أقرّت الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، خلال المؤتمر العام المنعقد في مدينة سمرقند بأوزبكستان، تعيين وزير السياحة والآثار المصري السابق خالد العناني مديرًا عامًا للمنظمة لولاية تمتد أربع سنوات.
وجاء التصويت، الذي جرى الخميس، بمثابة تثبيت رسمي لقرار المجلس التنفيذي الصادر في السادس من تشرين الأول/ أكتوبر، بعدما حصد العناني تأييد 55 دولة من أصل 57 في ذلك الحين، قبل أن ينال في الجلسة العامة الأخيرة 172 صوتًا من أصل 174.
وبهذا يصبح العناني أول عربي ومصري يتولى هذا المنصب الدولي الرفيع منذ تأسيس المنظمة عام 1945، خلفًا للفرنسية أودري أزولاي، على أن يتسلّم مهامه رسميًا في منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
وقد رحّبت القاهرة بهذه النتيجة معتبرة إياها نصرًا تاريخيًا لمصر، لكن التهاني الرسمية قوبلت بموجة من التنديدات والانتقادات من منظمات حقوقية وخبراء في التراث، رأت في تعيينه مؤشرًا مقلقًا لمستقبل المواقع التاريخية والثقافية في مصر.
سجل مثير للجدل
ارتبط اسم خالد العناني، خلال توليه وزارة السياحة والآثار، بمشاريع تطوير عمراني واسعة شملت "مدينة الموتى" في القاهرة، وهي منطقة المقابر التاريخية المدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو. ففي عام 2020، شهدت هذه المنطقة عمليات إخلاء للسكان ونقل للرفات أثارت غضبًا واسعًا في الأوساط الثقافية، رغم تأكيد الوزارة حينها أن الأعمال لم تمسّ المعالم الأثرية.
وفي هذا الإطار، وجّهت منظمة "وورلد هيريتدج ووتش" (World Heritage Watch) التي تتخذ من برلين مقرًا لها، نداءً إلى الدول الأعضاء في اليونسكو الأسبوع الماضي لإعادة النظر في تعيين العناني، مشيرة إلى أن "سجله الوزاري يثير تساؤلات حول التزامه بحماية المواقع الثقافية".
وفي رسالة وقّعتها أكثر من خمسين منظمة وخبيرًا، تم التذكير بهدم أجزاء من مقبرة القاهرة التاريخية وتوسيع المشاريع السياحية قرب دير سانت كاترين في سيناء، وهما موقعان مدرجان على قائمة التراث العالمي. وجاء في الرسالة: "من غير المسؤول أن يُوكل منصب كهذا لشخص لديه مثل هذا الماضي، في مؤسسة تُعنى بحماية التراث العالمي."
قلق وغموض
بعد الإعلان عن فوز العناني، عبّر مصريون عن خشيتهم مما وصفوه بـ"حكم الإعدام" على ما تبقّى من المواقع الإسلامية والتاريخية في البلاد، متوقعين أن يطوي المدير العام الجديد عشرات الشكاوى المقدّمة ضد الحكومة المصرية بسبب تدمير معالم ثقافية خلال السنوات الماضية.
ومنذ عام 2020، شهدت القاهرة القديمة وأحياؤها التاريخية موجات متكررة من الهدم بذريعة مشاريع تطوير البنى التحتية وشقّ الطرق، ما أدى إلى تدمير العديد من المعالم التراثية وتعريض الإرث الإسلامي المصري لخطر متزايد.
هذا ويأتي انتخاب العناني في وقت تواجه فيه اليونسكو اتهامات متزايدة بالتسييس وتراجع مكانتها كمرجعية ثقافية مستقلة.