قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون: "أمن الجزائر يمتد إلى تونس، وأمن تونس جزء لا يتجزأ من أمن الجزائر".
في خطاب موجه إلى البرلمان الجزائري، كشف الرئيس عبد المجيد تبون عن وجود محاولات تهدف إلى زرع الفتنة بين الجزائر وتونس، واصفًا هذه المساعي بأنها تقوم على "عقول ضيقة" تسعى لضرب العلاقات الأخوية بين البلدين.
وقال تبون إن الرئيس التونسي قيس سعيد "لا هو مطبع ولا هو مهرول"، مشددًا على أن "أمن الجزائر يمتد إلى تونس، وأمن تونس جزء لا يتجزأ من أمن الجزائر"، مستعرضًا عمق الروابط التاريخية والاستراتيجية التي تجمع البلدين.
وأوضح الرئيس الجزائري أن بلاده لم تتدخل أبدًا في الشأن الداخلي التونسي، وأن الجيش الجزائري لم يطأ الأراضي التونسية في أي وقت، مضيفًا أن من يحاول تصوير تونس كدولة "سهلة الافتراس" مخطئ.
وجاءت هذه التصريحات على خلفية تقارير إعلامية، منها تقرير صحيفة لو فيغارو الأسبوع الماضي، بشأن توقيع اتفاقية تسمح للقوات الجزائرية بالتدخل داخل الأراضي التونسية لـ"مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة"، وفق طلب من السلطات التونسية.
ووفق الوثائق المسربة، يمكن للقوات الجزائرية المصرح لها التحرك حتى 50 كيلومترًا داخل الأراضي التونسية، والحصول على حق الوصول إلى المؤسسات الرسمية عند الحاجة، على أن تتحمل تونس جميع تكاليف هذه العمليات، بما في ذلك الإقامة والنقل واللوجستيات، وحتى تقديم الموارد الطبيعية عند تعذّر الدفع نقدًا.
وأوضحت التقارير أن الاتفاق يلزم تونس بإبلاغ الجزائر مسبقًا قبل توقيع أي اتفاقيات أمنية أو عسكرية مع دول أخرى، مشيرة إلى أن الرئيس تبون يلعب دور"المرشد" للرئيس قيس سعيد، ما يضع استقلالية القرار التونسي على المحك، خصوصًا في ظل تأكيد تونس المتكرر على مسألة السيادة الوطنية.
وبحسب السلطات التونسية، فقد وقّعت الجزائر وتونس في أكتوبر/تشرين الأول الماضي اتفاقًا حكوميًا للتعاون في مجال الدفاع بين الوزارتين، في خطوة لتعزيز التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الإقليمية. وجاء ذلك خلال استقبال الفريق أول السعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الجزائري، لوزير الدفاع التونسي خالد السهيلي، الذي زار الجزائر برفقة وفد عسكري رفيع المستوى.
وأكد الفريق شنقريحة أن الاتفاق، الذي يشمل التعاون في مجالات التسليح والتدريب والاتصال والمعلومات والمناورات المشتركة، يمثل "محطة فارقة" في تاريخ العلاقات بين البلدين، وخطوة مهمة لتعزيز الشراكة العسكرية الثنائية.
وقال وزير الدفاع الوطني التونسي، خالد السهيلي، إن هذه الاتفاقية ليست جديدة، إذ تم توقيعها عام 2001، لكنها خضعت لمراجعة لتواكب المستجدات وتوسيع مجالات التعاون، خصوصًا في مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود وتأمين الحدود المشتركة.
وقال السهيلي إن هناك محاولات من بعض الأطراف لاستغلال الاتفاقية وبث الإشاعات حولها، مشيرًا إلى أنه "كلما اقتربت تونس والجزائر من تعزيز تعاونها، ازدادت المغالطات".
ولم تُنهِ تصريحات الوزير التونسي الجدل حول محتوى الاتفاقية، إذ دعت أوساط سياسية في تونس إلى الكشف عنها علنًا للاطلاع على كافة تفاصيلها، وسط استمرار المطالب بالكشف الكامل عن بنودها.
وتشير المعارضة إلى أن النص الكامل للاتفاقية لم يُنشر للرأي العام ولم يُعرض للنقاش داخل المؤسسات الرسمية، وهو ما يثير مخاوف مشروعة بشأن حدود السيادة الوطنية، وآليات تبادل المعلومات، والضمانات الحقوقية، لا سيما فيما يتعلق بالمعارضين السياسيين واللاجئين.