أكد الباحثون أن معالجة "فقر الوقت" هي خطوة أساسية وملحة إذا أردنا الوقاية الفعالة من الخرف.
أظهرت دراسة حديثة من مركز العمر الدماغي الصحي بجامعة نيو ساوث ويلز (CHeBA) سيدني أن نقص الوقت قد يكون العامل المفقود في الوقاية من الخرف، وربما يكون له تأثير يوازي التعليم والدخل على صحة الدماغ. ونُشرت الدراسة في 13 أكتوبر بمجلة The Lancet Healthy Longevity.
"اللامساواة الزمنية" تهدد الدماغ
يشير الباحثون إلى أن توزيع الوقت غير المتكافئ بين فئات المجتمع — ما يسمونه "اللامساواة الزمنية" — قد يقيد قدرة الأفراد على تبني سلوكيات تقلل من خطر الخرف.
وقالت الأستاذة المشاركة وخبيرة العوامل الاجتماعية للصحة، سوزان روهر: "النوم، والنشاط البدني، والتغذية، والمشاركة الاجتماعية كلها ضرورية لصحة الدماغ، لكنها تتطلب موردًا واحدًا حاسمًا: الوقت."
وأضافت: "يمكن الوقاية من نحو 45% من حالات الخرف عالميًا إذا تم التحكم في عوامل الخطر القابلة للتعديل، لكن كثيرين لا يملكون الوقت الكافي لممارسة الرياضة، أو الراحة، أو تناول غذاء صحي، أو البقاء على اتصال اجتماعي. هذا ما نسميه 'فقر الوقت'، وهو حاجز خفي أمام الوقاية من الخرف."
عوامل هيكلية تزيد من "فقر الوقت"
تسلط الدراسة الضوء على دور الظروف الاجتماعية والاقتصادية في تكوين "فقر الوقت"، مثل: ساعات العمل الطويلة، مسؤوليات رعاية الأسرة، الإرهاق الرقمي المستمر، التحديات الاقتصادية والاجتماعية
وتشير النتائج إلى أن هذه العوامل تؤثر بشكل غير متناسب على الفئات الأكثر ضعفًا، مما يزيد من التفاوت الصحي ويحد من الفرص لممارسة سلوكيات مفيدة للدماغ.
العدالة الزمنية: حاجة ملحة للسياسات
قال البروفيسور بيرميندر ساشديف، المدير المشارك لمركز CHeBA: "تركزت سياسات وأبحاث صحة الدماغ على تغيير سلوك الأفراد، لكن دون توفير الوقت الكافي لتطبيق هذه التوصيات، نخاطر بترك الفئات الأكثر حاجة. تمامًا كما تتخذ الحكومات إجراءات لمعالجة عدم المساواة في الدخل، يجب أن نتصدى لللامساواة الزمنية."
ويؤكد الباحثون أن تحقيق "العدالة الزمنية" يتطلب إصلاحات عملية، تشمل:
ترتيبات عمل مرنة
حقوق الفصل عن العمل الرقمي
توفير رعاية أطفال بأسعار معقولة
تحسين النقل العام
التخطيط الحضري لتقليل أوقات التنقل
كم من الوقت يحتاج الدماغ؟
قالت المؤلفة المشاركة، سيمون ريبرموند: "تشير الأدلة إلى أن نحو 10 ساعات يوميًا ضرورية للأنشطة الأساسية لصحة الدماغ، مثل النوم، والوجبات، والنشاط البدني، والتفاعل الاجتماعي. بالنسبة للكثيرين، وخاصة الفئات الضعيفة أو المسؤولين عن الرعاية، هذا غير ممكن في ظل الظروف الحالية."
وأكد الباحثون أن معالجة "فقر الوقت" هي خطوة أساسية وملحة إذا أردنا الوقاية الفعالة من الخرف، داعين الحكومات والمجتمعات إلى دمج العدالة الزمنية في استراتيجيات الصحة العامة.