"صنع في اوروبا" ميزة تنافسية تعيقها المصارف

"صنع في اوروبا" ميزة تنافسية تعيقها المصارف
بقلم:  Euronews
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

في برنامج “ريبورتر” الزميلة فاليري غوريا زارت ثلاثة مصانع في فرنسا. منها من عاد الى البلاد ليصنع قسماً من منتوجاته ومنها من بقي هنا يعاني من منافسة البضائع المصنعة في آسيا واوروبا الشرقية. اما المصنع الآخر فتجربته مختلفة فقد تحول الى جمعية تعاونية بعد ان انهار ماكله مالياً، لكن هذه الجمعية التعاونية في حالة مخاض. اذ تحاول الخروج من مصاعبها المالية مع المصارف.

عودة “روسينيول” من الصين

في محطة شامونيكس، في منطقة سافوا العليا، شرق فرنسا، استقر مصنع مجموعة روسينيول بعد ان انتقل الى تايوان لاسباب مالية. هذه العودة الى البلاد جرت عام الفين وعشرة مستفيداً من مساعدات الحكومة لعودة المصانع من الخارج.

مجموعة روسينيول ما تزال تصنع اصناف عدة تنتجها في آسيا و اوروبا الشرقية، لكن عودة الزلاجات الى البلاد اثبتت انها مربحة. ولقد اعطتها علامة “صنع في فرنسا” قيمة اضافية. لكن ليس هذا الهدف الوحيد من العودة وانما كما يقول برونو سيركلي احد المسؤولين في هذا المصنع فان الاقتراب من الاسواق امر هام: “تصنيع منتوجات في الجهة الاخرى من العالم ومن ثم اعادتها الى البلاد تتطلب تكلفة عالية لنقلها، تعيق سهولة تأمينها وهذا مكلف جداً. الاسواق الكبيرة هي هنا في اوروبا، وان نكون قريبين منها فهذا يعني اننا نصل اليها بسرعة. فالتعاطي السريع معها هو ميزة تنافسية هامة جداً.”

منذ عام الفين وثمانية خسرت اوروبا اربعة ملايين وظيفة في مجال الصناعة كما ان مستوى انتاجها انخفض الى اقل من عشرة في المئة.

نقص في الخبرات بسبب هجرة المصانع

في سلسلة جبال الجورا، مدينة موري – مهد صناعة النظارات الفرنسية- تقاوم هجرة مصانعها.
مؤسسة البين باجيه هذه التي انشئت عام الف وثمانمئة وستة وثمانين ما تزال قائمة وتنتج النظارات. انها تحمل علامة “صنع في فرنسا “ يزيد ثمنها قليلاً عن تلك المصنوعة في آسيا، لكن المستهلكين يشترونها لان هذه العلامة هي نقطة قوتها الكبيرة بنظر الموزعين ودور الازياء التي تشتريها.

يقول جان ميشال ويرلينغ رئيس مجلس ادارة المصنع: “ لا يمكننا منافسة الرواتب الصينية، لكن التصميم في فرنسا والصناعة في فرنسا والتفاعلية هي نقاط اساسية تسمح لنا بالاستمرار في السوق… نحن نضمن الجودة. نسبة استرداد البضائع ضئيلة جداً، فعلاً ضئيلة جداً، اقل من واحد في المئة، اذاً نحن نضمن جودتها حقاً.”

المشكلة التي تطرح اليوم هي فقدان الخبرات بعد ان هاجرت المصانع الى الخارج ويضيف ويرلنغ: “لدينا مشكلة كفاءات. فبعد هجرة الصناعة لم يبق سوى عدد قليل من المصانع.
ونواجه صعوبة في ايجاد عاملين كفوئين ليقوموا بالاعمال التي نحتاجها.”

فكل نظارة تحتاج مئة عمل يدوي مختلف… كالعديد من عمال المصنع، بيار يعمل فيه منذ ثلاثين عاماً. ويقوم بتنفيذ النماذج كما يقوم بطلائها يدوياً. ويؤكد احد العمال انه عمل غير معقد لكنه يحتاج للخبرة وهذه الخبرة “لا تدرس في المدارس. ومن النادر جداً ايجاد عامل يقوم بالطلاء في موري. المحافظة على الخبرات امر هام خاصة للحصول على منتج جيد. والا فاننا لن نجده في المستقبل.”

“ليزاتوليار” رهان صعب

المراهنة على النوعية في الاسواق المحلية، هذا ما يميز المؤسسات الاوروبية التي اختارت عدم الهجرة او التي قامت بتحديث منتوجاتها، كمعمل “ليزاتوليير” الذي كانت تملكه مجموعة لوجابي الفرنسية سابقاً، انه معمل للازياء الداخلية النسائية الراقية. اليوم اصبح شركة تعاونية بعد ان انهارت المجموعة عام 2011. لكن بالنسبة لهذه الشركة التعاونية المراهنة لم تكن مربحة اذ ما لبتث بعد عام ونيف من انشائها ان انهارت ايضاً.

انها كغيرها من المصانع الاوروبية تحتاج لتشريعات وتسهيلات مصرفية لدعمها.

وتقول كريستين فافران التي خسرت وظيفتها عند رب العمل القديم “لوجابي” واستعادت عملها مع الانطلاقة الجديدة للمعمل لكن الخوف من انهيار ثان له لا يفارقها وتقول:“يجب ايعاد اطلاق مؤسسات اخرى في فرنسا، مع الاحتفاظ بتجارب العمال. مع تأمين فرص كثيرة للعمل. فهناك العديد من العاطلين عن العمل.”

خلال زيارتنا لمعمل “ليزاتوليار” كان الطلب على بضائعه كبيراً، لكن هذه الشركة التعاونية لم تستطع تلبية الزبائن في الوقت المحدد بسبب عدم قدرتها على تأمين المواد الاولية من اقمشة وغيرها بسهولة.

كما ان قسماً كبيراً من راس المال خصص للابحاث لايجاد طرق جديدة في التصنيع. وتقول مديرة المعمل موريال بينين “المصانع التي هاجرت تصنع المجموعات الكبيرة. لكننا اردنا البقاء والمحافظة على انتاج مجموعات صغيرة . لا ننتج ثلاثة الاف قطعة فاخرة، وانما خمسمئة او الف. وجدنا ان المجموعات الصغيرة واعدة جداً لكنها تتطلب اعادة وضع تصور تنظيمي. اليوم حين ترون المعمل منظماً على هذا المنوال اي الى مجموعات مؤلفة من خمسة عاملين، فهذا احد نتائج ابحاثنا.”

يبدو ان هذه الجهود باءت بالفشل. فخلال البحث عن مستثمرين جدد خلال تصويرنا لهذا التقرير، واجه المعمل رفض دعم المصارف له.

واثناء بث التقرير ، كان “ليزاتوليار” يتحضر لاعلان تصفيته بسبب الصعوبات المالية … الا اذا استطاع تجاوزها …فكل عامل هنا مؤمن بعمله كما يشير كلارينس توتور :“حين انطلقنا في هذه المغامرة كنا نعلم انها ليست سهلة لكننا اجمعنا على ضرورة القيام بها، انها مغامرة صعبة لكن يمكن تحقيقها.”

هذا المعمل لا ينقصه زبائن او خبرات او مشاربع والتي كان من بينها اعلان اسم تجاري خاص به… وكاد ان يتوقف لكن مفاوضات جديدة مع المصارف بدأت ودعوات لجمع تمويل اضافي لها اطلقت.

انه مثال للمشاكل الحقيقية التي تواجه الاقتصاد الجديد لاوروبا المتجهة نحو فقدان صناعتها.

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

العمال غير المرئيين: ظروف قاسية واستغلال واعتداءات وعقوبات

شاهد: أبشع كنيسة في مدينة بورسغرون جنوب النرويج

بولندا لن تتخلص بسهولة من الفحم رغم التلوث الذي يقضي على 50 ألف شخص سنوياً فيها