بالتوازي مع التوسّع العالمي في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، تحاول الجماعات المتطرفة استغلال هذه الأدوات خارج الأطر التقليدية، في مسعى لمواكبة التحولات التكنولوجية وتوظيفها لخدمة أهدافها.
حذّر خبراء في الأمن القومي وأجهزة الاستخبارات من أن الذكاء الاصطناعي قد يتحول إلى أداة شديدة الفاعلية في يد المنظمات المتطرفة، سواء في تجنيد عناصر جدد، أو إنتاج صور ومقاطع مزيفة قد تبدو واقعية، أو تطوير قدراتها في مجال الهجمات السيبرانية.
ويشير هؤلاء إلى أن تنظيم "داعش"، الذي كان قد سيطر قبل سنوات على مساحات واسعة في العراق وسوريا قبل أن يتحول اليوم إلى تحالف لا مركزي من جماعات مسلحة تتشارك أيديولوجيا عنيفة، أدرك منذ وقت طويل أهمية وسائل التواصل الاجتماعي كأداة للتجنيد ونشر التضليل، ما يجعل توجهه الحالي لاختبار استخدام الذكاء الاصطناعي أمرًا غير مفاجئ.
"طموحات" خطرة
بحسب ما قاله لوكالة "أسوشيتد برس" ماركوس فاولر، العميل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية والذي يشغل حاليًا منصب الرئيس التنفيذي لشركة "Darktrace Federal" المتخصصة في الأمن السيبراني والمتعاونة مع الحكومة الفيدرالية، فإن هذه الجماعات لا تزال متأخرة تقنيًا مقارنة بالصين وروسيا أو إيران.
ويرى أن الاستخدامات الأكثر تقدمًا للذكاء الاصطناعي تبقى في إطار "الطموحات" في المرحلة الراهنة.
ورغم ذلك، شدد فاولر على أن مستوى المخاطر مرتفع ولا يمكن التقليل من شأنه، مرجحًا أن تتزايد هذه المخاطر مع الانتشار الواسع لأدوات ذكاء اصطناعي قوية ومنخفضة الكلفة.
وأضاف: "دخل داعش مبكرًا إلى تويتر ووجد طرقًا لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لمصلحته. وهم دائمًا يبحثون عن الشيء التالي لإضافته إلى ترسانتهم".
من جهته، قال جون لاليبرتي، الباحث السابق في الثغرات الأمنية بوكالة الأمن القومي الأمريكية والرئيس التنفيذي الحالي لشركة الأمن السيبراني "ClearVector"، إن الذكاء الاصطناعي يجعل تنفيذ العمليات أسهل بكثير لأي خصم.
وأضاف لوكالة "أسوشيتد برس": "مع الذكاء الاصطناعي، حتى مجموعة صغيرة لا تملك الكثير من المال يمكنها إحداث تأثير".
من الدعاية إلى الهجمات السيبرانية
تظهر المؤشرات أن الجماعات المتطرفة بدأت بالفعل اختبار استخدامات عملية للذكاء الاصطناعي، إذ لجأت بشكل متزايد إلى برامج لإنشاء صور ومقاطع فيديو، الأمر الذي قد يسهم في تجنيد أشخاص جدد، أو إرباك الخصوم، أو بث الخوف. كما أتاح لها ذلك نشر الدعاية على نطاق كان يصعب تخيله قبل سنوات قليلة.
وبحسب باحثين في مجموعة "SITE Intelligence Group"، وهي شركة تتابع أنشطة الجماعات المتطرفة، أنشأ تنظيم "داعش" تسجيلات صوتية مزيفة لقادته وهم يتلون نصوصًا دينية، كما استخدم الذكاء الاصطناعي لترجمة رسائله بسرعة إلى لغات متعددة.
وفي موازاة ذلك، يستخدم قراصنة الإنترنت بالفعل الصوت والفيديو الاصطناعيين في حملات التصيد الاحتيالي، من خلال انتحال صفة مسؤولين رفيعي المستوى في شركات أو جهات حكومية للوصول إلى شبكات حساسة. ويمكن أيضًا توظيف الذكاء الاصطناعي في كتابة شيفرات خبيثة أو أتمتة بعض جوانب الهجمات السيبرانية.
وما يثير قلقًا أكبر لدى أجهزة الأمن هو احتمال أن تحاول جماعات مسلحة الاستعانة بالذكاء الاصطناعي للمساعدة في إنتاج أسلحة بيولوجية أو كيميائية، تعويضًا عن نقص خبرتها التقنية.