الخطوة تأتي وسط ضغوط متجددة بعد نشر مذكرات فيرجينيا غيفري التي أعادت تسليط الضوء على قضية جيفري إبستين، في وقت يؤكد فيه أندرو نفيه التام لجميع المزاعم المنسوبة إليه.
أعلن الأمير أندرو، الابن الثاني للملكة البريطانية الراحلة إليزابيث الثانية والشقيق الأصغر للملك تشارلز الثالث، رسميًّا عن تخلّيه عن استخدام لقبه كـ"دوق يورك"، فضلًا عن أوسمته الملكية، بما في ذلك رتبة فارس الصليب الكبير من وسام الملكة الفيكتوري (GCVO) وفارس وسام الرباط الملكي. ويبقى له فقط لقب "الأمير"، وهو وصف لا يمكن سحبه لأنه مكتسب بالولادة كونه ابن الملكة الراحلة.
ويأتي هذا القرار تتويجًا لسلسلة إجراءات بدأت منذ سنوات، شملت سحب ألقابه العسكرية، وعزله من مناصبه في الجمعيات الخيرية، ومنعه من تمثيل العائلة الملكية في المناسبات الرسمية.
وجاء القرار في بيان صادر عن قصر باكنغهام، أكد فيه الأمير أندرو أن الاتهامات المتكررة الموجّهة إليه "تشكّل تشتيتًا غير مرغوب فيه عن مهام جلالة الملك وأعمال العائلة الملكية". وأضاف: "كما فعلت دائمًا، وضعت واجبي تجاه عائلتي وبلدي في المقام الأول".
وأشار إلى أن قراره يأتي "بموافقة الملك"، بعد مشاورات مع أفراد عائلته المباشرة والموسّعة، مؤكّدًا مجددًا أنه "ينفي بحزم جميع المزاعم المنسوبة إليه"، وأنه لم يرتكب أي أفعال مخالفة للقانون أو للأخلاق العامة.
اللعبة الدستورية للألقاب
ورغم أن لقب "دوق يورك" لا يمكن سحبه قانونيًّا إلا عبر تشريع برلماني، فإن الأمير أندرو لن يستخدمه بعد اليوم، ما يجعله لقبًا نظريًّا غير نشط، تمامًا كما حدث مع لقب "صاحب السمو الملكي" (HRH) الذي سُحب منه سابقًا من الناحية العملية دون إلغائه رسميًّا.
وبحسب مصادر مقربة من القصر، فإن القرار جاء بعد سلسلة اجتماعات داخلية وُصفت بأنها وصلت إلى "نقطة تحوّل"، في ظل مخاوف متزايدة من أن تستمر القصص المتعلقة بأندرو في تشويه صورة المؤسسة الملكية، لا سيما في مرحلة حساسة من عهد الملك تشارلز الثالث.
تأثير القرار على الدائرة المقربة
بموجب هذا الترتيب، ستتوقف سارة، زوجة الأمير أندرو السابقة، عن استخدام لقب "دوقة يورك"، وستُعرف رسميًّا باسمها المدني "سارة فيرغسون". أما ابنتاه، الأميرة بياتريس والأميرة يوجيني، فستحتفظان بلقبيهما دون أي تعديل.
وبحسب صحيفة "الغارديان"، رحب الملك تشارلز بالخطوة، التي جرى التشاور بشأنها مع ولي العهد وأفراد آخرين من العائلة، باعتبارها "ضرورية لحماية سمعة العرش".
مذكرات غيفري تعيد إشعال الجدل
تصاعد الضغط على الأمير أندرو بعد نشر صحيفة "الغارديان" مقاطع من مذكرات الراحلة فيرجينيا غيفري، التي انتحرت في نيسان الماضي عن 41 عامًا. ومن المقرر نشر كتابها يوم الثلاثاء، حيث تدّعي أن الأمير "اعتقد أن ممارسة الجنس معي كان حقًّا مكتسبًا له منذ ولادته".
وتصف غيفري في إحدى الفقرات لقاءً جمعها بالأمير في لندن، قائلة:"عند عودتنا إلى المنزل، قالت غيسلين ماكسويل وجيفري إبستين تصبحان على خير وصعدا إلى الطابق العلوي، في إشارة إلى أن الوقت قد حان لأعتني بالأمير. بدا مستعجلًا في ممارسة الجماع، وبعد انتهائه شكرني بلهجته البريطانية الجافة. في ذاكرتي، لم يستغرق الأمر أكثر من نصف ساعة."
وأضافت أن ماكسويل قالت لها في اليوم التالي: "أحسنتِ. لقد استمتع الأمير"، مشيرة إلى أن إبستين دفع لها 15 ألف دولار مقابل "خدمتها".
وكان الأمير أندرو قد سوّى دعوى مدنية مع غيفري مقابل مبلغ قُدّر بنحو 12 مليون جنيه إسترليني، من دون اعتراف بأي مسؤولية، مؤكّدًا في كل مناسبة أنه ينفي تمامًا إقامة أي علاقة معها عندما كانت قاصرًا.
عائلة غيفري: القرار "اعتراف ضمني"
ردّت عائلة فيرجينيا غيفري على القرار الملكي ببيان قالت فيه إن تخلّي الأمير أندرو عن ألقابه "يشكّل تبريرًا لموقف فيرجينيا"، ووصفت الخطوة بأنها "انتصار للناجيات في كل مكان".
وطالبت العائلة الملك تشارلز بـ"سحب لقب 'الأمير' منه"، مشيرة إلى أن الاعتراف الرمزي لا يكفي دون مساءلة فعلية.
اتهامات تجسس صينية تزيد من تعقيد المشهد
إلى جانب قضية إبستين، تشير تقارير إلى أن الأمير أندرو التقى في عامَي 2018 و2019 مع تساي تشي، عضو اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني، الذي يُشتبه في تورّطه في قضية تجسس عبر مواطنَين بريطانيَّين.
وقد أسقطت النيابة العامة لاحقًا الاتهامات ضد كريستوفر بيري وكريستوفر كاش، اللذين نفيا ارتكاب أي مخالفات.