صعّد الجيش الإسرائيلي من وتيرة القصف في جنوب لبنان خلال الساعات الماضية، زاعمًا أنه سيستهدف ما وصفه بـ"بنى تحتية عسكرية تابعة لحزب الله" في مناطق مختلفة، موجّهاً سلسلة إنذارات متتالية لسكان بعض القرى الجنوبية.
في المرحلة الأولى، وجّه الجيش الإسرائيلي إنذارات عاجلة إلى سكان عدد من البلدات، بدءًا من قرية شحور في قضاء صور، قبل أن يصدر إنذارًا مماثلًا لسكان قرية دير كيفا المجاورة.
وقد شنّ جيش الدولة العبرية ثلاث غارات على بلدتي شحور ودير كيفا. وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد توثّق لحظات استهداف المنازل والمواقع في البلدتين.
لاحقًا، توسعت دائرة الإنذارات، إذ أصدر الجيش الإسرائيلي إخطارًا جديدًا شمل بلدتي طيرفلسيه وعيناثا.
ونشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي عبر حسابه في منصة "إكس" خرائط مرفقة تحدد المباني المطلوبة للإخلاء، داعيًا سكان المنازل والمباني المجاورة لها في القريتين إلى "مغادرتها فورًا والابتعاد لمسافة لا تقل عن 300 متر".
ولاحقًا، نفّذ الجيش الإسرائيلي ضربات على المواقع التي حدّدها في طيرفلسيه وعيناثا، في هجمات وثّقتها تسجيلات مصوّرة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.
تصاعد الضربات الإسرائيلية
شهد جنوب لبنان خلال الساعات الماضية ارتفاعًا في حصيلة الضحايا مع استمرار الغارات الإسرائيلية. صباح الأربعاء، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية مقتل شخص وإصابة 11 آخرين في غارة استهدفت بلدة الطيري في قضاء بنت جبيل. كما استهدفت إسرائيل منزلًا في قرية بليدا جنوب البلاد.
أما مساء الثلاثاء، فشهد مخيم عين الحلوة واحدًا من أكثر الهجمات دموية، إذ أفادت وزارة الصحة اللبنانية بمقتل 13 شخصًا على الأقل جراء غارة إسرائيلية استهدفت سيارة قرب المخيم في جنوب مدينة صيدا. وادّعى الجيش الإسرائيلي أنه ضرب "مخربين" كانوا يعملون في مجمع تدريب تابع لحماس في جنوب لبنان.
وأدان حزب الله الهجوم بـ"أشد العبارات"، واصفًا ما جرى بأنه "مجزرة مروعة" استهدفت مكانًا مكتظًا بالمدنيين والأطفال، ومعتبرًا أنها تأتي ضمن "سجل العدو الأسود" من الجرائم بحق الفلسطينيين واللبنانيين.
وفي أعقاب الغارة، انطلقت تظاهرة جماهيرية حاشدة من أمام مسجد خالد بن الوليد داخل مخيم عين الحلوة، جابت شوارع المخيم وسط هتافات تندد بالقصف وتستنكر استهداف المدنيين.
تصعيد متواصل وخروقات متزايدة
تتهم السلطات اللبنانية إسرائيل بخرق اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر بشكل شبه يومي، في وقت ترتفع فيه وتيرة الضربات الجوية، ما يعيد التوتر الحدودي إلى الواجهة ويثير تساؤلات حول احتمال توسّع رقعة المواجهة في المرحلة المقبلة.
في موازاة ذلك، توثّق قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "اليونيفيل" حجم الخروقات الإسرائيلية المتزايدة، إذ كشف المتحدث باسمها داني غفري أن القوة رصدت منذ الاتفاق أكثر من 7300 انتهاك جوي إسرائيلي، إضافة إلى ما يزيد عن 2400 نشاط عسكري شمالي الخط الأزرق.
وتزامن ذلك مع شروع إسرائيل في بناء جدار إسمنتي تجاوز في عدة نقاط هذا الخط، في خطوة أثارت اعتراضًا لبنانيًا واسعًا واعتُبر تعديًا مباشرًا على الحدود.
على الجانب المقابل، تتهم أوساط إسرائيلية حزب الله بمحاولة إعادة بناء قدراته العسكرية وتعزيز منظومته القتالية، وسط تقارير تُفيد باستعداد تل أبيب لاحتمال خوض جولة جديدة من القتال، بالتزامن مع تصريحات رسمية تربط أي تهدئة بضرورة "نزع سلاح الحزب" وفرض وقائع ميدانية جديدة على الأرض.