عالمة اجتماع فرنسية: أزمة كورونا ستملي "أخلاقيات" جديدة في العالم

فيروس كورونا_ إسبانيا
فيروس كورونا_ إسبانيا Copyright أ ب
بقلم:  يورونيوز مع أ ف ب
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

أتت جائحة كورونا على مراسم دفن الموتى وهي تستدعي اعتماد "أخلاقيات مسؤولة" في ظل إنهاء العالم تدريجيا لأوسع عملية حجر منزلي في تاريخ البشرية، وفق ما أكدت عالمة الاجتماع الفرنسية إيفا إيلوز

اعلان

أتت جائحة كورونا على مراسم دفن الموتى وهي تستدعي اعتماد "أخلاقيات مسؤولة" في ظل إنهاء العالم تدريجيا لأوسع عملية حجر منزلي في تاريخ البشرية، وفق ما أكدت عالمة الاجتماع الفرنسية إيفا إيلوز في مقابلة مع وكالة فرانس برس.

وتصنف هذه الأستاذة الجامعية من أكثر المفكرين المؤثرين راهنا في الغرب ولها في رصيدها مؤلفات عن مواضيع اجتماعية وفلسفية عدة بينها الرأسمالية والحب والسعادة.

وهي تراقب حاليا تقلبات العالم في عز أزمة فيروس كورونا الجديد.

وترى إيلوز في مقابلة مع وكالة فرانس برس من القدس وهي أحد مقرّي إقامتها مع باريس، أن هذه الأزمة تشكل "محطة فاصلة في طريقة موت الناس".

وتقول عالمة الاجتماع الفرنسية - الإسرائيلية هذه "فكروا بالمريض على سرير المستشفى: ماذا يرى؟ هو منقطع عن عائلته ولا أحد يرافقه من أحبائه، لا اتصال بشريا له في المعنى الكامل للكلمة لأن الأطباء والممرضين محميون بمعدات لا تتيح في كثير من الأحيان حتى رؤية عينيهم. كما لو أن المريض يخضع للعلاج على يد رواد فضاء ويفقد أي اتصال بشري خلال الأيام التي يرى فيها الأجل يقترب".

وتضيف "لم يعد في وسع الكهنة أو أفراد العائلة أن يودعوا المرضى على سرير الموت وهذا يبدّل بصورة جذرية طريقة الموت. أضف إلى ذلك فكرة أن المرض لا يخيف المرضى فحسب بل الأطباء وأفراد الطواقم المعالجة أيضا. لهذا السبب "موت الكورونا" أمر لا يطاق إذ إنه وفاة تأتي على الأسس الرمزية الأساسية للموت".

كذلك ثمة تغيير سريع آخر يتمثل في العلاقة مع الدولة.

وتوضح إيلوز "شخصيا لم أشعر يوما بمثل هذا الضغط القوي عليّ. لم أر مثل هذه القوة الزجرية قبلا لدى الدولة، لقد انتقلنا بين ليلة وضحاها من دولة كانت تقول لنا إن كل شيء يعتمد على مواهبنا ومبادراتنا وقدرتنا على التحمل، إلى دولة تعطي أولوية مطلقة للإرادة الفردية وتنسق كل خطوات الأفراد".

وتضيف "من الواضح أيضا أن الدولة هي التي ستنقذ مجددا الرأسمالية من ذاتها كما فعلت مرارا في السابق، في 1929 أو 2008. متى سنفهم أن السوق لا يمكنها أن تنسق أي أزمة ولا تستطيع إدارة الأزمات الاجتماعية، وبأنه في الواقع مصدر انقسامات اجتماعية كبرى؟".

وتشير إيلوز إلى "إدارة أفضل" للأزمة في ألمانيا ونيوزيلندا وتايوان وإيسلندا والنروج والدنمارك، وهي بلدان تترأسها نساء. وتقول "لم يسجَّل منحى استبدادي" بل تدابير صحية جادة منعت "الانحراف السياسي".

في الولايات المتحدة حيث تنكّر الرئيس دونالد ترامب لخطورة الوباء في بادئ الأمر، تظاهر مواطنون ضد تدابير الحجر المنزلي لاعتبارهم أنها تمس في الحريات الفردية.

وتلفت عالمة الاجتماع إلى أن "الوضع قد ينفجر إذا طال أمد الحجر المنزلي كثيرا. أظن أن الأمر قد يتخطى قدرة الناس على التحمل في حال حرمانهم حريتهم ومداخيلهم".

أخلاقيات مسؤولة

لكن متى تنتهي مرحلة الحجر المنزلي وكيف ولماذا؟ هنا أيضا يصطدم المنطق الاقتصادي بتحديات الصحة العامة والمسؤولية الفردية.

وتقول إيلوز "خلال فترة الحجر، تتحمل الدولة المسؤولية عن كل شيء تقريبا لكن عندما ينتهي ذلك، يتعين على الأفراد تحمل مسؤوليتهم تجاه أنفسهم والآخرين. سنحتاج حقا إلى أخلاقيات مسؤولة جديدة".

وتضيف "سيتعين علينا تقويم الأخطار وانتهاج مبدأ الشفافية، المسؤولية المطلوبة في الأزمة الراهنة تقتضي بأن يرى كل شخص في نفسه خطرا على الآخرين. هذا عكس الفئات الأخلاقيات التقليدية".

وقد تكون تدابير التباعد الاجتماعي أسهل نظريا على الموظفين العاملين من المنزل أو الأشخاص الميسورين. لكن مع الإنهاء التدريجي لتدابير الحجر، ثمة خطر "تعريض السكان خصوصا الطبقات الاجتماعية الأكثر فقرا، لمعضلات مستعصية إذ سيُخيَّرون بين الحفاظ على صحتهم أو على بقائهم الاقتصادي".

وهذا الأمر قد يؤدي وفق إيلوز إلى "خطر عدم مساواة ليس فقط في مواجهة الثروة بل أيضا تجاه الحياة والموت وهذا ما لا يمكن السماح به".

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

آباء أمريكيون منفصلون يرفضون الامتثال لقواعد الحضانة المشتركة في زمن كورونا

الكمامة حين تتحول إلى حاجز يعيق عمليات التواصل بين البشر

مسجد باريس يتدخل بعد تداعيات حادثة المدير الذي تشاجر مع طالبة لنزع حجابها