شدد المبعوث الأميركي الخاص لسوريا على أن دمشق وتل أبيب تقتربان من إبرام اتفاق "خفض التصعيد" الذي "ستوقف بموجبه إسرائيل هجماتها بينما توافق سوريا على عدم تحريك أي آليات أو معدات ثقيلة قرب الحدود الإسرائيلية".
اعلان
كشفت مصادر وصفت بـ "المطلعة" لـ"سكاي نيوز عربية" أن الإدارة الأميركية تمارس ضغوطاً مكثفة لدفع سوريا وإسرائيل إلى التوقيع على اتفاق أمني خلال يومَي الأربعاء أو الخميس من الشهر الجاري، في خطوة تهدف إلى "خفض التصعيد" بين الطرفين.
وتشمل بنود المفاوضات الجارية انسحاب الجيش السوري من مناطق الجنوب، واستبداله بقوات الأمن الداخلي التابعة لدمشق، فضلاً عن سحب السلاح الثقيل من تلك المناطق الحيوية.
وتتضمّن المفاوضات أيضاً ضغوطاً دولية موجّهة إلى الشيخ حكمت الهجري، أحد أبرز الفاعلين في جنوب سوريا، للقبول بإدخال قوات الأمن الداخلي التي شكّلتها الحكومة السورية مؤخراً، والتي يقودها سليمان عبد الباقي.
وتُعدّ هذه الخطوة جزءاً أساسياً من الترتيبات الأمنية التي تسعى واشنطن إلى ترسيخها كضمانة للاستقرار على طول الحدود السورية - الإسرائيلية.
ومن بين البنود التي تجري مناقشتها ضمن الاتفاق، السماح لإسرائيل باستخدام الأجواء السورية لضمان "حرية الحركة" في عملياتها ضد إيران، وفق ما أفادت به المصادر. وتشكل هذه النقطة واحدة من أكثر البنود حساسية في المفاوضات، لا سيما في ظل استمرار التوترات الإقليمية المرتبطة بالدور الإيراني في سوريا.
الشرع يحذّر من اضطرابات إقليمية
في تصريحات أدلى بها الثلاثاء، حذّر رئيس سوريا للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع من تداعيات خطيرة قد تطال المنطقة برمتها في حال عدم التوصل إلى اتفاق أمني مع إسرائيل.
وقال الشرع، خلال جلسة حوارية نظّمها "معهد الشرق الأوسط" الأميركي، إن "لسنا نحن من يسبب المشاكل لإسرائيل"، مشدداً على أن استمرار تل أبيب في انتهاك المجال الجوي السوري وتنفيذ توغلات برية يُعقّد من فرص التسوية.
رفض قاطع لأي حديث عن تقسيم سوريا
وأكد الشرع رفضه القاطع لأي نقاش يتعلّق بتقسيم سوريا، محذراً من أن مثل هذه الخطوة "ستضرّ بالأردن والعراق وتركيا"، وستعيد المنطقة "إلى المربع الأول".
وتطرّق إلى الأحداث الأخيرة في السويداء، واصفاً إياها بأنها "شهدت أخطاء من جميع الأطراف". وشدّد على أن هناك جهوداً جديدة تُبذل حالياً لرأب الصدوع و"تأليف القلوب".
أشار الشرع إلى أن الولايات المتحدة تمتلك القدرة على لعب دور بنّاء في دمج قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي يقودها الأكراد، ضمن الهيكل العسكري الموحّد للدولة السورية.
وأكّد الشرع أن الشعب السوري "قوي وشجاع، ويعمل بحب وتضحية وإخلاص"، مجدداً التزام بلاده بعدم الانحياز إلى أي محور إقليمي أو دولي على حساب آخر. وقال: "سوريا لن تكون في أي معسكر ضد آخر".
ولفت إلى أن بلاده لا تزال في طور التعافي من حرب استمرت عقداً ونصف العقد، ما يجعل أي تفكك داخلي أمراً غير وارد.
براك: الاتفاق خطوة أولى نحو تسوية أمنية شاملة
من جهته، أعلن المبعوث الأميركي الخاص لسوريا، توم براك، أن الطرفين "يقتربان من التوصل إلى اتفاق خفض تصعيد"، يقضي بوقف الغارات الجوية الإسرائيلية مقابل التزام دمشق بعدم نقل أي معدات عسكرية ثقيلة إلى مناطق قريبة من الحدود. ووصف براك الاتفاق بأنه "الخطوة الأولى" نحو تسوية أمنية أوسع.
إحباط الهدنة القديمة وتصاعد التوتر منذ سقوط الأسد
يُذكر أن إسرائيل ألغت في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي، هدنة عام 1974 التي كانت تنظم العلاقة مع سوريا، وذلك بعد يوم واحد من سقوط نظام بشار الأسد. ومنذ ذلك الحين، نفّذت تل أبيب أكثر من ألف غارة جوية وأكثر من 400 توغل بري داخل الأراضي السورية، وفق ما أكّده الشرع. ورغم الإطاحة بالأسد، لا تزال الخلافات العميقة والشكوك المتبادلة تشكل عقبة أمام تطبيع العلاقات بين البلدين.
قلق سوري من نوايا إسرائيل
عبّر الشرع، الذي كان في السابق قيادياً في تنظيم القاعدة قبل أن يقود قوات المعارضة التي أطاحت بالأسد، عن قلقه من أن تكون إسرائيل "تعطّل المفاوضات عمداً".
وقال في تصريحاته بنيويورك: "نحن خائفون من إسرائيل. نحن قلقون بشأن إسرائيل. الأمر ليس العكس".