رغم أن النتائج تبدو واعدة، يحذر الباحثون من الاعتماد الكامل عليها كدليل قاطع. ويوضح ستاماتاكيس: "منطقيًا، يبدو أن هذه الأنشطة يمكن أن تكون مفيدة للصحة، لكننا لا نستطيع إثبات علاقة السببية من خلال هذا النوع من الدراسات".
كشفت دراسة علمية حديثة أن ممارسة نشاط بدني شديد لمدة دقيقة واحدة فقط يوميًا يمكن أن يكون لها تأثير كبير على الصحة العامة، حيث تقلل بشكل ملحوظ من خطر الموت المبكر.
وأجريت الدراسة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وكشفت عن دور الأنشطة اليومية العرضية، مثل صعود السلالم بسرعة أو اللعب مع الأطفال بنشاط، في تعزيز الصحة العامة. وتتميز هذه الأنشطة بأنها أكثر قابلية للتطبيق مقارنةً بالتمارين الرياضية التقليدية التي قد يصعب على الكثيرين الالتزام بها.
نتائج مذهلة
وفقًا للبحث، فإن الأشخاص الذين مارسوا نشاطًا بدنيًا شديدًا لمدة دقيقة واحدة وعشر ثوانٍ يوميًا فقط كانوا أقل عرضة بنسبة 38% للموت المبكر لأي سبب خلال السنوات الست التالية مقارنةً بمن لم يمارسوا أي نشاط مشابه.
وفي دراسة منفصلة أجرتها جامعة سيدني، اتضح أن السكان ذوي اللياقة البدنية المنخفضة يمكنهم تحقيق نفس الفوائد الصحية بمجهود أقل، حيث كانت دقيقة واحدة وعشر ثوانٍ كافية لتقليل خطر الموت المبكر بنفس النسبة.
واعتمدت الدراسات على بيانات جُمعت من آلاف المشاركين في دراسات صحية طويلة الأمد مثل دراسة البنك الحيوي البريطاني (UK Biobank) ودراسة NHANES في الولايات المتحدة. وتم تزويد المشاركين بأجهزة مراقبة للنشاط البدني ارتدوها لمدة أسبوع واحد لتقييم مستويات نشاطهم اليومي.
وبعد سنوات من المتابعة، حلل الفريق العلاقة بين النشاط البدني وخطر الوفاة، ليكتشف أن الأنشطة القصيرة ولكن المكثفة يمكن أن تكون بنفس أهمية التمارين الطويلة.
تحديات ممارسة الرياضة المنتظمة
وعلى الرغم من الدعوات المستمرة لزيادة النشاط البدني، لا يزال حوالي 15% فقط من البالغين قادرين على الالتزام بممارسة الرياضة بشكل منتظم.
وأوضح البروفيسور إيمانويل ستاماتاكيس من جامعة سيدني، أحد القائمين على البحث: "معظم السكان البالغين يواجهون صعوبة في دمج التمارين الرياضية ضمن روتين حياتهم اليومية، سواء بسبب ضيق الوقت أو نقص الحافز الكافي"
ويضيف أن هذا الواقع دفع فريقه إلى استكشاف فوائد الأنشطة العرضية التي يقوم بها الناس دون تخطيط مسبق.
تأثير السقف: الفوائد أكبر لدى غير النشطين
ويشير الدكتور كارلوس سيليس-موراليس من جامعة غلاسكو إلى أن هذه النتائج قد تكون نتيجة ما يُعرف بـ"تأثير السقف". حيث تكون الفوائد الصحية للنشاط البدني أكثر وضوحًا لدى الأفراد ذوي اللياقة المنخفضة مقارنةً بذوي اللياقة العالية الذين لديهم مجال أقل للتحسين.
وأضاف"في الأشخاص ذوي اللياقة العالية، هناك حدود طبيعية للتحسين، بينما لدى الأفراد غير النشطين الذين يعانون من انخفاض اللياقة، يكون نطاق التحسين أكبر بكثير".
مستقبل أكثر صحة بدون صالات رياضية
ورغم أن النتائج تبدو واعدة، يحذر الباحثون من الاعتماد الكامل عليها كدليل قاطع. ويوضح ستاماتاكيس: "منطقيًا، يبدو أن هذه الأنشطة يمكن أن تكون مفيدة للصحة، لكننا لا نستطيع إثبات علاقة السببية من خلال هذا النوع من الدراسات". لذلك، يعمل الفريق الآن على تصميم دراسات جديدة لتحليل العلاقة بين النشاط العرضي والفوائد الصحية بشكل أعمق.
ويعد الهدف النهائي لهذه الجهود هو إيجاد طرق عملية لزيادة النشاط البدني اليومي دون الحاجة إلى الذهاب إلى صالات الرياضة أو تخصيص وقت طويل للتمارين. ويؤكد ستاماتاكيس: "نأمل أن نتمكن في المستقبل من تقديم نصائح وإرشادات تساعد الناس على زيادة نشاطهم العرضي، مما يجعل نمط الحياة الصحي متاحًا للجميع".