Eventsالأحداثالبودكاست
Loader
ابحثوا عنا
اعلان

حراك الشارع الجزائري: عندما تمتزج السياسة بالفكاهة

حراك الشارع الجزائري: عندما تمتزج السياسة بالفكاهة
Copyright أ بFateh Guidoum
Copyright أ ب
بقلم:  يورونيوز مع أ ف ب
نشرت في
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button
نسخ/لصق رابط فيديو المقال أدناهCopy to clipboardCopied

يٌجمع الكل على أن الفكاهة هي أبرز سمات الحركة الاحتجاجية التي تشهدها الجزائر منذ الـ 22 فبراير-شباط 2019. فقد ابتكر المتظاهرون عبر مختلف ولايات الوطن نوعا من الفكاهة السياسية تجمع بين التلاعب بالكلمات والمراجع التاريخية والثقافات السياسية والتاريخية والشعبية، حتى اكتسب الحراك لقب "ثورة الابتسامة".

اعلان

يقول المثل الشعبي الجزائري "همّ يُضحك وهمّ يُبكي"، وهو يلخص تماما ثقافة الجزائريين الذين يمكنهم أن يحولوا كل شيء إلى فكاهة بما فيها المآسي التي شهدها البلد خلال تاريخه. فمنذ أن أبصرت الحركة الاحتجاجية غير المسبوقة النور في 22 فبراير-شباط 2019، ظهرت فكاهة سياسية مبتكرة، تجمع بين التلاعب بالكلمات والمراجع التاريخية والثقافات السياسية والتاريخية والشعبية، حتى اكتسب الحراك لقب "ثورة الابتسامة".

وأوضحت يمينة رحو، الباحثة في مركز الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية بوهران، أن الجزائريين يستخدمون منذ فترة طويلة "الفكاهة كسلاح للتعبير عن كل ما هو ممنوع أو خاضع للرقابة وما لا يقال والمحرم".

ويعتمد الحراك في ابتكاراته على إرث تاريخي طويل. ففي منتصف القرن العشرين، انتقد الممثلون الجزائريون والشعراء مثل رشيد قسنطيني وأحمد عياد المعروف بـ "رويشد" ومحمد التوري، الاحتلال الفرنسي، ولكن أيضا سلوكيات بعض مواطنيهم، كما روى بشير ضحاك مؤلف كتاب "الجزائريون والضحك والسياسة، من 1962 إلى يومنا هذا" والذي جمع فيه النكات السياسية.

وكتب: "حتى وإن لم يكن بإمكاننا القول إن هناك فكاهة سياسية جزائرية قبل حرب التحرير"، فإن كتاب الأغاني كانوا يُخفون الانتقادات الشرسة في المسرحيات أو "الأغاني الفكاهية التي تبدو ساذجة".

وأضاف انه خلال حرب التحرير بين 1954 و1962، كان المعتقلون يحكون النكات لرفاقهم لتحمل ظروف السجن، كما كان يفعل المغني الشعبي محمد الباجي الذي سُجن في الجزائر العاصمة و"كان معروفا دائما أن لديه مزحة على المحامي أو الدركي أو عميد السجناء".

بعد الاستقلال في عام 1962، أصبح حزب جبهة التحرير الوطني، والدولة، وقادتها، وموظفوها غير الأكفاء، وإصلاحاتها السخيفة في بعض الأحيان، وبيروقراطيتها القاهرة هدفا للسخرية، وخصوصا لدى سكان المدن، على الرغم من الرقابة والسيطرة الكبيرة التي مارسها الرئيس الأسبق هواري بومدين على المجتمع خلال فتره حكمه (1965-1978) الاستبدادي والاشتراكي.

وفي بعض المقاهي في وسط العاصمة، كان يتنافس بعض الزبائن في مسابقات مُزاح سياسي، تعتمد على قصص المسؤولين المطلعين على أسرار السلطة.

وفي كتاب الشريط المرسوم "زينة وبوزيد"، وتحت غطاء سرد الحياة اليومية للشخصيتين الجزائريتين غير المتزوجتين، يصف رسام الكاريكاتير سليم ويسخر من المجتمع الجزائري، من خلال الحديث عن الظلم الاجتماعي والفساد والبيروقراطية والمحتالين من جميع المشارب والإسلاميين ...

وخلال "العشرية السوداء" المأسوية للحرب الأهلية في تسعينيات القرن الماضي والتي خلّفت حوالي 200 ألف قتيل بين الدولة والمسلحين الإسلاميين، طوّر الجزائريون روح الكوميديا المظلمة والفكاهة السوداء، لدرء الخوف من المذابح المرعبة، كما ذكر ضحاك.

وإذا كان الدين الاسلامي قد نجا من لدغات الساخرين، فإن تطرف الإسلاميين ومحاولتهم فرض سلطة أخلاقية سرعان ما جعلهم أهدافًا للسخرية.

وجاء الحراك فجأة ليتناقض مع كل من وصفوا المجتمع الجزائري، وخصوصا شبابه، بأنه غير مسيّس ولا يهتم بالشأن العام. واعتبرت يمينة رحو أنه "بالنسبة للجزائريين، تعمل الفكاهة على تحطيم الصورة التي التصقت بهم" في نظر الخارج منذ الحرب الأهلية، بوصفهم "شعبا عنيفا، متعصبا وكسولا". وأضافت الباحثة أن الحراك السلمي يستخدم "فكاهة تجريدية مليئة بالأمل تعزز طابعه السلمي"، ومستمدة من "دروس الماضي القريب".

وسخر المتظاهرون في شوارع المدن الجزائرية الكبرى على مدار العام الماضي من "الدمية" في إشارة إلى الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، المشلول والفاقد القدرة على الكلام عندما ترشح لولاية خامسة قبل أن يضطر للاستقالة في الـ 2 أبريل-نيسان.

ولم يتردد الشباب في ترديد الأهازيج التي تردد في الملاعب لانتقاد الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي تعيشه الجزائر مثل: "البوبية ماتت" أو "الدمية ماتت" في إشارة إلى الوضع الصحي المتدهور لبوتفليقة "الغائب" عن الحكم بسبب مرضه. وخلال محاولة الشرطة تفريق متظاهرين باستخدام خراطيم المياه في إحدى المظاهرات المطالبة برحيل بوتفليقة قال بعض الشباب: "زيدونا الشامبوه باش نعوموا" أي "أضيفوا لنا الشامبوه لنكمل الاستحمام".

ثم سخروا من الرجل القوي في الدولة بعد رحيل بوتفليقة، الفريق أحمد قايد صالح رئيس أركان الجيش، والآن الرئيس الجديد عبد المجيد تبون، المنتخب في الـ 12 ديسمبر-كانون الأول في انتخابات رئاسية بنسبة امتناع قياسية ناهزت الـ 60 في المائة.

وأوضح ضحاك أن "شباب الحراك يستمد إلهامه وخياله من لغات مختلفة، من العربية العامية إلى الأمازيغية، ومن العربية الفصحى إلى الفرنسية، ومن الإنكليزية إلى قلب الكلمات". وفي رأي الطالبة فايزة عظيمي، ذات الـ 21 ربيعا، فإن الهزل في كل شيء "موجود في الحمض النووي للشعب الجزائري"، مضيفة خلال تظاهرة بالجزائر "والسخرية سلاح سلمي فتاك ضد هذه السلطة يخرجه الحراك كل أسبوع". من جهتها قالت بختة لالاهم، أستاذة متقاعدة، إنه بالنسبة للشعب الجزائري "الذي عانى الكثير من المآسي، فإن الضحك هو تذكير بأننا نجونا مما هو أسوأ".

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

وزير الخارجية الجزائري يلتقي بالسراج في طرابلس بهدف جمع الأطراف المتخاصمة حول طاولة الحوار

المعارضة الجزائرية تندد بـ "المناخ الاستبدادي" المحيط بالانتخابات الرئاسية المقبلة

في يوم تحتفل فيه فرنسا بيوم النصر.. الجزائر تطالب بالعدالة عن مجازر 8 مايو