غرّمت هيئة المنافسة الإيطالية شركة "رايان إير" مبلغًا قدره 256 مليون يورو (ما يُقارب 300 مليون دولار)، بسبب ما وصفته بـ"استراتيجية تعسفية" هدفت إلى الحد من بيع تذاكر الشركة عبر وكالات السفر الإلكترونية، وإجبار المستهلكين على الشراء مباشرة من موقعها الإلكتروني.
وقالت الهيئة إن "رايان إير"، أكبر شركة طيران في أوروبا، نفّذت "خطة معقّدة" تضمنت عوائق تقنية متعمدة وُضعت أمام الوكلاء والمسافرين، ما جعل بيع التذاكر عبر منصات السفر الإلكترونية أكثر صعوبة، ودفع المبيعات باتجاه الموقع الرسمي للشركة.
وبيّنت أن هذه الممارسات طُبّقت خلال الفترة الممتدة من أبريل 2023 وحتى أبريل 2025 على أقل تقدير.
وأوضحت الهيئة أن الشركة منعت وكالات السفر الإلكترونية من بيع تذاكر رحلاتها بالاقتران مع رحلات أو خدمات أخرى، وهو ما أدى بحسب الهيئة إلى إضعاف المنافسة والإضرار بخيارات المستهلكين.
واستندت الهيئة في قرارها إلى معطيات تظهر القوة السوقية الكبيرة التي تتمتع بها الشركة، إذ تُعد أكبر ناقل جوي في إيطاليا بحصة سوقية تبلغ 31.7 في المئة، مقابل 9.9 في المئة لشركة "إيتا" الإيطالية، وفق بيانات هيئة الطيران المدني الإيطالية.
"حرب" رايان إير على وكالات السفر
في موازاة ذلك، أعلنت "رايان إير" أنها ستتقدم فورًا باستئناف ضد القرار، واصفة إياه بأنه "معيب قانونيًا"، واعتبرته أيضًا "غريبًا" و"غير سليم". وكان الرئيس التنفيذي للشركة، مايكل أوليري، قد شنّ في وقت سابق ما وصفه بـ"حرب" على ما سماهم "وكلاء السفر القراصنة"، مثل Booking.com وKiwi.com وKayak، متهمًا إياهم بخداع المستهلكين وفرض رسوم إضافية وهوامش ربح على أسعار التذاكر.
وأعلن أوليري أنه لا يمانع تحمّل الانخفاض في مبيعات التذاكر بإطار سعيه لمنع هذه الوكالات من بيعها، من خلال إلزام الركاب الذين يشترون عبر أطراف ثالثة بملء نماذج إضافية، قيل إنها لأسباب أمنية. وقد أدى الحذف المفاجئ لرحلات الشركة من مواقع الوكالات في أواخر عام 2023 إلى تراجع فعلي في مبيعاتها.
وبرغم تأثير هذا التراجع على الأرباح، تمكّنت "رايان إير" من بلوغ تقييم قياسي وصل إلى 31 مليار يورو، ما جعلها ثاني أعلى شركة طيران قيمة في العالم بعد شركة "دلتا إيرلاينز" الأمريكية.
وردًا على الغرامة، اعتبر أوليري أن القرار يشكل "إساءة لقوانين حماية المستهلك والمنافسة"، مؤكدًا أن الإنترنت وموقع ryanair.com مكّنا الشركة من التوزيع المباشر على المستهلكين.
وقال إن تقليص عمولات الوسطاء بنسبة تصل إلى 20 في المئة سمح بتقديم أسعار أدنى للركاب في إيطاليا وأوروبا.
ويُعرف أوليري بأسلوبه الهجومي وانتقاداته الحادة للمطارات والمنافسين والجهات التنظيمية، وهو يخطط لتسليم إدارة الشركة إلى خليفة له خلال السنوات الخمس إلى العشر المقبلة. وبموجب عقده، سيحصل على أسهم بقيمة 111 مليون يورو إذا بقي في منصبه حتى نهاية يوليو 2028، وكان يُعد بالفعل مليارديرًا بسبب حصته في أسهم الشركة.
وجاء القرار الأخير بعد يوم واحد فقط من فرض هيئة المنافسة الإيطالية غرامة على شركة أبل الأمريكية بقيمة 98 مليون يورو، بتهمة استغلال هيمنتها على سوق تطبيقات الهواتف الذكية، في مؤشر إلى تشدد متزايد من السلطات الإيطالية في مواجهة الممارسات الاحتكارية.