أياما طويلة أمضاها نحو 60 شريكًا اقتصاديا لواشنطن في محاولة إقناع الرئيس دونالد ترامب بالعدول عن فرض التعريفات الجمركية. وأخيرًا، علّق الزعيم الجمهوري القرار لمدة 90 يومًا... فلماذا هذا التحول؟ هل نزل ترامب عند رغبات تلك الدول، أم أن هناك سببًا آخر وراء تراجعه؟
بعد 13 ساعة من الهزات العنيفة في البورصات العالمية، تراجع الرئيس الأمريكي عن موقفه بشأن فرض فوري للرسوم الجمركية على الشركاء التجاريين لأمريكا باستثناء الصين. وهو الذي لم يوفر في السابق فرصة لانتقاد تلك الدول التي حاولت الرد كلما استطاعت لذلك سبيلا.
حدّة التصريحات، أعطت انطباعا بأن الرئيس البالغ من العمر 78 عامًا قد أحرق جميع المراكب خلفه، وأنه لن يكون هناك تراجع عن التعريفات التي وجدها "مستحقة" لكل من "استغل أمريكا العظيمة." بحسب تعبيره.
غير أن التغير المفاجئ وإعطاء مهلة 90 يومًا يثير تساؤلات حول دوافع سيد البيت الأبيض، الذي تعرض لضغوطات هائلة من رجال الأعمال والمستثمرين بعدما بلغ تذبذب الأسواق ذروته.
وعلى الرغم من محاولة إدارته الترويج لذلك كدليل على حنكة الرئيس في التفاوض، إلا أن الشكوك لا تزال قائمة.
وعند سؤاله عن أسباب التراجع، أشار ترامب إلى أن الناس كانت مرتبكة وخائفة، وأن إعطاء مهلة سيسمح بالتفاوض حول أسس التجارة في المستقبل.
غير أن بعض المراقبين يرون أن السبب "الحقيقي" وراء التراجع هو النزيف في سندات الخزانة الأمريكية، التي تمول نفقات الحكومة.
أمريكا متجهة نحو أزمة مالية
وقد كان لافتًا تصريح لورنس سامرز، وزير الخزانة السابق، الذي حذر من أن "البلاد قد تكون متجهة نحو أزمة مالية خطيرة ناجمة عن سياسة التعريفة الجمركية."
ووفقًا لمجلة "ذا نيويوركر" الأمريكية، فإن وزير الخزانة الحالي، سكوت بيسنت، الذي حاول في البداية تجاهل التحذيرات التي أطلقها سامرز، رضخ للأمر الواقع صباح الأربعاء، وكان هو نفسه "مهندس عملية الاستسلام."
ماذا حدث؟
أدى الاضطراب في الأسواق إلى ارتفاع مفاجئ في عوائد السندات، ما يعني أيضًا انخفاض أسعارها. ويعود ذلك جزئيًا إلى اقتراض واشنطن بمعدلات غير طبيعية، ما دفع المستثمرين إلى تسريع عمليات البيع في الخزانة الأمريكية.
وقد اعتاد رجال الأعمال الاستثمار في سندات الخزانة الأمريكية طلبًا للأمان الذي توفره الحكومة واقتصادها القوي. غير أن انخفاض الأسهم دفعهم إلى بيع حصصهم في السندات، ما يعكس قلقهم من قدرة الولايات المتحدة على سداد الديون التي اقترضتها، خاصة في ظل الغموض حول تأثير الرسوم الجمركية على الاقتصاد.
ورغم التراجع عن القرار، يرى بعض الخبراء أن الضرر قد حدث بالفعل. فقد تأثرت مدخرات التقاعد في البلاد 401(k)، وضعفت الثقة بالحكومة، وهي أمور سيتطلب ترميمها وقتًا لا بأس به.