تثير القضية، الثالثة ضد خصوم ترامب هذا الشهر، مخاوف من توجيه وزارة العدل لاستهداف منتقدي الرئيس بينما تُعفى دوائره المقرّبة من المساءلة.
اعلان
وجَّهت سلطات الادعاء الأمريكية، يوم الخميس، اتهاماتٍ رسمية إلى جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق في إدارة الرئيس دونالد ترامب، تضمَّنت الاحتفاظ بوثائق سرية للغاية في منزله ومشاركة ملاحظات شخصية تشبه اليوميات، تحتوي على معلومات سرية، مع أفراد من أسرته.
وأشارت لائحة الاتهام، المكوَّنة من 18 تهمة، إلى أن تلك المعلومات السرية كُشفت بعد اختراقٍ لحساب بريد إلكتروني خاص به، يُعتقد أن جهات مرتبطة بالنظام الإيراني تقف وراءه، مما مكَّن المخترقين من الوصول إلى مواد حساسة كان بولتون قد شاركها.
ويمثِّل بولتون، الذي يُعدُّ من أبرز الوجوه في دوائر السياسة الخارجية الجمهورية، وخدم لأكثر من عامٍ مستشارًا للأمن القومي قبل أن يُقال من منصبه في 2019 ويُصدِر لاحقًا كتابًا نقديًّا لاذعًا عن ترامب، شخصيةً محورية في قضيةٍ قضائيةٍ من المتوقَّع أن تحظى بمتابعةٍ واسعة، لا سيما في ظلِّ شهرته بمواقفه المتشدِّدة حول الدور العالمي للولايات المتحدة.
ما هي التهم الموجهة لبولتون؟
أفادت لائحة الاتهام، المقدَّمة أمام محكمة فيدرالية في جرينبيلت بولاية ماريلاند، بأن جون بولتون شارك بين عامَي 2018 وأغسطس الماضي أكثر من ألف صفحة من المعلومات المتعلقة بأنشطته اليومية في الحكومة مع قريبيْن له.
وبحسب الادعاء، تضمَّنت تلك المواد ملاحظاتٍ على غرار اليوميات تضمنت معلومات سرية تصل إلى مستوى "السرية القصوى"، اطَّلع عليها خلال اجتماعاتٍ مع مسؤولين حكوميين أمريكيين، أو من خلال إحاطات استخباراتية، أو محادثاتٍ أجراها مع قادة أجانب. وذكر المدعون أن بولتون أرفق أحد هذه المستندات برسالةٍ إلى أقاربه كتب فيها: "لا نتحدث عن أيٍّ من هذا!!!"، فردَّ أحدهم بـ"شششش".
وأشارت لائحة الاتهام إلى أن المواد المُشارَكة تضمَّنت معلوماتٍ عن خصومٍ أجانب، كشفت في بعض الحالات عن تفاصيل حساسة تتعلَّق بمصادر الاستخبارات والأساليب التي تستخدمها الحكومة لجمعها. وذكرت أوراق المحكمة أن أحد المستندات تناول خططًا لخصمٍ أجنبي لإطلاق صاروخ، بينما تضمَّن آخر تفاصيل عن خططٍ أمريكية لعملياتٍ سرية، وحمَّل خصمًا أجنبيًّا مسؤولية هجومٍ استندًا إلى معلومات استخباراتية.
ووفقًا للمدعين، أبلغ ممثلٌ عن بولتون مكتب التحقيقات الفيدرالي في عام 2021 باختراق بريده الإلكتروني، لكنه لم يُفصح عن مشاركته معلوماتٍ سرية عبر ذلك الحساب، ولا عن احتمال حصول القراصنة على أسرارٍ حكومية.
هل تهمة بولتون قضية ضد خصم ترامب؟
تُعدُّ هذه القضية الثالثة التي تُوجَّه ضد خصمٍ للرئيس دونالد ترامب خلال الشهر الماضي، وتأتي في سياق مخاوفٍ متزايدة من أن وزارة العدل قد تُوظَّف لملاحقة الخصوم السياسيين للرئيس، في حين يُتَجنَّب التدقيق الصارم مع حلفائه.
وقد ألمح بولتون إلى هذا الادعاء في بيانٍ متحدٍّ صدر يوم الخميس، نفى فيه التهم الموجَّهة إليه ووصفها بأنها جزءٌ من "جهدٍ مكثَّف" يقوده ترامب "لتخويف معارضيه".
وقال بولتون: "الآن، أصبحت الهدف الأحدث في تسليح وزارة العدل لتوجيه تهمٍ إلى أولئك الذين يعتبرهم أعداءه، بتهمٍ سبق رفضها أو عبر تحريفٍ للحقائق".
ومع ذلك، فإن لائحة الاتهام الحالية تتميَّز بمستوى غير مسبوق من التفصيل في مزاعمها مقارنةً بالقضيتين السابقتين اللتين استهدفتا المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كومي، والمدعية العامة في نيويورك ليتيسيا جيمس.
ومن الناحية الإجرائية، تختلف هذه القضية عن القضيتين الأخريين، إذ لم تُقدَّم من قِبل المدعي الأمريكي الذي عُيِّن على عجل الشهر الماضي، بل وُقِّعت من قِبل مُدَّعين وطنيين محترفين متخصِّصين في قضايا الأمن القومي.
ورغم أن التحقيق برز علنًا في أغسطس الماضي، حين فتش مكتب التحقيقات الفيدرالي منزل بولتون في ماريلاند ومكتبه في واشنطن، فإن المصادر القضائية تشير إلى أن التحقيق كان قد بدأ فعليًّا قبل أن يتولى ترامب ولايته الرئاسية الثانية في يناير الماضي..