شهدت مدينة حلب هدوءاً حذراً عقب الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار، وذلك بعد تصعيد بين قوات الحكومة السورية الانتقالية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) في حيي الشيخ مقصود والأشرفية.
أعلن وزير الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة، مرهف أبو قصرة، اليوم الثلاثاء، عن التوصل مع قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مظلوم عبدي، إلى وقف فوري لإطلاق النار في كافة المحاور ونقاط الانتشار العسكرية شمال وشمال شرق سوريا.
وفي تدوينة نشرها عبر حسابه على إكس، ، قال أبو قصرة: "التقيت قبل قليل بالسيد مظلوم عبدي في العاصمة دمشق، واتفقنا على وقف شامل لإطلاق النار على أن يبدأ تنفيذه فوراً".
ويأتي هذا الإعلان بعد وصول وفد رفيع المستوى من قسد والإدارة الذاتية إلى دمشق، برئاسة القائد العام لقسد، مظلوم عبدي. ومن المقرر أن يلتقي الوفد الرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، ووزير الخارجية، أسعد الشيباني، في اجتماع يُعقد برعاية أميركية، بحضور المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، وقائد القيادة المركزية الأميركية، الأدميرال براد كوبر.
ويضم الوفد، إلى جانب مظلوم عبدي، قائدة وحدات حماية المرأة، روهلات عفرين، والرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية، إلهام أحمد.
هدوء حذر في حلب بعد تصعيد عسكري
وشهدت مدينة حلب هدوءاً حذراً بعد إعلان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، عقب تصعيد بين قوات الحكومة السورية وقوى الأمن الداخلي الكردي (أسايش) في حيي الشيخ مقصود والأشرفية، أمس الاثنين.
وأوضح المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الحيين شهدا، أمس، تصعيداً عسكرياً شمل قصفاً بالرشاشات الثقيلة والمتوسطة، وسط اشتباكات عنيفة بين القوات المهاجمة ومجموعات محلية.
كما وثّق المرصد استخدام طائرات مسيّرة انتحارية (درون) يُعتقد أنها استُخدمت لاستهداف مواقع في عمق الشيخ مقصود، ما تسبب بأضرار مادية كبيرة.
بدوره أعلن الدفاع المدني السوري مقتل مدني وإصابة خمسة آخرين، بينهم امرأتان، من جراء قصف صاروخي نفذته (قسد)، واشتباكات وقعت في مدينة حلب في وقت متأخر من مساء الإثنين.
من جانبها، أكدت إدارة الإعلام والاتصال بوزارة الدفاع السورية أن تحركات الجيش في شمال وشمال شرق البلاد تأتي ضمن "خطة إعادة الانتشار على بعض المحاور"، مشيرة إلى أن الخطوة جاءت بعد الاعتداءات المتكررة لقوات قسد واستهدافها للأهالي وقوى الجيش والأمن ومحاولتها السيطرة على نقاط وقرى جديدة.
وأضافت أن الجيش "يقف اليوم أمام مسؤولياته في الحفاظ على أرواح الأهالي وممتلكاتهم، وكذلك حفظ أرواح أفراد الجيش وقوى الأمن".
وأكدت الوزارة التزام دمشق باتفاق العاشر من آذار، موضحة أن التحركات الجارية لا تهدف إلى التصعيد العسكري، بل لإعادة التموضع الميداني.
رد قوات سوريا الديمقراطية
من جهتها، أصدرت قسد بياناً أكدت فيه أن الأحداث في حلب جاءت نتيجة "استفزازات فصائل الحكومة المؤقتة ومحاولاتها التوغل بالدبابات". ووصف البيان ما تداولته بعض وسائل الإعلام من مزاعم حول استهداف قسد لحواجز تابعة لمسلحي الحكومة بـ"باطلة"، مشدداً على أن قواتها "لا وجود لها في المنطقة منذ انسحابها بموجب تفاهم 1 نيسان".
وأوضح البيان أن ما يحدث في حيي الأشرفية والشيخ مقصود هو "نتيجة سلسلة من الهجمات المتكررة التي تقوم بها فصائل حكومة دمشق ضد السكان المدنيين"، مشيراً إلى فرض حصار أمني وإنساني خانق وقطع الإغاثة والمواد الطبية، إضافة إلى اختطاف العديد من الأهالي والاستفزاز اليومي للسكان.
واختتمت قسد بيانها بدعوة "المنظمات الدولية والإنسانية إلى التحرك العاجل والفعال لإنهاء هذا الحصار الجائر ووقف الهجمات والاستفزازات الممنهجة ضد المدنيين".
التوترات تتصاعد
تأتي هذه التطورات في ظل توتر متزايد بين الحكومة الانتقالية السورية وقوات سوريا الديمقراطية، رغم توقيع اتفاق في 10 آذار 2025 بين الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع وقائد "قسد" مظلوم عبدي، قضى بدمج "قسد" ضمن مؤسسات الدولة السورية وضمان حقوق الأكراد في المواطنة والتمثيل السياسي، ووقف إطلاق النار في كافة الأراضي السورية.
لكن الاتفاق، الذي وصف بأنه "خطوة نحو إنهاء الحرب الأهلية"، واجه تحديات كبيرة في التنفيذ، أبرزها الخلاف على آلية دمج "قسد" في الجيش السوري، حيث تصر دمشق على دمج عناصرها كأفراد ضمن الجيش النظامي، بينما تطالب "قسد" بالاحتفاظ بكيانها العسكري المستقل ضمن هيكل الدولة، على غرار قوات البيشمركة في العراق.