لا كمية آمنة من الكحول.. دراسة تُظهر أثره المباشر في ارتفاع سرطان الفم في الهند

حذرت دراسة علمية واسعة من أن استهلاك كميات محدودة من الكحول، حتى بمعدل مشروب قياسي واحد يوميا (وحدة طبية لقياس كمية الكحول)، قد يرفع بشكل ملحوظ خطر الإصابة بسرطان الفم في الهند، ولا سيما مع المشروبات المحلية الصنع.

وأظهرت الدراسة التي نُشرت في 23 كانون الأول/ديسمبر في مجلة BMJ Global Health أن استهلاك نحو 9 غرامات فقط من الكحول يوميا، وهو ما يعادل تقريبا مشروبا كحوليا قياسيا واحدا، ارتبط بزيادة في خطر الإصابة بسرطان الغشاء المخاطي للخد بنحو 50 بالمئة. وسُجلت أقوى علاقة مع المشروبات الكحولية المحلية الصنع مقارنة بالمشروبات المعترف بها دوليا.

سرطان شائع

ويعد سرطان الفم ثاني أكثر أنواع السرطان تشخيصا في الهند، مع تسجيل نحو 143,759 حالة جديدة سنويا و79,979 وفاة. ولفت الباحثون إلى أن معدلات الإصابة ارتفعت بشكل مطرد، لتقترب حاليا من 15 حالة لكل 100,000 رجل. كما تبقى نتائج البقاء على قيد الحياة ضعيفة، إذ لا يعيش أكثر من 43 بالمئة من المصابين لمدة خمس سنوات أو أكثر بعد التشخيص.

منهجية الدراسة

واعتمد فريق البحث على تحليل بيانات جُمعت من خمسة مراكز دراسة بين عامي 2010 و2021، شملت 1,803 أشخاص شُخصوا بسرطان الغشاء المخاطي للخد، و1,903 أشخاص اختيروا عشوائيا من دون المرض ضمن مجموعة ضابطة. وكان معظم المشاركين تتراوح أعمارهم بين 35 و54 عاما، فيما وقعت نحو 46 بالمئة من الحالات بين أشخاص تراوح أعمارهم بين 25 و45 عاما.

أنماط الشرب وأنواع المشروبات

وقدم المشاركون معلومات مفصلة عن مدة استهلاكهم للكحول وتكرار الشرب وأنواع المشروبات المستخدمة. وشملت البيانات 11 نوعا من المشروبات المعترف بها دوليا مثل البيرة والويسكي والفودكا والروم، إضافة إلى 30 نوعا من المشروبات المحلية الصنع. كما جُمعت معلومات دقيقة حول استخدام التبغ، بما في ذلك مدته ونوعه، ما سمح بدراسة التفاعل بين الكحول والتبغ في زيادة خطر الإصابة.

نتائج رئيسية

وأظهرت النتائج أن الأشخاص المصابين بالسرطان كانوا أكثر استهلاكا للكحول يوميا، بمتوسط يقارب 37 غراما، مقارنة بنحو 29 غراما لدى أفراد المجموعة الضابطة. كما كانوا أكثر ميلا للعيش في المناطق الريفية، واستخدموا التبغ لفترات أطول في المتوسط.

وبالمقارنة مع الأشخاص الذين لا يستهلكون الكحول، تبين أن الشاربين كانوا معرضين لخطر أعلى بنسبة 68 بالمئة. وارتفع الخطر إلى 72 بالمئة لدى من يفضلون المشروبات المعترف بها دوليا، فيما وصل إلى 87 بالمئة لدى من يستهلكون المشروبات المحلية الصنع.

لا كمية آمنة

وأكدت الدراسة أن حتى الكميات الصغيرة جدا من الكحول ترتبط بزيادة خطر الإصابة، إذ إن استهلاك أقل من 2 غرام من البيرة يوميا ارتبط بارتفاع في الخطر. كما أن الجمع بين الكحول والتبغ كان له أثر مضاعف، إذ ارتبط التعرض المشترك بزيادة خطر الإصابة لأكثر من أربعة أضعاف.

أسباب محتملة ومخاوف تنظيمية

ورجح الباحثون أن يسهم الإيثانول في تغيير محتوى الدهون في بطانة الفم الداخلية، ما يجعلها أكثر نفاذية وأكثر عرضة للمواد المسرطنة الموجودة في منتجات مضغ التبغ. كما لفتوا إلى أن المشروبات المحلية الصنع قد تكون ملوثة بمواد سامة مثل الميثانول والأسيتالدهيد، في ظل غياب التنظيم والرقابة، مع احتواء بعض هذه المشروبات على نسب كحول مرتفعة جدا.

دعوة لإجراءات وقائية

وخلص الباحثون إلى أنه لا يوجد حد آمن لاستهلاك الكحول في ما يتعلق بخطر الإصابة بسرطان الغشاء المخاطي للخد، معتبرين أن اتخاذ إجراءات صحية وقائية للحد من استهلاك الكحول والتبغ يمكن أن يقضي إلى حد كبير على هذا النوع من السرطان في الهند.