أعلنت الصين فرض رسوم جمركية انتقامية بنسبة 34% على الولايات المتحدة يوم الأربعاء، وهي الخطوة التي تسببت في انخفاض العديد من الأسهم الأمريكية، ولا سيما أسهم الشركات التي تربطها علاقات واسعة النطاق مع الصين.
انخفضت أسواق الأسهم في جميع أنحاء العالم يوم الجمعة، بعد أن أعلنت الصين فرض تعريفة جمركية بنسبة 34% على السلع المستوردة من الولايات المتحدة، وهي نسبة مماثلة للنسبة التي حددها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وقت سابق من هذا الأسبوع.
ولم يكن التقرير الذي جاء أفضل من المتوقع عن سوق العمل في الولايات المتحدة، والذي عادةً ما يكون الحدث الاقتصادي الأبرز في كل شهر، كافيًا لوقف هذا الانخفاض.
وانخفض مؤشّر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 2.8% في التعاملات المبكرة، ليخرج من أسوأ يوم له منذ أن دمر فيروس كورونا الاقتصاد العالمي في عام 2020. كما انخفض مؤشر داو جونز الصناعي بمقدار 1,049 نقطة، أو 2.6 نقطة، اعتبارًا من الساعة 9:35 صباحًا بالتوقيت الشرقي (15.35 بتوقيت وسط أوروبا)، وانخفض مؤشر ناسداك المركب بنسبة 3.2%.
حتى الآن، هناك القليل من الرابحين في الأسواق المالية من الحرب التجارية. وشهدت الأسهم الأوروبية بعضًا من أكبر خسائر اليوم، حيث انخفضت المؤشرات أكثر من 3.5%. وكذلك انخفض سعر النفط الخام إلى أدنى مستوى له منذ عام 2021. كما شهدت لبنات البناء الأساسية الأخرى للنمو، مثل النحاس، تراجعًا حادًا في الأسعار بسبب المخاوف من أنّ الحرب التجارية ستضعف الاقتصاد العالمي بأكمله.
وتسبّب رد الصين على الرسوم الجمركية الأمريكية في تسارع الخسائر في الأسواق في جميع أنحاء العالم، حيث تمتلك الدولتان اقتصادينِ من أكبر الاقتصادات في العالم.
هل يمكن أن تتسبب حرب ترامب التجارية في ركود عالمي؟
استردّت الأسواق بعض خسائرها بعد تقرير الوظائف الأمريكية الصادر صباح الجمعة، والذي قال إن أرباب العمل سرّعوا من وتيرة التوظيف الشهر الماضي بأكثر ممّا توقعه الاقتصاديون.
وتعدُّ هذه أحدث إشارة إلى أنّ سوق العمل الأمريكية ظلت قوية نسبيًا خلال بداية عام 2025، وكانت بمثابة العمود الفقري الذي أبقى الاقتصاد بعيدًا من الركود.
لكن بيانات الوظائف تلك كانت حول الفترة الماضي، بينما الخوف الذي يضرب الأسواق المالية اليوم، يتعلق بما هو مقبل. هل ستؤدّي الحرب التجارية إلى ركود عالمي؟ إذا حدث ذلك، فمن المحتمل أن تنخفض أسعار الأسهم أكثر مما انخفضت بالفعل. فقد انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 15% تقريبًا عن الرقم القياسي الذي سجله في شباط / فبراير.
وسيعتمد الكثير على مدى استمرار رسوم ترامب الجمركية، ونوع الإجراءات الانتقامية التي ستنفذها الدول الأخرى. ولا يزال البعض في وول ستريت متمسِّكًا بالأمل في أن يخفض ترامب الرسوم الجمركية بعد التفاوض مع الدول الأخرى، لتحقيق بعض "المكاسب". وبخلاف ذلك، يقول الكثيرون إن الركود يبدو مرجحًا.
من جانبه، قال ترامب إن الأمريكيين قد يشعرون "ببعض الألم" بسبب التعريفات الجمركية، لكنه قال أيضًا إن الأهداف طويلة الأجل، بما في ذلك إعادة المزيد من وظائف التصنيع إلى الولايات المتحدة، تستحق العناء. ويوم الخميس، شبّه ترامب الوضع بالعملية الطبية، حيث يكون الاقتصاد الأمريكي هو المريض.
وقال برايان جاكوبسن، كبير الاقتصاديين في شركة Annex Wealth Management: "بالنسبة للمستثمرين الذين ينظرون إلى محافظهم الاستثمارية، قد يبدو الأمر وكأنه عملية جراحية تُجرى بدون تخدير".
لكن جاكوبسن قال أيضًا إن المفاجأة التالية للمستثمرين قد تكون مدى سرعة التفاوض بشأن التعريفات الجمركية. وقال: "ستعتمد سرعة التعافي على كيفية وسرعة تفاوض المسؤولين".
وعلى سبيل المثال، قالت فيتنام إن نائب رئيس وزرائها سيزور الولايات المتحدة لإجراء محادثات بشأن التجارة، في حين تعهد رئيس المفوضية الأوروبية بالرد. وقال آخرون إنهم كانوا يأملون في التفاوض مع إدارة ترامب من أجل تخفيف العقوبات.
الشركات الأمريكية ذات العمليات الصينية
وفي وول ستريت، تراجعت أسهم الشركات التي تقوم بالكثير من الأعمال التجارية في الصين إلى جزء من أكبر الخسائر.
وحصلت شركة GE للرعاية الصحية على 12% من إيراداتها العام الماضي من منطقة الصين، وتراجعت بنسبة 17.9% مسجلة أكبر خسارة في مؤشر S&P 500. أما شركة يونايتد إيرلاينز، التي دخلت في تحالف مع الخطوط الجوية الصينية وحصلت على ثلث إيراداتها من الركاب العام الماضي من الرحلات الجوية عبر المحيط الهادئ، فقد خسرت 8.1%.
وانخفض سهم شركة DuPont بنسبة 12.1% بعد أن قالت الصين إنّ سلطاتها التنظيمية بدأت تحقيقًا لمكافحة الاحتكار في مجموعة DuPont China، وهي شركة تابعة للشركة الكيميائية متعددة الجنسيات. ويعدُّ هذا الإجراء واحدًا من عدة إجراءات تستهدف الشركات الأمريكية، وردًا على الرسوم الجمركية الأمريكية.
وفي سوق السندات، واصلت عوائد سندات الخزانة انخفاضها الحاد، مع تزايد المخاوف بشأن قوة الاقتصاد الأمريكي، ومع تزايد التوقعات بقيام الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة لتخفيف حدة الأزمة.
وانخفض العائدُ على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى أقل من 4% إلى 3.92% من 4.06% في وقت متأخر من يوم الخميس الماضي ومن 4.80% تقريبًا في وقت مبكر من هذا العام. وتُعد هذه خطوة كبيرة بالنسبة لسوق السندات.
وفي أسواق الأسهم في الخارج، خسر مؤشر داكس الألماني بنسبة 3.9%، وانخفض مؤشر كاك 40 الفرنسي بنسبة 3.6%، وانخفض مؤشر نيكاي 225 الياباني بنسبة 2.8%.