اقترح رئيس الوزراء الفرنسي، فرانسوا بايرو، إلغاء يومي عطلة رسميين، من بينهما "اثنين الفصح" و"يوم النصر في أوروبا" (8 مايو)، في إطار حزمة تدابير تقشفية تهدف إلى خفض العجز المتصاعد في الميزانية العامة، وسط انتقادات واسعة من أطراف سياسية ونقابية اعتبرت الخطوة "اعتداءً على هوية فرنسا وتاريخها".
وفي عرضه لموازنة عام 2026، الثلاثاء، حذر بايرو من أن الدين العام، الذي تجاوز 3.3 تريليون يورو، يشكّل تهديداً وجودياً للاقتصاد الفرنسي، حيث بلغت كلفة خدمته نحو 60 مليار يورو سنويًا – ما قد يجعله أكبر بند إنفاق في الموازنة قريباً. وقال: "الأمة مطالبة ببذل مجهود جماعي حقيقي... علينا جميعًا أن نشارك في تعزيز النشاط الاقتصادي وتحسين وضع فرنسا".
ويهدف المشروع إلى خفض العجز من 5.8% من الناتج المحلي الإجمالي إلى 4.6% في عام 2026، والوصول إلى النسبة المستهدفة وفقاً لقواعد الاتحاد الأوروبي وهي 3% بحلول عام 2029.
وتشمل الخطة تقليص الإنفاق العام بشكل غير مسبوق، مع تجميد موازنات كافة القطاعات باستثناء الدفاع وخدمة الدين، إضافة إلى إبقاء المعاشات التقاعدية على مستويات عام 2025، وخفض الإنفاق على الرعاية الصحية بمقدار 5 مليارات يورو، وتجميد رواتب موظفي القطاع العام، وتقليص التوظيف الحكومي، وتحديد سقف لمصاريف الرعاية الاجتماعية.
لكن البند المتعلق بإلغاء العطل الرسمية أثار موجة من السخط السياسي، خاصة أن يومي العطلة المرتقب إلغاؤهما يحملان رمزية تاريخية ودينية في الوعي الجمعي الفرنسي. وقال جوردان بارديلا، زعيم حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف: "إلغاء العطلتين هو هجوم مباشر على تاريخنا، وعلى الطبقة العاملة. لن نقبل بذلك".
من جانبه، وصف فابيان روسيل، من الحزب الشيوعي الفرنسي، الخطة بأنها "احتيال منظّم"، بينما دعا زعيم اليسار الراديكالي، جان لوك ميلينشون، إلى "طرد بايرو" ووقف "سياسات التدمير والظلم"، فيما اعتبر النائب الاشتراكي بوريس فالو أن الخطة "غير عادلة ومجحفة، تستهدف الفقراء وتتغاضى عن الأغنياء".
ويأتي هذا المقترح في سياق سياسي مضطرب، إذ يواجه بايرو تحدياً كبيراً في تمرير الموازنة داخل برلمان معلّق منذ الانتخابات المبكرة التي دعا إليها الرئيس إيمانويل ماكرون العام الماضي. ومع غياب أغلبية حاسمة، سيحتاج رئيس الوزراء لدعم من أحزاب اليسار أو اليمين، وكلا الطرفين يعارض خطته لأسباب متباينة.
وفي حال تعذر تمرير الميزانية، يلوح في الأفق خطر التصويت بحجب الثقة عن الحكومة، وهو ما قد يتكرر في أكتوبر/تشرين الأول، موعد عرض مشروع قانون الموازنة التفصيلي على البرلمان – سيناريو مشابه لما أطاح بسلفه ميشيل بارنييه قبل أقل من عام.