تشير دراسة حديثة إلى أن لقاح الحزام الناري قد يشكّل أحد أبرز المفاتيح العلمية في تقليل خطر الإصابة بالخرف أو إبطاء تقدّمه، في وقت يشهد فيه العالم ارتفاعًا مستمرًا بأعداد المصابين، بينما لا تتوفر حتى الآن علاجات فعالة.
كشفت دراسة أجراها باحثون في كلية الطب بجامعة ستانفورد أن كبار السن الذين تلقّوا لقاح الحزام الناري كانوا أقل عرضة للإصابة بالخرف بنسبة 20% خلال سبع سنوات، مقارنة بغير الملقحين.
النتائج التي نُشرت في 2 نيسان/ أبريل بمجلة Nature دعمت نظرية علمية تربط بين الفيروسات التي تستهدف الجهاز العصبي وارتفاع خطر الخرف، وقدّمت مؤشرًا إلى أن التدخل الوقائي ربما يكون متاحًا بالفعل.
ويطال الخرف أكثر من 55 مليون شخص عالميًا مع تسجيل 10 ملايين إصابة جديدة سنويًا. هذا الواقع، إلى جانب غياب العلاجات الفعالة، دفع العلماء إلى استكشاف الروابط المحتملة بين العدوى الفيروسية وتطور الخرف.
انخفاض لافت في الإصابات
أشارت دراسات سابقة إلى الارتباط بين تلقي لقاح الحزام الناري وانخفاض معدلات الخرف، لكنها وقفت عند حدود الانحياز السلوكي المرتبط عادة بالأشخاص الأكثر اهتمامًا بصحتهم، غير أن الباحث باسكال غلدستزر وجد فرصة مختلفة في ويلز مع برنامج التلقيح الذي أُطلق في 1 أيلول/ سبتمبر 2013، والذي اعتمد قواعد عمرية صارمة.
اعتمد الفريق على سجلات أكثر من 280 ألف شخص تراوحت أعمارهم بين 71 و88 عامًا، مع التركيز على الأشخاص الذين بلغوا 80 عامًا قبل أسبوع من 1 أيلول/ سبتمبر، ومن بلغوه بعد أسبوع. وبما أن نسبة الراغبين في التلقيح من المتوقع كانت أن تكون متقاربة، فإن المقارنة بين المجموعتين شكّلت قاعدة صلبة لدراسة تأثير اللقاح.
وأظهرت المتابعة أن حالات الحزام الناري انخفضت بنسبة 37% لدى الملقحين خلال السنوات السبع التالية. وبحلول عام 2020، كان واحد من كل ثمانية من كبار السن قد شُخّص بالخرف، لكن الذين تلقوا اللقاح كانوا أقل عرضة بنسبة 20%.
دعوة لمزيد من التمويل
بيّنت الأرقام أن تأثير اللقاح لا يقتصر على الوقاية، بل يمتد أيضًا إلى المراحل المبكرة والمتقدمة من المرض. فقد كان الملقحون أقل عرضة للتشخيص بالضعف الإدراكي البسيط خلال تسع سنوات من المتابعة، كما كان من تلقوا اللقاح بعد تشخيصهم بالخرف أقل عرضة للوفاة بسببه.
وبرزت أيضًا فروق مرتبطة بالجنس، إذ ظهر تأثير اللقاح بشكل أكبر لدى النساء، ربما نتيجة اختلافات مناعية أو بيولوجية في مسار تطور الخرف. ومع ذلك، لا يزال من غير المؤكد ما إذا كان اللقاح الأحدث المبني على بروتينات الفيروس يحقق التأثير نفسه أو تأثيرًا أكبر.
ويتطلع غلدستزر إلى أن تسهم هذه النتائج في جذب تمويل إضافي لمزيد من الأبحاث، خصوصًا بعد أن أعاد فريقه اختبار النتائج في بيانات من إنجلترا وأستراليا ونيوزيلندا وكندا وظهر التأثير الوقائي ذاته.