يهدف قرار واشنطن لقاء الرئيس الفنزويلي الرئيس نيكولاس مادورو إلى فصل فنزويلا عن روسيا، أقرب حلفائها في أمريكا اللاتينية، وهو يخلق في الوقت نفسه فرصة لشركات النفط الامريكية حتى تدخل البلاد التي غادرتها قبل سنوات قليلة.
اعلانتسببت حالة الحرب في أوكرانيا في مزيد من الضغوط على إدراة الرئيس الأمريكي جو بايدن، كي يبحث منذ أشهر عن إمدادات جديدة للنفط، في وقت يسعى فيه إلى احتواء ارتفاع أسعار الطاقة، من خلال محادثات داخل البلاد، وكذلك عن طريق العلاقات الدبلوماسية في الخارج، مع الأصدقاء والأعداء على حد سواء.
ذلك النقص في إمدادات النفط الروسي في أسواق الطاقة العالمية الآخذة في التناقص، دفع البيت الأبيض ودول الشرق الأوسط الغنية بالنفط وتلك التي ترزح تحت العقوبات الأمريكية، وعمالقة قطاع النفط الخاص إلى الاجتماع هذا الأسبوع في هوستن.
وكما أن مساعي سد الثغرات التي أحدثتها الحرب في أوكرانيا زادت من تعقيدها عوامل عدة، من بينها تعهد الرئيس بايدن باتخاذ موقف أكثر صرامة ضد السعودية، إزاء انتهاكات حقوق الإنسان في هذا البلد، والضغوط السياسية المحلية، واضطراب سلسلة الإمدادات في مرحلة ما بعد وباء كوفيدـ19.
تواصل مع الخصوم
ديمقراطيون وجمهوريون انتقدوا تواصل الإدارة الأمريكية مع خصوم مثل إيران وفنزويلا، بعد أن حظرت إدارة بايدن النفط ومصادر الطاقة الأخرى من روسيا لمعاقبتها على غزوها أوكرانيا، ونتج عن ذلك تدافع على الإمدادات الاحتياطية.
ولم يحدد البيت الأبيض كمية النفط التي يسعى إليها، كما أنه لم يصف تقدم المحادثات مع الدول الاخرى مثل السعودية وفنزويلا، وهي محادثات تتعلق في جانب كبير منها ليس بالنفط، وإنما بمسائل جيوسياسية وأمنية.
ويقر مسؤولون بالحاجة الكبيرة لتزويد السوق العالمية بنحو 4.3 مليون برميل نفط يوميا، بحسب "ريستاد أنرجي"، أي أكثر من 4% من إجمالي الإمدادات العالمية. ولأن الصادرات الروسية إلى الغرب ضخمة جدا، فإن التهديد بقطعها جعل توقعات الشركات في بورصة وول ستريت تميل نحو أسوأ سيناريو، يتجاوز فيها سعر الخام 200 دولار للبرميل بنهاية هذا العام.
"جعل السعودية منبوذة"
منذ عقود طويلة كانت المملكة العربية السعودية حليفا رئيسيا للولايات المتحدة، في الحد من ارتفاع أسعار النفط، ولكن العلاقة شابها بعض الفتور. فقد تعهد بايدن عندما ترشح للانتخابات بجعل المملكة منبوذة بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان، وبسبب اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
وخلال السنوات الأخيرة أبرمت السعودية ومنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) اتفاقا جديدا من مجموعة جديدة من المنتجين تقودهم روسيا، وقد امتنع الحلف الجديد من تجاوز حجم الانتاج الذي تم الاتفاق عليه. من جانبها، تطلعت الولايات المتحدة إلى منتجين آخرين للنفط في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، حيث طلب مسؤولون أمريكيون من رئيس الوزراء الليبي المؤقت فتحي باشاغا إذا كان قادرا على توفير إمدادات مستقرة للنفط، كما طلبوا من دولة الإمارات أن ترفع من كمية الإنتاج لديها
عين على إيران
تجري محادثات فيينا لإحياء الاتفاق النووي لسنة 2015 نهائيا مع إيران والتوصل معها إلى نتيجة، والولايات المتحدة عينها على هذا البلد، إذ يمكن لإيران أن تعود إلى أسواق النفط العالمية خلال الأشهر المقبلة، بينما العقوبات الأمريكة المستمرة على إيران سيمنع الأمريكيين من شراء النفط الإيراني مباشرة، ولكن استكمال الاتفاقية بحسب محللين سيكون أسرع الطرق للحصول على النفط في الأسواق.
ورغم ذلك فإن المفاوضات قد تعثرت هذا الأسبوع مرة اخرى، بعد أن طلبت موسكو ضمانات من واشنطن واوروبا بأن العقوبات الغربية على روسيا لا ينبغي أن تمنع الأخيرة من التعامل التجاري مع إيران، إذا أعيد العمل باتفاق 2015. ولكن الولايات المتحدة وأوروبا اعتبرتا طلب روسيا غير مقبول.
"ود" مع فنزويلا
منذ وقت قصير فاجأ المسؤولون في إدارة الرئيس بايدن العديد من زعماء المعارضة الفنزويلية، عندما وصلوا إلى العاصمة كاراكاس نهاية الأسبوع الماضي، لإجراء محادثات تتعلق برفع العقوبات على الصناعات النفطية المفروضة على هذا البلد منذ 2019، وفي مقابل ذلك تتم بعض التنازلات. وكان الرد الفنزويلي بالإيجاب، إذ أطلقت سراح سجينين أمريكيين اثنين هذا الأسبوع.
ويهدف قرار الإدارة الأمريكية لقاء الرئيس الفنزويلي الرئيس نيكولاس مادورو إلى فصل فنزويلا عن روسيا، أقرب حلفائها في جنوب القارة الأمريكية، وهو يخلق في الوقت نفسه فرصة لشركات النفط الامريكية حتى تدخل البلاد التي غادرتها قبل سنوات قليلة.
ويقول مسؤولون أمريكيون إن مسائل سلسلة الإمدادات تعد من بين الأسباب التي دفعتهم إلى البحث الاستباقي عن المساعدة من المنتجين الدوليين. وتعد روسيا واحدة من بين ثلاثة أكبر مصادر للطاقة في العالم، لذلك فإن سد ثغرات حضورها في أسواق الطاقة العالمية سيكون تحديا هائلا.
ويقول المدير التنفيذي لمؤسسة "كلير فيو أنرجي بارتنرز" كيفين بوك، إنه عندما تتأرجح إحدى الركائز الثلاث، وهي روسيا والولايات المتحدة والسعودية، فإنه يتكون لديك مشكلة من نوع آخر، لا يمكن لمواردك الذاتية أن تحلها.