شاهد: مدن قديمة ذات أهمية تاريخية كبيرة ترقد تحت المباني الخرسانية في غزة

الموقع الأثري للقديس هيلاريون وسط قطاع غزة.
الموقع الأثري للقديس هيلاريون وسط قطاع غزة. Copyright أ ف ب
بقلم:  يورونيوز
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button
نسخ/لصق رابط فيديو المقال أدناهCopy to clipboardCopied

في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، تشكل قضايا الآثار موضوعات سياسية للغاية، إذ تم استغلال العديد من الاكتشافات لتبرير ادعاءات كل من الشعبين.

اعلان

كان عمال يحفرون في ورشة بناء ضخمة في جباليا بشمال قطاع غزة، عندما رأى الحارس أحمد قطعة غريبة من الحجر تخرج من الأرض، وهي بقايا مقبرة رومانية عمرها 2000 عام. يقول الشاب أحمد "اعتقدت أنه نفق"، في إشارة إلى الأنفاق السرية التي حفرتها حركة حماس التي تسطر على القطاع الفلسطيني الخاضع للحصار الإسرائيلي منذ عام 2007.

بعد الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحماس في أيار/مايو 2021، شرعت مصر في نهاية كانون الثاني/يناير في إعادة إعمار جزء من القطاع الصغير البالغة مساحته 362 كيلومترا مربعا ويتكدس فيه 2,3 مليون نسمة.

في جباليا، كانت الجرافات المصرية تحفر التربة الرملية لتشييد مبانٍ خرسانية جديدة، عندما رأى أحمد الأحجار الغريبة تخرج من الأرض. يقول هذا الفلسطيني الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه الكامل "نبهت رئيس العمال المصري الذي اتصل على الفور بالسلطات المحلية وطلب من العمال التوقف عن العمل".

وانتشرت عندها على شبكات التواصل الاجتماعي شائعات عن اكتشاف هام محتمل، ما دفع بدائرة الآثار في غزة إلى الاتصال بمنظمة Premiere Urgence Internationale (الإغاثة الأولية الدولية) غير الحكومية الفرنسية والمركز الفرنسي لدراسة الكتاب المقدّس والآثار في القدس لتقييم أهمية الموقع وتحديد منطقة التنقيب.

بعد أن وصل إلى جباليا، اكتشف الفريق بقيادة عالم الآثار الفرنسي رينيه إلتر مقبرة رومانية مدفونة منذ قرون في باطن أرض غزة. يوضح عالم الآثار لوكالة فرانس برس أن "الأعمال الأولى حددت حوالي أربعين مقبرة تعود إلى العصر الروماني القديم بين القرنين الأول والثاني بعد الميلاد".

ويشير إلى أن "المقبرة أكبر من هذه القبور الأربعين ويُتوقع أنها تحتوي على ما بين 80 و100"، لافتاً إلى أن إحدى المقابر المكتشفة مزينة "بلوحات متعددة الألوان تمثل تيجاناً وأكاليل من أوراق الغار" إضافة إلى "جرار مخصصة لإراقة الشراب الجنائزي" .

كانت هذه المقبرة متاخمة لمدينة أنثيدون الرومانية، ثاني مرافئ غزة حينها على الطريق المؤدية إلى ما بات حاليا مدينة عسقلان الإسرائيلية الواقعة عند تخوم القطاع الفلسطيني.

"كنوز" أثرية في غزة

في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، تشكل قضايا الآثار موضوعات سياسية للغاية، إذ تم استغلال العديد من الاكتشافات لتبرير ادعاءات كل من الشعبين. وفيما لدى الدولة العبرية ترسانة علماء الآثار يكشفون عن عدد لافت من الكنوز القديمة، لا يزال هذا القطاع متأخراً إلى حد كبير في غزة.

ويقول إلتر "مع ذلك، لا توجد فروق بين ما يمكن أن تجده في غزة وعلى الجانب الآخر من السياج"، مضيفا "في غزة، اختفت مواقع كثيرة بسبب الصراع وورش البناء، لكن المنطقة تشكل موقعا أثريا ضخما يتطلب فرق خبراء كثيرة".

أقيمت أسوار حول المقبرة الرومانية التي يراقبها الحراس باستمرار، فيما يواصل العمال تشييد طبقات خرسانية في المباني المجاورة قيد الإنشاء.

يوضح جمال أبو رضا مدير الخدمات الأثرية المحلية التي تضمن حماية المقبرة حتى كانون الثاني/يناير 2023 "نحاول مكافحة تهريب الآثار داخل غزة وخارجها"، مبديا الأمل في إيجاد متبرعين لتمويل الحفريات.

في غزة، السكان معتادون على دفن الموتى أكثر من نبش القبور، إذ شهد القطاع الفقير الصغير منذ سيطرة حماس على السلطة في حزيران/يونيو 2007، أربع حروب وتوترات متكررة.

يقول مدير منظمة الإغاثة الأولية الدولية غير الحكومية في قطاع غزة جهاد أبو حسان "غالباً ما ترتبط صورة غزة بالعنف، لكن تاريخها مليء بالكنوز الأثرية التي يجب حمايتها للأجيال المقبلة".

تواجه غزة تحديا كبيرا آخر يتمثل في الضغط السكاني. ففي غضون 15 عاما، زاد عدد السكان في القطاع من 1,4 مليون نسمة إلى 2,3 مليون، ما يدفع بالضرورة إلى طفرة كبيرة في تشييد المباني الجديدة.

ويوضح أبو حسان "يتجنب البعض إبلاغ السلطات عن الاكتشافات الأثرية في مواقع البناء خوفا من عدم الحصول على تعويض" في حالة التوقف عن العمل، و"بالنتيجة نفقد مواقع أثرية كل يوم". ويضيف "من هنا تأتي أهمية استراتيجية الدفاع عن التراث" للحفاظ على التاريخ وتدريب علماء الآثار المحليين.  وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، ساعدت منظمته غير الحكومية في تدريب 84 فنياً في علم الآثار من أجل إعداد الجيل المقبل وتوفير فرص عمل، بينما تتجاوز البطالة 60 بالمئة بين الشباب.

حجارة مقابل حجارة

من النجاحات النادرة في هذا المجال الحفاظ على دير القديس هيلاريون البيزنطي، وهو الأكبر في الشرق الأدنى، والذي يمتد على هكتارين في تل أم عامر في جنوب غزة.

هذا الموقع المفتوح للجمهور منذ بضع سنوات أخذ اسمه من راهب ناسك عاش في القرن الرابع في غزة، ويتضمن ردهة وحمامات بالإضافة إلى أربع كنائس متراكبة.

يقول عالم الآثار الفلسطيني فاضل العتول الذي أصبح شغوفا بالآثار القديمة عندما كان مراهقا أثناء جلوسه في موقع عند سفح مخيم للاجئين "نستقبل حوالي 14 ألف زائر سنويا، بمن فيهم تلامذة مدارس. ويضيف "عندما كنت طفلا أثناء الانتفاضة، كنت أبحث عن حجارة لرميها على الجنود (الإسرائيليين). اليوم، أبحث عن حجارة لأثبت للجنود أنّ لدينا تاريخا رائعا".

اعلان
viber

ويقول أثناء تجواله في موقع دير القديس هيلاريون إن حلمه هو "إجراء حفريات في جميع المواقع الأثرية في غزة وجعلها في متناول الجمهور لمشاركة تاريخ غزة وثقافتها مع العالم".

المصادر الإضافية • أ ف ب

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

حركة حماس تفرض ضرائب جديدة على الملابس والمستلزمات المدرسية في ظل أزمة اقتصادية خانقة

الجيش الإسرائيلي يقول إنه شن غارات على غزة بعد إطلاق نار من القطاع

شاهد: بطل فيلم "أكوامان" يدافع عن محيطات العالم .. على الشاشة وخارجها