دعت الرئاسة السورية إلى "ضبط النفس وتغليب صوت العقل"، كما أشارت إلى أن "الجهات المختصة تعمل على إرسال قوة إلى محافظة السويداء لفضّ الاشتباكات ومعالجة الوضع الأمني، بالتوازي مع مسارات سياسية لمعالجة جذور التوتر".
أعلنت الرئاسة السورية، مساء اليوم الجمعة، أن التوترات الجارية في جنوب البلاد ناجمة عن "استخدام مجموعات خارجة عن القانون السلاح وسيلة لفرض أمر واقع"، مشددة على أن دمشق تتعامل مع هذه الأحداث انطلاقًا من "الحرص على السلم الأهلي، لا من منطق الانتقام".
وأكدت الرئاسة أن "الدولة لا تواجه الفوضى بالفوضى، بل تسعى لحماية القانون بالقانون، والرد على التعديات بالعدالة"، مشددة على التزامها بـ "حماية وحدة البلاد ومواطنيها على اختلاف انتماءاتهم، بمن فيهم أبناء الطائفة الدرزية والعشائر البدوية في الجنوب".
ودعت الرئاسة إلى "ضبط النفس وتغليب صوت العقل". كما أشارت إلى أن "الجهات المختصة تعمل على إرسال قوة إلى محافظة السويداء لفضّ الاشتباكات ومعالجة الوضع الأمني، بالتوازي مع مسارات سياسية لمعالجة جذور التوتر".
وأضافت أن "الهجوم على العائلات الآمنة والتعدي على كرامة المواطنين أمر مدان ومرفوض بشكل قاطع، ولا يمكن القبول به تحت أي ذريعة".
وكانت الاشتباكات العنيفة تجددت، في وقت سابق من اليوم، بين مسلحين من الطائفة الدرزية ومقاتلين من العشائر والبدو في محيط مدينة السويداء جنوب سوريا، وسط تصعيد لافت في التوترات التي تعصف بالمحافظة الجنوبية منذ أيام، بعد انسحاب القوات السورية منها.
وتتركز المواجهات قرب قرية ولغا، عقب إقدام مجموعات من العشائر على إحراق ممتلكات في قريتي المزرعة وولغا، ما فجّر موجة عنف جديدة.
مواجهات تتوسع غرب السويداء
أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن المواجهات تحتدم غرب مدينة السويداء وذلك بعد أيام على إعلان الرئيس الانتقالي أحمد الشرع رغبته في تجنّب "حرب واسعة" مع إسرائيل.
واندلعت الاشتباكات بداية الأسبوع الجاري على خلفية حادثة خطف تاجر خضار درزي، تطورت لاحقاً إلى عمليات خطف متبادلة بين الطرفين.
وبحسب شهود ميدانيين وفصائل درزية، فإن القوات الحكومية السورية، التي تدخلت بادئ الأمر لفض النزاع، سرعان ما ساندت مقاتلي العشائر، ما عمّق التوتر وأدى إلى سقوط أكثر من 600 قتيل من الجانبين، بينهم مدنيون بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
خلال الساعات الماضية، تمركز مسلحون من العشائر في بلدتي وَلغا والمزرعة، واقتربت مجموعات أخرى من بلدة ذُكير، فيما سجل انتشار لمقاتلي العشائر في قرى تعارة، الدور، الدويرة، والطيرة. في المقابل، ما تزال الفصائل المسلحة المحلية الدرزية تسيطر على مدينة السويداء، بينما تخلو القرى المحيطة من المدنيين نتيجة التصعيد العسكري.
جاء هذا الانتشار ضمن إعادة تموضع للمجموعات المسلحة بعد انسحاب قوات وزارة الدفاع السورية من المحافظة، في وقتٍ ترقب فيه الأوساط المحلية والدولية مآلات التصعيد، سواء على المستوى العسكري أو السياسي في جنوب سوريا.
أزمة إنسانية خانقة
بالتوازي مع المواجهات، تعاني محافظة السويداء من أوضاع إنسانية متدهورة وصفها السكان بـ"غير المحتملة"، في ظل انقطاع شبه كامل للمياه والكهرباء وندرة في المواد الغذائية والأدوية. أدت الاشتباكات إلى خروج عدد من خطوط الكهرباء عن الخدمة، ما تسبب في توقف محطات ضخ المياه وانقطاع التيار الكهربائي عن المدينة وريفها الغربي.
وتشهد الأسواق حالة شلل شبه تام، مع إغلاق معظم المحال التجارية خشية القصف أو السرقة، في حين فرّت أعداد كبيرة من العائلات من بلدات كالمزرعة وكناكر والثعلة. وأطلق الأهالي نداءات عاجلة لفتح ممر إنساني آمن لإيصال الإمدادات الضرورية من غذاء ودواء، محذرين من كارثة إنسانية وشيكة في حال استمرار الحصار وتردي الوضع الأمني.
من جهتها، اتهمت السلطات السورية، الخميس 17 تموز/يوليو، "قوات خارجة عن القانون"، العبارة التي تستعملها للإشارة إلى المسلحين الدروز، بارتكاب أعمال عنف مروعة تهدد السلم الأهلي، حسب تعبيرها.
وأوضحت الرئاسة السورية أن الهدنة في السويداء هدفت إلى تجنيب البلاد المزيد من التصعيد، مشيرة إلى أنها جاءت ثمرة وساطات دولية.
كما حذرت إسرائيل مما وصفته بـ"التدخلات السافرة" في الشؤون الداخلية، مؤكدة أن هذه التصرفات لا تؤدي إلا إلى تعقيد المشهد الإقليمي وزيادة الفوضى.