حذّر تقرير أصدرته الوكالة الأوروبية للبيئة من أن تغير المناخ وتدهور البيئة في القارة العجوز يهددان بشكل مباشر الاقتصاد الأوروبي الذي يعتمد بشكل أساسي على الموارد الطبيعية.
ورغم أن التقرير أشاد بـ"التقدم المهم" الذي أحرزته أوروبا في خفض التلوث المسبب للاحتباس الحراري، إلا أنه أعرب عن قلقه من أن نمط الحياة الأوروبية بات مهددًا جراء التدهور البيئي، وحذّر من تداعيات أي تخفيف للقواعد البيئية والخضراء.
وتنشر الوكالة الأوروبية للبيئة تقريرها كل خمس سنوات. وتعدّ الوثيقة المعنونة "بيئة أوروبا 2025" السابعة من نوعها منذ أول نسخة صدرت عام 1995.
وقد أُعدّ التقرير بالتعاون مع شبكة المعلومات والمراقبة البيئية الأوروبية (Eionet)، بمشاركة كبار العلماء والمتخصصين في المجال البيئي في 32 دولة عضوًا و6 دول متعاونة مع الوكالة.
نتائج ملموسة
وصف التقرير الاتحاد الأوروبي بأنه "الرائد عالميا" في جهود مكافحة التغير المناخي، حيث خفّضت بروكسل انبعاثات الغازات الدفيئة واستخدام الوقود الأحفوري، فيما ضاعفت نسبة الطاقة المتجددة منذ عام 2005.
كما لفت إلى أن أوروبا أحرزت تقدمًا ملموسًا في تحسين جودة الهواء، وتكثيف جهود إعادة تدوير النفايات، وتعزيز كفاءة استخدام الموارد خلال السنوات العشر إلى الخمس عشرة الماضية. كما سُجّل تقدم في مؤشرات أخرى تمكّن من التحول نحو الاستدامة، مثل الابتكار، والوظائف الخضراء، والتمويل المستدام.
الخشية من تدهور التنوع البيولوجي
ومع ذلك، يشهد التنوع البيولوجي تراجعًا في النظم البيئية البرية والمائية والعذبة والبحرية، نتيجة الضغوط المستمرة الناجمة عن أنماط الإنتاج والاستهلاك غير المستدامة، ويتضح ذلك بشكل خاص في النظام الغذائي.
فقد باتت أكثر من 80% من المواطن المحمية في حالة ضعيفة أو سيئة، ويُتوقع استمرار تدهور حالة التنوع البيولوجي والنظم البيئية، مع احتمال عدم تحقيق الأهداف السياسية المتفق عليها بحلول عام 2030.
كما تواجه الموارد المائية في أوروبا ضغوطًا شديدة، حيث يعاني ثلث سكان القارة وأراضيها من نقص المياه، ومن المتوقع أن تتفاقم هذه المشكلة مع استمرار تغير المناخ.
وقد انخفضت قدرة الاتحاد الأوروبي على امتصاص الكربون بنحو 30% خلال العقد الماضي نتيجة قطع الأشجار والحرائق والآفات التي تضر بالغابات، في حين لم تتغير انبعاثات قطاعي النقل والغذاء تقريبًا منذ 2005، رغم التقدم الملحوظ في قطاعات أخرى.
كما أكد التقرير أن الدول الأعضاء فشلت في التكيف مع الطقس القاسي بمعدل يواكب ارتفاع مستويات المخاطر.
الحلول المقترحة
وفي هذا السياق، شدد التقرير على ضرورة إعادة النظر في الروابط بين الاقتصاد والبيئة الطبيعية، بما في ذلك الأراضي والمياه والموارد، مؤكدًا أن استعادة البيئة الطبيعية في أوروبا سيكون أمرًا حاسمًا للحفاظ على اقتصاد تنافسي ومستوى معيشي مرتفع للمواطنين.
كما رأى أن التغيير الجذري في أنظمة الإنتاج والاستهلاك — من خلال العمل على إزالة بصمة الكربون، والتحوّل نحو الاقتصاد الدائري، وتقليل نسبة التلوث، وإدارة الموارد الطبيعية بشكل مسؤول — أصبح أمرًا عاجلًا، مشيرًا إلى أن سياسات الاتحاد الأوروبي، بما فيها الصفقة الخضراء، توفر مسارًا واضحًا نحو تحقيق الاستدامة.