أعرب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، عن "قلقه من التجاهل المتعمد الذي لا نهاية له من جانب قوات الدعم السريع لحياة المدنيين" في الفاشر.
قالت لجنة المقاومة في الفاشر إن غارة شنتها طائرة بدون طيار تابعة لقوات الدعم السريع أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 30 شخصاً في ملجأ للنازحين داخل جامعة بالمدينة المحاصرة منذ أكثر من 500 يوم.
وأفادت اللجنة، في بيان صحفي، بأن الغارة استهدفت مركز النزوح في "دار الأرقام" الواقع داخل إحدى الجامعات بالمدينة. ووصفت الحادث بأنه "مذبحة"، مشيرة إلى أن الجثث لا تزال محاصرة تحت الأنقاض.
وأضافت: "قُتل أطفال ونساء وكبار السن بدم بارد، وأُحرق العديد منهم بالكامل".
ولجنة المقاومة في الفاشر هي جزء من شبكة ناشطين محليين ينسقون جهود الإغاثة ويوثقون الانتهاكات المرتكبة في سياق الصراع المستمر في السودان منذ أبريل/نيسان 2023.
صمت دولي وسط كارثة إنسانية
وأكدت اللجنة أن "الوضع تجاوز الكارثة إلى الإبادة الجماعية داخل المدينة"، داعية المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل. ولفتت إلى أن "العالم يبقى صامتاً" رغم تفاقم الأوضاع الإنسانية والجرائم المرتكبة بحق المدنيين.
وتشكل الفاشر، التي يقطنها نحو 400 ألف نسمة، آخر عاصمة ولاية في إقليم دارفور ما زالت تحت سيطرة الدولة، وقد باتت جبهةً استراتيجية في الحرب الدائرة بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية.
إدانة دولية واتهامات بانتهاك القانون الإنساني
من جهته، أعرب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، عن "قلقه من التجاهل المتعمد الذي لا نهاية له من جانب قوات الدعم السريع لحياة المدنيين" في الفاشر.
وقال تورك، في تصريحات يوم الجمعة: "رغم الدعوات المتكررة، بما في ذلك دعوتي، إلى إيلاء عناية خاصة لحماية المدنيين، فإنهم يواصلون قتل المدنيين وإصابتهم وتشريدهم، ومهاجمة الأهداف المدنية، بما في ذلك ملاجئ النازحين داخلياً والمستشفيات والمساجد، في تجاهل تام للقانون الدولي. هذا يجب أن ينتهي".
صراع جذوره عميقة
ويُعد الصراع الحالي امتداداً لعقود من العنف في دارفور. وفي تطور ذي صلة، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية (ICC)، يوم الاثنين، أول إدانة لها ضد مشتبه به بارتكاب جرائم في دارفور، حين أدانت علي محمد علي عبد الرحمن، المعروف باسمه الحربي "علي كوشيب"، زعيم ميليشيا الجنجويد – التي تطورت لاحقاً إلى قوات الدعم السريع – بارتكاب فظائع منذ أكثر من عقدين.
ويُذكر أن الرئيس السوداني السابق عمر البشير مطلوب أيضاً من المحكمة الجنائية الدولية بتهم تشمل الإبادة الجماعية.
نداء لاستخلاص العِبر
ودعا فولكر تورك جميع أطراف النزاع، ولا سيما قوات الدعم السريع، إلى "استخلاص الدروس من إدانة علي كوشيب هذا الأسبوع"، محذراً من استمرار الانتهاكات التي تهدد بتفاقم واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في القرن الحادي والعشرين.
وبحسب الأمم المتحدة، فقد قُتل أكثر من 150 ألف شخص منذ اندلاع الحرب، ونزح أكثر من 14 مليوناً، فيما يواجه نحو 25 مليون شخص خطر الجوع الشديد في ظل تصاعد القتال المدعوم من قوى دولية، وغياب جهد عالمي فعّال لإنهاء إراقة الدماء.