غيّب الموت أحد أبرز الأصوات الحقوقية في المغرب، سيون أسيدون، المغربي اليهودي المعروف بمواقفه الجريئة ضد التطبيع مع إسرائيل ودفاعه الثابت عن القضية الفلسطينية، عن عمر ناهز 77 عامًا، بحسب ما أعلن أصدقاؤه وأقاربه.
توفي أسيدون بعد أن تدهورت حالته الصحية مطلع الأسبوع إثر إصابة رئوية حادة، وذلك بعد نحو ثلاثة أشهر قضاها في غيبوبة. وأوضح بيان صادر عن المقربين منه أن "الالتهاب عاد بشدة أكبر، ورغم كل الجهود الطبية المبذولة، فقد كان مميتًا"، معربين عن امتنانهم للفريق الطبي على تفانيه في رعايته.
وأضاف البيان أن حالته شهدت في الأسابيع الأخيرة بعض التحسن، إذ كان يفتح عينيه أحيانًا ويحاول التواصل، لكنها ما لبثت أن تدهورت من جديد.
كان قد عُثر على أسيدون فاقدًا للوعي في منزله بمدينة المحمدية في آب/ أغسطس الماضي، مصابًا بعدة كدمات وكسور في الجمجمة، ما أثار شبهات بوقوع اعتداء. ورغم أن الشرطة استبعدت وقوع جريمة، فإن أصدقاءه رفضوا هذا التفسير، مشيرين إلى تجاهل تقارير طبية وتشريحية مهمة.
من هنا، دعا أصدقاء أسيدون إلى توضيح ملابسات وفاته، مطالبين بأن تستند نتائج التحقيق الجاري إلى تقارير الطب الشرعي. وأشاروا إلى أن ثلاثة محامين رافقوهم مؤخرًا في زيارة إلى النائب العام بمحكمة الاستئناف في الدار البيضاء لتجديد هذا الطلب.
نضال وسنوات من الاعتقال
يُعدّ أسيدون من الشخصيات البارزة في الحركات اليسارية والحقوقية المغربية. أمضى 12 عامًا في السجن بين عامي 1972 و1984 بتهمة المساس بأمن الدولة. وكان من مؤسسي حركة "23 مارس" في سبعينيات القرن الماضي، ليصبح لاحقًا من أبرز وجوه اليسار الجذري في المغرب.
وعرف عنه دفاعه القوي عن حقوق الإنسان، ورفضه القاطع لأي شكل من أشكال القمع، وواصل نضاله من أجل العدالة حتى أيامه الأخيرة. وصفه أصدقاؤه وزملاؤه بأنه رجل مبدئي "لم يساوم يومًا على قناعاته"، واستمر في نضاله من أجل القضايا العادلة رغم الضغوط.
في عام 2005 شارك أسيدون في تأسيس جمعية "ترانسبارنسي ماروك" لمكافحة الفساد، ثم أطلق في عام 2010 الفرع المغربي لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS)، التي قادها كمنسق وفاعل أساسي في المغرب.
واشتهر بإدانته العلنية لـ"المجازر التي ترتكبها إسرائيل في غزة"، وبمواقفه الرافضة للتطبيع المغربي مع تل أبيب.
ويرى المقربون أن نشاطه المكثف ضد حرب إسرائيل على غزة وضد التطبيع مع تل أبيب قد جعله هدفًا محتملاً، خصوصًا أنه قبل مرضه كان يقود سلسلة من التحركات، من بينها احتجاج في ميناء الدار البيضاء ضد سفينة يُعتقد أنها كانت تنقل معدات عسكرية إلى إسرائيل.