كشف ترامب أنه طلب من مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف التوجه إلى موسكو لمناقشة "نقاط الخلاف القليلة" حول خطة السلام في أوكرانيا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
تتسارع الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب في أوكرانيا مع تعدد المبادرات والتحركات الدولية، إذ تبرز مواقف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بشأن النسخة المُعدّلة من الخطة الأميركية للسلام، بالتوازي مع تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول اقتراب فرص التوصل إلى اتفاق، فيما تطرح تركيا مبادرة لإطلاق تواصل مباشر بين موسكو وكييف في إسطنبول.
وتأتي هذه التحركات على وقع نقاشات مكثفة داخل "تحالف الراغبين" الداعم لأوكرانيا، والتواصل بين واشنطن وموسكو، بالتزامن مع تصاعد الضربات المتبادلة بين روسيا وأوكرانيا واتساع نطاقها.
الخطة الأميركية المعدّلة ومواقف كييف
قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الثلاثاء إن "مبادئ" الخطة الأميركية المُعدّلة يمكن أن تؤدي إلى "اتفاقيات أعمق"، مشيرا إلى أن "الأمور باتت تعتمد بشكل كبير" على الولايات المتحدة، لأن روسيا "تولي اهتماما كبيرا للقوة الأميركية". وأوضح في خطابه اليومي أن هذه المبادئ قابلة للتوسيع، لافتا إلى أنه "يعوّل" على تعاون فعّال مع الجانب الأميركي ومع الرئيس دونالد ترامب.
وأبلغ زيلينسكي حلفاءه أن كييف مستعدة "للمضي قدما" في "إطار عمل" جديد للخطة الأميركية، لكنه أكد وجود "نقاط حساسة" يريد مناقشتها مع ترامب. وبحسب نسخة من خطابه لقادة "تحالف الراغبين" الذي يضم نحو 30 دولة، قال زيلينسكي إن لدى أوكرانيا الإطار الذي تم وضعه في جنيف، وهو مطروح على الطاولة، مضيفا أنه "مستعد للقاء الرئيس ترامب" لاستكمال النقاط العالقة.
كما أعلن رئيس مجلس الأمن الأوكراني رستم عمروف أن كييف تتطلع إلى ترتيب زيارة للرئيس الأوكراني إلى الولايات المتحدة في أقرب وقت في تشرين الثاني/نوفمبر "لاستكمال الخطوات المتبقية والتوصل إلى اتفاق مع الرئيس ترامب".
تحركات ترامب والجهود الأميركية
أبدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب تفاؤلا الثلاثاء بقرب التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب، رغم الضربات المتبادلة التي طاولت منشآت للطاقة والعاصمة الأوكرانية ومنطقة روستوف الروسية. وقال من البيت الأبيض إن "الأمر ليس سهلا، لكن أعتقد أننا قريبون جدا من التوصل إلى اتفاق. سنرى".
وكشف ترامب أنه طلب من مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف التوجه إلى موسكو لمناقشة "نقاط الخلاف القليلة" مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، موضحا عبر "تروث سوشال" أن وزير الجيش دان دريسكول سيجري مفاوضات موازية مع الأوكرانيين. وأشار إلى أنه يأمل بلقاء زيلينسكي وبوتين، "لكن فقط عند إبرام اتفاق إنهاء هذه الحرب أو بلوغ المراحل النهائية" من المحادثات.
وأبدى مسؤولون أميركيون الثلاثاء تفاؤلا بشأن المفاوضات، مع تأكيد وجود قضايا "حساسة" ما زالت مطروحة.
ونقلت "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين أميركيين توقعهم ردّا روسيا إيجابيا على مقترح السلام، مع احتمال الحاجة إلى اجتماعات إضافية.
حذر أوكراني
ذكرت شبكة سي إن إن عن مصدر أوكراني مطلع أنه "من الخطأ القول إن لدينا الآن نسخة من الاتفاق تقبلها أوكرانيا"، مشيرًا إلى أن "كييف لم تتخذ بعد قرارا بشأن التخلي عن أراض ضمّتها روسيا ولا تحكم السيطرة عليها".
وشدد المصدر على أن "طلب التخلي عن طموح الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي الناتو "غير مقبول"، وأن كييف تلقت "رقما جديدا" بشأن حجم الجيش لكنها تريد "مزيدا من التعديلات" قبل الموافقة.
ماكرون: لا رغبة روسية بوقف الحرب
اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء أن روسيا "تفتقر بوضوح للرغبة في وقف إطلاق النار"، موضحا أن مشاركين في مؤتمر عبر الفيديو لتحالف داعم لأوكرانيا أفادوا عن تواصل مباشر مع الروس، بينهم الرئيس فلاديمير بوتين. وقال إن موسكو لم تُبد أي "رغبة في مناقشة" مسودة الخطة الأميركية التي عُدّلت بعد محادثات جرت في جنيف نهاية الأسبوع الماضي.
وأشار ماكرون إلى أن العمل سيبدأ مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي لمناقشة "مراقبة الالتزام" بأي وقف لإطلاق النار في المستقبل. وشدد على الحاجة إلى "جيش أوكراني قوي" وعلى عدم فرض أي قيود على قدراته، كما أعلن تشكيل مجموعة عمل مخصصة لـ"قوات الدعم" لتعزيز الجيش الأوكراني كـ"خط دفاع ثانٍ"، بقيادة فرنسا وبريطانيا، وبمشاركة تركيا وللمرة الأولى الولايات المتحدة.
وأكد أيضا أن قرارا بشأن الأصول الروسية المجمدة سيُتخذ "في الأيام المقبلة"، معتبرا أنها "بالغة الأهمية" وتشكل "وسيلة ضغط" على موسكو.
المبادرة التركية: استعداد لاستضافة تفاوض مباشر
اقترح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الثلاثاء "تسهيل تواصل مباشر" بين روسيا وأوكرانيا في إسطنبول بهدف التوصل إلى وقف إطلاق نار "عادل ودائم". وأوضح، خلال مؤتمر عبر الفيديو مع قادة 35 دولة داعمة لأوكرانيا، أن تركيا على تواصل مع الجانبين وأن مفاوضات مباشرة يمكن أن تُعقد في إسطنبول.
وقال إن وقف إطلاق نار يشمل البنى التحتية للطاقة والموانئ يمكن أن يهيّئ الظروف المناسبة للتفاوض على اتفاق سلام شامل. ويأتي هذا الطرح بعد استقبال إردوغان للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في أنقرة الأسبوع الماضي، وإجرائه محادثة هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاثنين.
التطورات الميدانية واتساع رقعة الهجمات
على الصعيد الميداني، تبادلت أوكرانيا وروسيا ضربات جوية صباح الثلاثاء، أسفرت عن مقتل سبعة أشخاص في كييف وتعطّل خدمات المياه والطاقة، فيما سقط ثلاثة قتلى في منطقة روستوف الروسية. كما أعلنت السلطات في كراسنودار عن هجمات واسعة النطاق أصابت ستة أشخاص وتسببت بأضرار في نحو 20 منزلا في خمس بلديات.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن دفاعاتها الجوية اعترضت 249 مسيّرة أوكرانية بين ليل الاثنين والثلاثاء.
وامتدت تداعيات الضربات إلى دول مجاورة، إذ أعلنت رومانيا دخول مسيّرتين أجواءها، وأرسلت طائرات ألمانية من طراز "يوروفايتر تايفون" وأخرى رومانية من طراز "أف-16" لمراقبة الموقف، بينما أفادت مولدافيا بتحطم مسيّرة على أراضيها صباح الثلاثاء.
وفي كييف، وصف وزير الخارجية أندريه سيبيغا الضربات الروسية بأنها "رد فعل إرهابي"، فيما قال رئيس بلدية العاصمة فيتالي كليتشكو إن الهجمات تسببت بتعطل توزيع المياه والطاقة.