوق، اذ استخدمته إسرائيل سابقًا خلال النكبة عام 1948، أثناء العملية التي استهدفت السيطرة على مدينة بيسان وتهجير سكانها الفلسطينيين قسرًا.
ووصفت إذاعة الجيش الإسرائيلي بيان المتحدث العسكري بـ"الغامض"، واعتبرت أنه يُلمّح إلى فشل أو غياب أي عملية ناجحة لتحرير رهائن من خان يونس هذا الصباح. وأضافت أن الجيش شن نحو 30 غارة على المدينة فجرًا.
وفي السياق ذاته، قالت القناة 12 الإسرائيلية إنه لا يوجد أي تأكيد رسمي بأن العملية هدفت إلى تحريررهائن، فيما أشار مراسلها للشؤون السياسية، عميت سيجال، إلى أن "أي عملية لتحرير رهائن لم تُنفّذ هذا الصباح".
وكانت تقارير إعلامية قد أفادت بأن قوة إسرائيلية خاصة تنكّرت بزي نساء، حاولت التقدّم نحو منطقة تقع غرب شارع صلاح الدين شمال مدينة خان يونس، في خطوة بدت كأنها جزء من عملية ميدانية معقدة.
وفيما لم يصدر أي تأكيد إسرائيلي بعد على هذه العملية، ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي نقلًا عن مصادر فلسطينية أن القوة الخاصة اغتالت القيادي في "لجان المقاومة"، أحمد سرحان، وسط خان يونس، واعتقلت زوجته وأطفاله.
غير أن الإذاعة شككت في صحة الرواية، معتبرة أنه "إذا كانت التقارير الفلسطينية صحيحة، فمن غير المرجّح أن تُرسل إسرائيل قوة مستعربين خاصة، معرّضة لمخاطر كبيرة، لتنفيذ عملية اغتيال واعتقال".
وأضافت: "لو كانت النية اغتيال القيادي فقط، وكان مكانه معروفًا، لكان من الأسهل تنفيذ ضربة جوية. من المرجّح أن الهدف كان اعتقاله حيًّا للتحقيق معه داخل إسرائيل، إلا أن العملية ربما تعقّدت، وأدّت إلى نتائج لم تكن مطابقة للهدف الأصلي".
تلويح بالعقوبات يجبر الكابينت على التحرك
بعد مصادقة المجلس الوزاري المصغّر (الكابينت)، تستعد إسرائيل اليوم لإدخال عدد محدود من شاحنات المساعدات إلى قطاع غزة، في خطوة وُصفت بأنها استجابة متأخرة لضغوط دولية مكثفة.
ويأتي هذا التحرك وسط تحذيرات أوروبية وأمريكية من تداعيات استمرار الحصار، إذ كشف وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أن مشرّعين من كلا الحزبين في الكونغرس الأمريكي تواصلوا مع السفير الإسرائيلي في واشنطن، مطالبين بإدخال المساعدات فورًا.
وأشار ساعر إلى أن تل أبيب تلقت تهديدات بفرض عقوبات في حال لم تُتخذ خطوات عملية لمعالجة الأزمة الإنسانية في القطاع. وقد طلب ساعر السماح بدخول المساعدات في أعقاب التهديدات.
من جانبها، قالت صحيفة "يسرائيل هيوم" إن إدخال المساعدات إلى قطاع غزة يأتي في إطار اتفاق الإفراج عن الأسير عيدان ألكسندر خلافًا لما تروّج له التصريحات الرسمية الإسرائيلية.
ومنذ أوائل آذار/ مارس، شددت إسرائيل حصارها على قطاع غزة عبر وقف إدخال المساعدات الإنسانية، مدّعية أنها جزء من استراتيجية تهدف إلى تكثيف الضغط على حركة حماس لدفعها إلى الإفراج عن الرهائن.
وفي موازاة التحركات الميدانية، تتعالى الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار وتحسين الوضع الإنساني الكارثي، غير أن الحكومة الإسرائيلية تمضي في تصعيدها العسكري، ما يفاقم المخاوف بشأن مصير المدنيين في القطاع ومستقبل الأوضاع فيه.