"الكسكسي" طبق جميع المناسبات

"الكسكسي" طبق جميع المناسبات
Copyright 
بقلم:  عادل دلال
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

المهرجان الوطني لإبداعات المرأة أثبت وجوده على مر الأعوام فمنذ تأسيسه في فيفري من العام ألفين وتسعة جعل من المرأة محورا وهدفا وموضوعا.

اعلان

الكسكسي في طريقه لدخول قائمة التراث العالمي اللامادي

المرأة وانجازاتها على شرف الطبعة الخامسة للمهرجان الوطني لإبداعات المرأة الذي احتضنته العاصمة الجزائرية من الخامس إلى الحادي عشر من هذا الشهر. طبعة هذه السنة اختارت شعار “حبوب ذهبية، تراث وفنون وأذواق” مسلطة الضوء على طبق الكسكسي، هذه الأكلة الشعبية الحاضرة في جميع البيوت الجزائرية من الشرق إلى الغرب مرورا بالوسط ومن الشمال إلى الجنوب.
المهرجان الوطني لإبداعات المرأة أثبت وجوده على مر الأعوام فمنذ تأسيسه في فيفري من العام ألفين وتسعة جعل من المرأة محورا وهدفا وموضوعا، فهو يسعى إلى تطوير المنتوجات الحرفية وإبراز إبداعات المرأة في هذا المجال وتمكينها من أداء دورها في تطوير وترقية العمل الإبداعي، وهو الأمر الذي أكدته السيدة حميدة أقسوس، محافظة المهرجان.

وعن احتلال طبق الكسكسي شرف ونشاطات طبعة هذا العام، أكدت السيدة أقسوس أن الخيار كان نابعا من رغبة إدارة المهرجان في تقديم هذا الطبق الجزائري المعدّ أساسا من القمح والشعير، طبق يحمل بعدا اجتماعيا في المجتمع الجزائري فهو حاضر في جميع المناسبات السعيدة وغير السعيدة. ويأتي هذا الاهتمام بهذه الأكلة الجزائرية، والتي تعود جذورها إلى حضارات سكان منطقة المغرب الأوائل حيث ينتشر الكسكسي في جميع مناطق الجزائر. وطبق الكسكسي أصبح يحضر ويقدم في جميع أنحاء العالم بصفته جزء من التراث الجزائري والمغاربي .

وعلى هامش المهرجان تمّ تدشين معرضين نظما بالمناسبة وقدم الأول، الذي حمل شعار “ من القمح ومن الشعير” نماذج عن طبق الكسكسي في مختلف المناطق الجزائرية، المعرض أحصي حوالي خمسمائة طريقة لتحضير الكسكسي حيث تفننت المشاركات اللاتي وصل عددهن إلى ثلاثين مشاركة في التقديم والتحضير لهذا الطبق الضارب في عمق التاريخ والتراث الجزائريين. بينما تناول المعرض الثاني “فن المائدة” والذي عرض مختلف الأواني والأغراض المنزلية التي يتم استخدامها في تحضير طبق الكسكسي وتلك التي يقدم فيها الطبق.

بالإضافة إلى هذا تمّ تخصيص فضاء لبيع وعرض منتوجات غذائية متنوعة تحت إشراف عدة نساء كعسل النحل والكسكسي بمختلف أنواعه ومختلف أنواع العجائن المخبوزات، كما سيقام خلال المعرض يوم للتذوق. ومن بين الأنشطة الأخرى للمهرجان ورشات تكوينية في فن “فتل الكسكسي” كما تقام أيضا بالمناسبة

“التويزة” مظهر من مظاهر التآزر والتضامن بين أفراد المجتمع

المهرجان الوطني لإبداعات المرأة خصص يوما لـ“التويزة“، التي ما زالت تشهد حضورا في مختلف مناطق الجزائر. تعدّ “التويزة” من التقاليد العريقة في المجتمع الجزائري وهي تجسّد التآزر والتعاون بين أفراد الحي أو القرية في انجاز أعمال مختلفة كالأعراس والولائم ومختلف المناسبات الأخرى . و“التويزة” مناسبة تتعاون خلالها النساء وتشاركن في تحضير الكسكسي بمراحله المختلفة حيث تنظم دائما في جوّ من المرح، وتتجمع النساء في إطار التقاسم والتلاحم لإعداد الحبوب. وفي هذه المناسبة الخاصة تجد كلّ امرأه مكانها بشكل طبيعي من خلال التعابير الغنائية التي تشكل عاداتنا وتقاليدنا وتصنع لحظات ملؤها التضامن والمشاركة. وقامت المشاركات خلال المهرجان بتنظيم “تويزة” بالمناسبة حضرن خلالها أطباقا مختلفة تكريسا لهذه العادة الاجتماعية.

وحسب نادية شريط، المستشارة في وزارة الثقافة فمعظم المناطق في الجزائر تشهد إنتشارا لهذه الظاهرة الاجتماعية والتي تسمى “التويزة” والتي تعدّ ميزة تضامنية ضربت بجذورها في عمق المجتمع و استطاعت أن تصمد لمئات آلاف السنين كممارسة تعاونية لم تزل ولم تزعزعها التطورات التي شهدها المجتمع و تغير الذهنيات وطغيان التفكير الفردي على المجتمع. وتضيف نادية شريط، المستشارة في وزارة الثقافة: “ تعد التويزة من الظواهر الاجتماعية المستحبة التي ترسخت في المجتمع الجزائري وظلّت كممارسة اجتماعية وتضامنية رغم التطورات السوسيولوجية الحاصلة لتبقى بذلك موروثا يثبت روح التآزر والتآلف بين أفراد المجتمع الواحد على مدار السنة لكي تتقوى و تظهر بشكل جلي خلال المناسبات السعيدة وغير السعيدة وتحضير الولائم بالنسبة للنساء وأثناء مواسم الحصاد و الدرس و جني الثمار و البناء بالنسبة للرجال”.

نادية شريط، مستشارة في وزارة الثقافة

وتؤكد حميدة أقسوس محافظة المهرجان الوطني لإبداعات المرأة أنّ “ التويزة إحدى علامات التضامن الانساني المتوارث عبر الأجيال حيث تتخذ منها النسوة في مختلف مناطق الوطن وسيلة للقيام بأشغال تعود بالنفع على الفرد والمجتمع وتبرز التويزة كظاهرة تحمل دلالات اجتماعية عميقة مع كلّ مناسبة تتطلب جهداً جماعياً عبر التحضير لمختلف المناسبات والأشغال والمبادرات العائلية أو على مستوى الحي أو القرية، والتي تتطلب التعاون والتضامن بين أفراد المجتمع” .

السيدة حميدة أقسوس محافظة المهرجان الوطني لإبداعات المرأة.

السيدة حميدة أقسوس محافظة المهرجان الوطني لإبداعات المرأة

يورونيوز: السيدة حميدة أقسوس، المستشارة في وزارة الثقافة الجزائرية ومحافظة المهرجان الوطني لإبداعات المرأة، كيف نشأت فكرة إنشاء مهرجان خاص بإبداعات المرأة؟

حميدة أقسوس:

المهرجان الوطني لإبداعات المرأة أسس في العام ألفين وتسعة من طرف وزارة الثقافة التي قامت باستحداث أكثر من مائة واثنين وثمانين مهرجانا في مختلف المجالات الفنية على غرار الموسيقى، والرسم، المسرح والرقص. أردنا أن نثمن عمل المرأة، لأننا نعيش في مجتمع حققت فيه المرأة خطوات كبيرة من أجل التقدم غير أنّ هذه الخطوة لم تنفذ على قدم المساواة في جميع مناطق الجزائر. النساء الجزائريات مبدعات وتمتلكن موهبة فذة ولكنهن ما زلن في الظل. ودورنا من خلال هذا المهرجان هو وضع إنجازاتهن وإبداعاتهن في الواجهة. استحداث هذا المهرجان كانت فكرة الوزيرة السابقة خليدة تومي وهي أيضا سياسة حكومية لوضع المزيد من الوسائل لتطوير وتعزيز الإبداعات النسوية.

يورونيوز: المهرجان الوطني لإبداعات المرأة يستمر مع الوقت وهو في طبعته الخامسة وهذا دليل على نجاحه. كمحافظة لهذا المهرجان ما الذي يساهم في ديمومة الإبداعات النسوية؟

حميدة أقسوس:

كان هدف وزارة الثقافة من خلال استحداث هذا المهرجان ترقية إنتاج وأعمال المرأة التي لا تجد في الكثير من الأحيان المجال للظهور والتألق. وكما تعلمون المرأة عادة تعمل داخل البيت ونادرا ما يتم إبراز منتجاتها. ومنذ إطلاق هذا الحدث، سلطنا الاهتمام على فنون مختلفة في كل طبعة. طبعة العام ألفين وعشرة خصصت لواحد من أقدم الفنون في بلادنا وهو النسيج وصناعة السجاد والديكور الداخلي والملابس. سلطنا الضوء أيضا على فن التطريز في الطبعة المقبلة، وهي الطبعة التي اكتشفنا خلالها أنّ بلادنا كانت غنية جدا في فنون الطرز وتقنيات الأسلوب الجزائري العاصمي التي كنا لا نعرفها جيدا، طريقة يمتزج فيها العمل مع اللونين الأحمر والأبيض وكان ذلك بمثابة اكتشاف خلال تلك الطبعة. وجدنا أيضا أن التطريز هو نشاط مهني يساهم في دخل الأسرة تماما كأي عمل حرفي آخر.

يورونيوز: المرأة هي المنتجة والراعية لجميع هذه الإبداعات. ماذا تفعلون من أجل تعزيز هذه الإبداعات؟

حميدة أقسوس:

بالضبط هذا المهرجان هو وسيلة لتعزيز جميع الإبداعات، لأننا نبحث عن هذه الإبداع والمبدعات في جميع أنحاء البلاد بما في ذلك المناطق النائية في مختلف المدن. في كل طبعة، نستقبل المبدعات ونختار الأعمال ونقدم لهن مساحة لعرض أعمالهن للجمهور. من جهة أخرى نوفر لهن المشورة في مجال ريادة الأعمال لتمكينهن من تعزيز منتجاتهن وإبداعاتهن بشكل أفضل. لقد وضعنا موقعا إلكترونيا وزودناه بجميع الإبداعات والإنتاجات التي سجلت نجاحا خلال الطبعات السابقة وهي أعمال ترتبط عموما بمواضيع الحياكة والخياطة والفخار.

يورونيوز: طبق الكسكسي جزء من تراث الطهي الجزائري وهو على شرف هذه النسخة. هل هذا مؤشر لإدراجه في التراث غير المادي العالمي؟

حميدة أقسوس:

منذ الطبعة الرابعة، قررنا القيام بنقلة نوعية لأننا تطرقنا إلى الإبداعات التي مصدرها الأرض، فسلطنا الضوء على فنون الفخار والخزف والنحت والفسيفساء. أما بالنسبة لنسخة هذا العام، فركزنا على موضوع فنون الطهي، فن غني مع خيارات واسعة من المنتجات التي تمثل العادات والممارسات في مناطقنا، لأن التنوع المناخي وطبيعة التربة في الجزائر سمحا لنا بخلق مواد طهي متنوعة ومختلفة. كما تجدر الإشارة إلى أن الجزائر كانت دائما منتجا للقمح القاسي خلال الفترة النوميدية وكانت موردا أساسيا لروما بخصوص مادة القمح.

إذا اهتممت فقط بأسماء الكسكسي المختلفة فكل منطقة تطلق عليه اسما مثل الكسكسي، النعمة العيش، الطعام، البربوشة…الخ هذا الطبق متجذر في حياة الجزائريين، فقد تم تناقله عبر الأجيال من خلال النساء. وهو طبق يرافق الجزائريين في حياتهم اليومية، وفي جميع الظروف: الولادة والزواج والختان وخلال المناسبات الحزينة أيضا. انه جزء من تراثنا، وآمل أن نتمكن في يوم ما من تصنيفه في إطار التراث غير المادي لليونسكو كما فعلنا مع الزي التقليدي لمنطقة تلمسان بالغرب الجزائري “الشدة التلمسانية “.

الجزائر لا تسعى عادة لتعزيز تراثها الثقافي. ولكن البلاد قررت أخيرا أن تذهب بعيدا في تثمين تراثها الثقافي والحضاري الغني في جميع أنحاء العالم؟

في اعتقادي يجب أن لا ننسى أنه ومنذ سنوات خلت كانت الثقافة لا تحظى باهتمام كبير. أنتم تعلمون أننا مررنا بظروف صعبة للغاية، ظروف لا تسمح للفرد بالتنقل وهو يحمل آلة موسيقية، لم يكن من اللائق على أحد التسجيل في مدرسة للفنون المسرحية. لم يكن لدينا الحق في ممارسة الرسم والغناء أو الموسيقى. وأودّ أن أذكر أيضا أنّ وزارة الثقافة لم تكن موجودة بشكل كامل، لقد كانت دائما تابعة لوزارة أخرى. والآن وزارة الثقافة هي وزارة كاملة وقائمة بذاتها منذ أكثر عشر سنوات ومنذ ذلك الحين ونحن نقوم بكل ما بوسعنا لجعل ثقافتنا أكثر وضوحا.

viber
شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

من سينتزع لقب أطيب طبق كسكس لهذا العام؟

طبق الكسكس يشعل الحرب بين الجزائر والمغرب وتونس

"للصبر حدود".. الرئيس الجزائري يحذر دولة "شقيقة" دون أن يُسمِّها وأصابع الاتهام تشير إلى الإمارات