تركّزت الأسئلة على مواقف غالب السابقة من إسرائيل واتفاقيات أبراهام، إضافة إلى منشورات قديمة على وسائل التواصل الاجتماعي اعتُبرت مثيرة للجدل.
تحوّلت جلسة الاستماع في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي إلى مواجهة مشحونة، حين وجد أمير غالب، عمدة مدينة هامترامك في ولاية ميشيغان، نفسه في قلب أسئلة متلاحقة حول مواقفه السابقة من إسرائيل، واتفاقيات أبراهام، ومنشورات قديمة على وسائل التواصل الاجتماعي.
كان غالب، الأميركي من أصل يمني، يواجه اختبارًا علنيًا في طريقه نحو منصب سفير الولايات المتحدة لدى الكويت، لكن الجلسة خرجت سريعًا من إطارها الدبلوماسي إلى ما يشبه التحقيق السياسي، بعدما تولى السيناتور الجمهوري تيد كروز توجيه الاستجواب.
استجواب حول إسرائيل واتفاقيات أبراهام
بدأ كروز بسؤال غالب عن دعمه المزعوم لحملة مقاطعة إسرائيل (BDS)، مشيرًا إلى أن مجلس مدينة هامترامك الذي كان غالب يرأسه قد أقر قرارًا يدعم المقاطعة.
وردّ غالب :"بصفتي عمدة، كانت وظيفتي فخرية فقط. القرار صاغته منظمة يهودية تدعى "الصوت اليهودي من أجل السلام"، وصوّت عليه المجلس بالإجماع. لم أؤيده ولم أصوّت له".
لكن كروز واصل الضغط، مستعيدًا منشورًا قديمًا على فيسبوك من عام 2020 انتقد فيه غالب اتفاقيات أبراهام.
وسأله مباشرة: "هل لا تزال تعارض تلك الاتفاقيات؟"
فأجاب غالب: "لا، على العكس، أراها فرصة مهمة ضمن خطة السلام التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ولها دور في تعزيز الاستقرار الإقليمي".
منشورات قديمة تلاحقه
لم تتوقف الأسئلة عند المواقف السياسية. استعاد كروز منشورًا أعجب به غالب قبل أن يتولى منصب العمدة، واعتُبر مسيئًا لليهود.
فقال غالب: "كنت أضغط إعجابًا على المنشورات لقراءتها لاحقًا، لم أكن أؤيد تلك العبارات. أرفضها وأعتبرها معادية للسامية".
وأوضح أنه لاحقًا، بصفته عمدة، مرّر قرارًا يدين معاداة السامية بجميع أشكالها.
ثم انتقل الحديث إلى منشور آخر عن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، فأجاب غالب بتأنٍ: "أشعر بالأسف إذا تسببت كلماتي السابقة في ألم للمتضررين من نظامه، الله وحده من سيحاسبه".
رفض من كروز
في ختام الجلسة، أعلن تيد كروز أنه لن يدعم ترشيح غالب، معتبرًا أن مواقفه "تتعارض مع سياسات الرئيس دونالد ترامب".
أما غالب، فشدد على أنه ملتزم تمامًا بسياسات الإدارة الأميركية إذا تم تأكيده في المنصب، مضيفًا أن هدفه "هو خدمة المصالح الأميركية في المنطقة بروح من الاحترام والتعاون".
خلفية سياسية وجدلية أوسع
الهجوم على ترشيح أمير غالب لم يكن وليد جلسة الاستماع. فقد كانت منظمات يهودية بارزة قد طالبت في وقت سابق الرئيس الأميركي دونالد ترامب بسحب ترشيحه، متهمة إياه بـ"تبنّي مواقف معادية للسامية"، واستشهدت بمنشورات قديمة عن مقاطعة إسرائيل وقرارات بلدية في هامترامك ذات طابع تضامني مع غزة.
وأشارت تلك المنظمات إلى أن غالب أشرف على مبادرات محلية لسحب الاستثمارات من إسرائيل، كما حظر رفع أعلام المثليين على الممتلكات العامة في المدينة، وهي خطوة أثارت حينها نقاشًا واسعًا داخل المجتمع المحلي.
بين الدعم والاتهام
رغم هذا الجدل، ظهر غالب في البيت الأبيض في آذار/مارس الماضي خلال مأدبة إفطار رمضانية، حيث شكره ترامب شخصيًا على دعمه خلال حملته الانتخابية لعام 2024، وهنأه على ترشيحه، قائلًا له: "ستكون السفير القادم للكويت، وستقضي وقتًا رائعًا هناك، فهم شعب رائع".
بالنسبة إلى كثيرين، لا يتعلّق الجدل حول غالب بمواقفه فقط، بل بما يمثله. فترشيح أميركي مسلم من أصول عربية لمنصب دبلوماسي رفيع في الشرق الأوسط يُعدّ سابقة نادرة في واشنطن، ويرى مراقبون أن الاعتراضات عليه تكشف عن محاولات لتهميش الأصوات العربية والمسلمة في مواقع التأثير داخل الإدارة الأميركية.
ويرى محللون أن غالب يشكّل نموذجًا لجيل جديد من السياسيين الأميركيين ذوي الخلفيات المهاجرة، الذين يسعون للمشاركة في صياغة السياسة الخارجية الأميركية من منظور أكثر تنوّعًا وانفتاحًا على العالم العربي."