الأزمة الاقتصادية في مصر تبدد حلم "الفرح والفستان الأبيض"

سوق شعبي بالقاهرة
سوق شعبي بالقاهرة Copyright Amr Nabil/Copyright 2022 The AP. All rights reserved
Copyright Amr Nabil/Copyright 2022 The AP. All rights reserved
بقلم:  يورونيوز
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

سمحت مصر لعملتها بالهبوط نحو 50 في المائة مقابل الدولار خلال العام الماضي بعد إبقائها ثابتة لما يقرب من عامين. وأوضحت بيانات رسمية هذا الشهر أن التضخم السنوي ارتفع إلى 21.3 في المائة في ديسمبر-كانون الأول، وهو أعلى مستوى في خمس سنوات، متأثرا بضعف العملة والقيود على الواردات.

اعلان

في بداية شهر مارس-آذار الماضي كانت قد انتهت للتو رحلة ندى وخطيبها المضنية في البحث عن الشقة التي طالما تمنيا أن تكون هي "عش الزوجية".. ولم يكد يمر ثلاثة أسابيع حتى باغتهما هبوط الجنيه المصري 14 في المائة مقابل الدولار الأمريكي وتغيرت معه كل خططهما.

وسمحت مصر لعملتها بالهبوط نحو 50 في المائة مقابل الدولار خلال العام الماضي بعد إبقائها ثابتة لما يقرب من عامين. وأوضحت بيانات رسمية هذا الشهر أن التضخم السنوي ارتفع إلى 21.3 في المائة في ديسمبر-كانون الأول، وهو أعلى مستوى في خمس سنوات، متأثرا بضعف العملة والقيود على الواردات.

وقالت ندى التي طلبت عدم نشر اسمها بالكامل كما هو الحال مع كل من قابلتهن رويترز في هذا التحقيق "كنا بنفكر إن خطيبي ياخد قرض عشان يشطب الشقة بس مع كل حاجة بتحصل بقى (أصبح) في حالة من عدم اليقين، وإن الواحد ياخد قرض مع ارتفاع سعر الفايدة اللي عمالة بتزيد بقى أمر غير واقعي".

كانت ندى تأمل في الانتهاء من تجهيزات الشقة والزواج بحلول يوليو-تموز المقبل، ولكن ارتفاع الأسعار حال دون ذلك، وقرر الثنائي التخلي عن تجهيز الشقة والإقامة في شقة مستأجرة كحل بديل.

ولم تكن ندى العروس الوحيدة التي قدمت بعض التنازلات من أجل التكيف مع الصدمات الاقتصادية المتكررة. فمثلها مثل نادية، التي كان من المقرر أن تتزوج بحلول شهر مايو-أيار القادم ولكن تم تأجيل الزواج إلى أجل غير مسمى حتى تتمكن هي وخطيبها من استكمال تكاليف الشقة.

كانت نادية تحلم بحفل زفاف على ضفاف نهر النيل يجمع كل أفراد أسرتها وأصدقائها، ولكن بعد أن سمح البنك المركزي المصري بتخفيض قيمة العملة للمرة الثانية في أكتوبر-تشرين الثاني، أصبح هذا الحلم بعيد المنال.

" حفل بسيط"

وقالت نادية "في الأول كان خطيبي قايلي ممكن نعمل الفرح اللي إنتي عايزاه، بس بعد الأسعار ما عليت قالي أنا أسف إني هرجع في كلامي، لكن ممكن ما أقدرش (أستطيع) أعمل فرح كبير".

وحينما تتحسن ظروفهما المادية، ستقيم نادية وخطيبها حفلا بسيطا بأحد المساجد لإتمام شعائر الزواج وهو الاتجاه الذي لجأت له العديد من العرائس من أجل توفير تكاليف حفلات الزفاف الباهظة، ومن بينهن مريم التي ستكتفي بإقامة شعائر الزواج الدينية بأحد الكنائس. 

وأوضحت مريم "أنا حاسة إن في حاجات ليها أولوية أكثر. لو البيت مش خلصان ليه أرمي فلوس في الفرح لو ممكن أكمل بيها حاجات في البيت؟" وأكدت عدم تأثرها بالعادات الاجتماعية "مش لازم أدفع كل اللي معايا عشان الناس تبقى راضية... التكلفة أنا ممكن أجيب بيها حاجات تعتبر رفاهيات أو كماليات أو حتى اتفسح بيها".

ولم يقتصر التوفير على فكرة الاستغناء عن حفلات الزفاف فقط، فقد لجأت بعض العرائس لسبل أخرى لترشيد المصروفات المالية، مثل ن.م المتزوجة منذ ثلاثة أشهر والتي أيضا اقتصر حفل زواجها على عرس بأحد المساجد.

قامت ن.م، التي طلبت الإشارة إليها بالحروف الأولى من اسمها، وزوجها بالتوفير في مستلزمات الزواج قدر المستطاع "اشترينا سجادة واحدة في البيت، واستغنيت عن غرفة الأطفال ومرايات الحمام" وأضافت "بعد كل تعويم للجنيه، كل اللي ممكن نتحمل تكلفته كان بيقل".

"إلا الفستان الأبيض"

ولمزيد من التوفير، لم تستعن ندى بخبيرة تجميل يوم "كتب الكتاب" مثلما تقوم العديد من النساء، بل قامت بشراء مستلزمات التجميل الخاصة بها واستعانت بفيديوهات لتعليم أساليب وضع المكياج لتتزين بنفسها.

وتتجه العديد من العرائس إلى الاستعانة بخبرات صديقاتهن المتمكنات من تزيين الوجه وتجميله للحد من مصاريف يوم الزفاف، الأمر الذي أثر على دخل بعض خبراء التجميل.

وقالت إحدى خبيرات التجميل لرويترز، والتي رفضت نشر اسمها خوفا من زيادة تأثر عملها سلبا، إن ارتفاع الأسعار وعدم إقبال العرائس على إقامة حفلات الزفاف التقليدية كان له وقع شديد على دخلها.

وأضافت أنه في عام 2021 قامت بتجميل ما يقرب من 40 عروسة في يوم زفافهن لينخفض العدد إلى حوالي 25 عروسة في العام الماضي بعد تراجع الجنيه.

وتابعت "اللي بصرفه أكثر بكثير من اللي أنا باخده ومن اللي بدفعه. أنا بدفع للمساعدة بتاعتي، وبدفع مواصلات وثمن المكياج اللي بستخدمه. فأي رقم أنا بحطه بيبقى عشان أفضل اشتغل ويفضل اسمي في السوق. لكن لو هنتكلم على المكسب، مافيش مكسب".

ورغم استعداد الكثير من المقبلات على الزواج للتنازل عن إقامة حفل الزفاف الذي طالما حلمن به، فقد اتفقن جميعا على عدم التنازل عن ارتداء فستان الزفاف الأبيض لكن بعضهن على استعداد للبحث عن طرق مختلفة لتوفير تكلفة الفستان مثل تأجيره أو اختيار تصميمات بسيطة لا تحتاج لأقمشة مرتفعة الثمن.

وعند سؤالها عن استعدادها للتضحية بفستان الزفاف قالت نادية "لأ مش لدرجة الفستان، أنا عروسة... بس مش لازم فستان مكلف، هدور على حاجة بسيطة".

اعلان

ولكنها كانت أكثر تقبلا لاعتذار خطيبها عن إقامة حفل الزفاف كما وعدها من قبل "هي ظروف أنا اتحطيت فيها فأنا هقبل بالأمر الواقع عشان أعيش راضية".

المصادر الإضافية • رويترز

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

تقرير بلومبرغ عن الأزمة الاقتصادية في مصر.. 5 نقاط يعتمد عليها الخروج من عنق الزجاجة

كتب أقل بسعر أعلى في معرض القاهرة الدولي للكتاب إثر تدهور قيمة الجنيه

مصر تلغي قيودا على الواردات وتعزز دور القطاع الخاص للوفاء بمطالب صندوق النقد