أنفقت دول الاتحاد الأوروبي 343,2 مليار يورو على الدفاع في عام 2024، وشكلت ألمانيا وفرنسا معا 44 بالمئة من إجمالي الإنفاق.
ارتفع الإنفاق الدفاعي في الاتحاد الأوروبي بشكل ملحوظ مع تصاعد التهديدات العالمية، إذ تضاعف تقريباً خلال السنوات الخمس الماضية.
وتتوقع الوكالة الأوروبية للدفاع (EDA) أن يبلغ 392 مليار يورو في عام 2025. وفي 2020، بلغ الإنفاق 198 مليار يورو، أي بزيادة اسمية قدرها 98%. وبعد تعديل الأرقام للتضخم، تبلغ الزيادة 63%، وهي قفزة كبيرة بين 2020 و2025.
يربط كثير من خبراء الأمن هذا الارتفاع الحاد مباشرة بغزو روسيا لأوكرانيا، إلى جانب تعثر الدعم الأمريكي للأمن الأوروبي. ومع وجود خطة سلام روسية أوكرانية قيد الإعداد، يخشى الخبراء أن يهدد اتفاق يصب في مصلحة موسكو الاستقرار على المدى الطويل إذا جرى إغفال بعض الضمانات الأمنية. وبالنسبة لجيران أوكرانيا، بات خطر غزو روسي مستقبلي احتمالاً متزايد الواقعية.
ومع وقوف السلام العالمي على المحك، ما الدول الأوروبية التي تسهم أكثر في دفاعها؟
ألمانيا تتصدر الإنفاق الدفاعي
بحسب بيانات الوكالة الأوروبية للدفاع، أنفقت دول الاتحاد الأوروبي 343,2 مليار يورو على الدفاع في 2024. وتتصدر ألمانيا القائمة بفارق واسع عند 90,6 مليار يورو، أي ما يعادل 26,4% من إجمالي الإنفاق الدفاعي للاتحاد. وتليها فرنسا بـ59,6 مليار يورو، أي 17,4% من إجمالي الاتحاد.
ومعاً، يشكل البلدان 43,8% من إجمالي الإنفاق الدفاعي للاتحاد، بقيمة 150 مليار يورو.
ونظراً لأن أرقام يوروستات أدنى من بيانات الوكالة الأوروبية للدفاع بسبب اختلافات في التصنيف، فإن الأرقام المعتمدة هنا تعكس بيانات الوكالة، وهي أيضاً الأحدث.
خمسة بلدان تستحوذ على سبعة من كل عشرة يورو من الإنفاق
تحتل إيطاليا المرتبة الثالثة بإنفاق قدره 32,7 مليار يورو، تليها عن كثب بولندا عند 31,9 مليار يورو. وتأتي إسبانيا خامساً، لكن إنفاقها الدفاعي يبقى منخفضاً نسبياً بين كبرى الاقتصادات الأوروبية عند 22,7 مليار يورو. وفي وقت سابق هذا العام، هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بطرد إسبانيا من الناتو بسبب رفضها الالتزام بزيادة الإنفاق العسكري إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي.
مجتمعة، أنفقت البلدان الخمسة الأولى في التصنيف 237,5 مليار يورو على الدفاع، وهو ما يشكل 69,2% من إجمالي الاتحاد.
14 بلدا يتقاسمون 8% من إجمالي الاتحاد الأوروبي
أنفقت 14 دولة في الاتحاد الأوروبي أقل من 5 مليارات يورو لكل منها، فيما أنفقت ثمانية منها أقل من ملياري يورو. وبالمجمل، أنفقت هذه المجموعة البالغ عددها 14 دولة 28,2 مليار يورو، أي ما لا يتجاوز 8,2% من إجمالي الاتحاد. وتشمل هذه المجموعة النمسا (4,9 مليار يورو)، والمجر (4,5 مليار يورو)، والبرتغال (4,2 مليار يورو). وسجلت مالطا، أصغر دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، أدنى إنفاق عند 99 مليون يورو فقط.
المملكة المتحدة وتركيا عضوان أوروبيان بارزان في الناتو رغم أنهما ليستا ضمن الاتحاد الأوروبي. وبحسب الناتو، أنفقت المملكة المتحدة في 2024 نحو 65,8 مليار جنيه إسترليني (ما يعادل 74,97 مليار يورو) على الدفاع، فيما أنفقت تركيا نحو 24,4 مليار يورو.
الإنفاق الدفاعي للفرد
يتفاوت الإنفاق الدفاعي للفرد على نطاق واسع في أنحاء أوروبا، من 174 يورو في مالطا إلى 1.540 يورو في الدنمارك في عام 2024. وكان المتوسط البسيط عبر دول الاتحاد الأوروبي 686 يورو، و764 يورو عند احتسابه موزوناً بعدد سكان الاتحاد في بداية العام.
وإلى جانب الدنمارك، هناك أربعة بلدان أخرى تنفق أكثر من 1.000 يورو للفرد. وهي هولندا (1.184 يورو)، وفنلندا (1.140 يورو), والسويد (1.073 يورو) وألمانيا (1.069 يورو).
وهذا الرقم يقل عن 500 يورو في عشرة بلدان، من بينها إسبانيا عند 465 يورو.
ومن بين الاقتصادين الكبيرين الآخرين، تنفق فرنسا 869 يورو للفرد، فيما تخصص إيطاليا 555 يورو.
كيف يتغير الإنفاق الدفاعي في أوروبا؟
قال كالي هوكانسون، الباحث في وكالة البحوث الدفاعية السويدية، لـ"Euronews Business": "كان الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا العامل الرئيس المحرك لارتفاع الإنفاق الدفاعي".
وأضاف: "وعلى الرغم من أن الاستثمارات الدفاعية في أوروبا كانت ترتفع بالفعل خلال العقد الماضي، فإن الحرب في أوكرانيا شكلت نقطة تحول كبرى".
تُظهر أرقام يوروستات والوكالة الأوروبية للدفاع زيادات في الإنفاق الاسمي، فيما تكشف أسعار 2024 الثابتة لدى الوكالة التغير الحقيقي بعد ضبط الأرقام على مستويات أسعار 2024.
وباستخدام أسعار 2024 الثابتة، بلغ الإنفاق الدفاعي للاتحاد الأوروبي 234,2 مليار يورو في 2020. وارتفع إلى 343,2 مليار يورو في 2024، ومن المتوقع أن يصل إلى 381 مليار يورو في 2025.
أما الزيادة الحقيقية خلال العقد الماضي، من 2015 إلى 2025، فتبلغ 99%. وفي 2014، كان الإنفاق عند أدنى مستوياته بالقيمة الحقيقية مسجلاً 188,5 مليار يورو. ومنذ ذلك الحين، ارتفع كل عام.
قال رافائيل لوس، الزميل الباحث في "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية" (ECFR)، لـ"Euronews Business": "في عام 2014، أوقفت دول الاتحاد الأوروبي، ومعظمها أيضاً أعضاء في حلف الناتو، مسار تراجع ميزانيات الدفاع رداً على الغزو الروسي الأول لأوكرانيا".
لكنّه أشار إلى أن الأمر استغرق أعواماً قبل أن تتجاوز زيادات ميزانيات الدفاع النسبية نمو الناتج المحلي الإجمالي، وبذلك تقترب من هدف الناتو للإنفاق الدفاعي عند 2% الذي اعتمدته دول الاتحاد الأوروبي مرجعاً في حينه.
وفي قمة عقدت في وقت سابق هذا العام، اتفق أعضاء الناتو على زيادة الإنفاق الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2035 استجابةً لضغوط من الولايات المتحدة. وتستهدف الدول إنفاق 3,5% من الناتج على الدفاع الأساسي، فيما يمكن تخصيص 1,5% المتبقية للبنية التحتية الأمنية الأوسع.