مع تقديم الهدية، كان لابدّ من إعطاء تفاصيل عن محتويات العلبة. فقال ترامب لأحمد الشرع: " العطر الثاني لزوجتك"قبل أن يبادره بالسؤال التالي: " كم زوجة لديك؟ مع شخص مثلك، لا يمكن أن نجزم بذلك".
انتهت زيارة رجل دمشق القوي أحمد الشرع لواشنطن، ولم تنته بعد تفاصيل ما جرى خلال هذه الحدث التاريخي الذي شهد دخول أول رئيس سوري للبيت الأبيض منذ ثمانين عاما ولقائه الرئيس الأمريكي في المكتب البيضاوي.
فدونالد ترامب الذي جلس على مكتبه يقابله الشرع ووزير خارجيته أسعد الشيباني والوفد المرافق له، لم يبخل على ضيفه بالثناء وكلمات الإطراء حيث وصفه بالزعيم "القوي الحازم الآتي من بيئة صعبة". وأردف قائلا: "لقد أعجبت به وأنا منسجم معه مع الرئيس الجديد في سوريا" وفق تعبيره.
إلى جانب الثناء والمديح، كان لأحمد الشرع وأحمد الشيباني نصيبٌ من حفاوة لا تصدر إلا من شخص كدونالد ترامب. فقد أهدى الرئيسَ الانتقالي زجاجةً من عطر تحمل اسم الرئيس الأمريكي.
ولأن الأخير تاجر قبل أن يكون رئيسا فقد ارتأى التسويق للهدية على طريقته الخاصة.
ولأن "الأقربين أولى بالمعروف"، بدأ ترامب برشّ قطرات من العطر على نفسه أولًا، ثم على ضيفيه، قائلاً لهما: "هذا أفضل عطر". وبعد ذلك قدّم للشرع علبة تضم قنينتَي عطر، إحداهما رجالية والأخرى نسائية.
ومع تقديم الهدية، كان لابدّ من إعطاء تفاصيل عن محتويات العلبة. فقال ترامب لأحمد الشرع: " العطر الثاني لزوجتك"، ثم فاجأه بالسؤال التالي: " كم زوجة لديك؟"
ومضى الرئيس الأمريكي في مزاحه الثقيل ربما، قائلا: "مع شخص مثلك لا أحد يعرف" ويقصد أنه لا يمكن الجزم بذلك، وسط نوبة ضحك استبدّت بمن كان في المكتب البيضاوي. لكن الشرع طمأنه بأن لديه فقط زوجة واحدة في عصمته.
زيارة أحمد لواشنطن تاريخية بامتياز على أكثر من صعيد. فناهيك عن كونها أول زيارة لرئيس سوري منذ استقلال البلاد عام 1946، فهي تشكل قطيعة مع عهد مضى كان فيها رأسُ الشرع حاليا وأبو محمد الجولاني سابقا مطلوبا لدى واشنطن التي رصدت مكافأة بقيمة 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه تؤدي للظفر به.
تغيّرت الأموركثيرا، منذ أن استطاع الزعيم السابق لهيئة تحرير الشام الإطاحة بنظام بشار الأسد في ديسمبر 2024 واستولى على نظام الحكم في سوريا بعد حرب أهلية طاحنة استمرت قرابة 14 عاما خلفت مئات الآلاف من القتلى وشرّدت الملايين من المدنيين.
منذ ذلك التاريخ، بدت الخطوات التي تبناها الشرع وكأنها شهادة عن تخليه عن ماضيه الذي ارتبط يوما بتنظيميْ القاعدة وداعش.
وتعددت مبادرات دمشق التي تظهر انفتاحا تجاه الغرب ودول المنطقة أكان مع دول الخليج أو حتى مع إسرائيل رغم احتلالها للجولان وللمنطقة العازلة التي كرستها اتفاقية فض الاشتباك بعد حرب تشرين أكتوبر 1973. بل إن لقاءات عدة جمعت بين مسؤولين سوريين وإسرائيليين في مشهد آخر يكرّس حالة القطيعة مع نظام بشار الأسد.