أكد قادة النقابات أن العمال في بلجيكا لن يقبلوا بسياسات من شأنها تقويض شبكة الأمان الاجتماعي التي يعتبرونها أساسية لبناء مجتمع عادل ومنصف.
دخلت بلجيكا اليوم الإثنين في إضراب نقابي عام مدته ثلاثة أيام، دعت إليه النقابات العمالية الرئيسية احتجاجاً على الإصلاحات التي تخطط لها حكومة رئيس الوزراء بارت دي ويفر لموازنة المالية العامة. وتعاني بلجيكا أحد أسوأ مستويات الديون في منطقة اليورو، إلى جانب اليونان وإيطاليا وفرنسا.
في اليوم الأول من الإضراب، الإثنين، طال التعطيل حركة النقل العام والسكك الحديد. وتتوقع شركة السكك الحديدية البلجيكية (SNCB) أن لا تتخطى نسبة التشغيل نصف رحلات القطار، أو حتى الثلث تبعاً للخطوط. كما ألغيت رحلات كثيرة عبر قطارات "يوروستار" التي تربط بروكسل بباريس.
ويتصاعد الإضراب يوم الثلاثاء ليشمل الخدمات العامة، حيث تشهد المدارس ودور الحضانة والمكاتب الحكومية وعدد كبير من المستشفيات إغلاقاً شاملاً. بينما يُتوقع أن يشهد يوم الأربعاء إضراباً وطنياً شاملاً يعم كافة قطاعات الاقتصاد.
ومن المؤكد أن يكون لهذا الإضراب تأثير كبير على الحركة الجوية، إذ لن تقلع أي رحلات جوية تجارية الأربعاء من مطاري بلجيكا الرئيسيين، بروكسل-زافينتيم وشارلروا، في ظل توقع الشركات المشغلة للمرفقين الجويين مشاركة عالية في الإضراب بين موظفي الأمن.
إصلاحات تقشفية وسط أزمة ديون مزمنة
ويعمل رئيس الوزراء المحافظ الفلمنكي، الذي يتولى السلطة منذ فبراير 2025، على فرض سياسات تقشفية واسعة في البلاد. وقد وضع على جدول أعماله سلسلة من الإصلاحات الهيكلية غير المسبوقة المتعلقة بتحرير سوق العمل، وإعانات البطالة، والمعاشات التقاعدية.
لكن لم يُنفَّذ حتى الآن سوى عدد قليل من الإصلاحات الرئيسية التي اقترحها دي ويفر، إذ إن الأحزاب الخمسة في ائتلافه منقسمة حول نطاق الإصلاحات وكيفية تحقيق التخفيضات الجديدة في الميزانية إلى جانب الزيادة الكبيرة في الإنفاق العسكري.
وقد أعطى رئيس الوزراء ائتلافه مهلة حتى عيد الميلاد للتوصل إلى اتفاق، وتُمثل حركة الإضراب فرصة للضغط على الأحزاب مع استمرار مفاوضاتها.
احتجاجات سابقة
وسبق أن لفتت احتجاجات سابقة في بلجيكا الانتباه بشكل كبير إلى إجراءات التقشف الحكومية. ففي منتصف أكتوبر 2025، خرج عشرات الآلاف من المتظاهرين إلى شوارع بروكسل للاحتجاج على خطط خفض الميزانية.
ووصف الكثيرون تلك التظاهرات بأنها رد فعل على ما اعتبروه "تخفيضات وحشية" في الإنفاق، من شأنها الإضرار بالخدمات العامة والحماية الاجتماعية.
وتُمثِّل الإضرابات الحالية تصعيداً غير مسبوق في مواجهة سياسات الحكومة. فمن خلال حشد قطاعات واسعة من مختلف المجالات، تسعى النقابات إلى زيادة الضغط على الحكومة لإعادة النظر في سياستها الاقتصادية، تجنباً لتداعياتها السلبية على النسيج الاجتماعي في بلجيكا.
مطالب النقابات
واتهمت نقابة العمال الاشتراكية (FGTB) رئيس الوزراء بإظهار "احتقار" للاحتجاجات، وهو ما يعكس الإحباط العميق الذي تشعر به قوى العمل ومؤسساتها. وتدّعي النقابات أن هذه التغييرات ستؤثر بشكل غير متناسب على أكثر فئات المجتمع ضعفاً.
وفي بيانها حول الإضراب، دعت النقابات الحكومة إلى وقف ما تعتبره تفكيكاً تدريجياً للبرامج الاجتماعية الأساسية، والتي تُعدّ خطاً حيوياً لدعم العديد من المواطنين، خصوصاً أولئك الذين يعانون أصلاً من حالة عدم اليقين الاقتصادي.
وأكد قادة النقابات أن العمال البلجيكيين لن يقبلوا بسياسات تقوّض شبكة الأمان الاجتماعي التي يرون أنها جوهرية لبناء مجتمع عادل ومنصف.