"مصر أم الدنيا وأم البدايات".. أول إضراب معروف في تاريخ البشرية كان في عصر الفراعنة

مجمع أهرامات الجيزة وأبو الهول.
مجمع أهرامات الجيزة وأبو الهول. Copyright Nariman El-Mofty/.
بقلم:  Yasmina El Abbasyيورونيوز
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

حدث ذلك في العام 29 من عهد رمسيس الثالث، أي حوالي 1166 قبل الميلاد، في دير المدينة في مصر،عندما أضرب العمال المكلفون بببناء المقابر والمعابد للفراعنة في وادي الملوك والملكات، بعد تأخر المؤن التي كانوا يستلمونها كأجور عن عملهم.

اعلان

يوجد في متحف تورين بإيطاليا، ورقة بردي غريبة جدا.  هذه الورقة عبارة عريضة وجهها إلى فرعون عمال دير المدينة الواقعة على النيل غربي طيبة. ويبدو أن هؤلاء العمال كانوا غير سعداء لدرجة أنهم توقفوا عن العمل. فهل يمكن أن يكون هذا أقدم إضراب موثق في القرن الثاني عشر قبل الميلاد؟

بردية الكاتب أمنيخث توثيقٌ لإضراب العمال

حدث ذلك في العام 29 من عهد رمسيس الثالث، أي حوالي 1166 قبل الميلاد، في دير المدينة في مصر. في ذلك التاريخ، أضرب العمال المكلفون بحفر وبناء وتزيين المقابر والمعابد الجنائزية للفراعنة في وادي الملوك والملكات. هؤلاء العمال الذين كانوا في العادة يتلقون أجورهم عينيا، وتحديدا على شكل أشياء تؤكل، قرروا التوقف عن العمل لأن المسؤولين الملكيين، في تلك الفترة، عجزوا عن دفع أجورهم، بسبب تأخيرات في التسليم. 

وتقول عالمة المصريات غيميت آندرو لانوي: "كان لدى رمسيس الثالث جنون العظمة، لقد أراد قبرًا كبيرًا جدًا، فزاد عدد العمال ليصل إلى 120 رجلاً، لكن الدولة لم تعد قادرة على أن توفر لهم الأجورالمستحقة".

وتروي البردية التي حررها الكاتب أمنيخت أن العمال رَفضوا العمل دون أجر ودخول مباني إدارية ومعابد آملين في توقيف الحركة داخل هذه الأماكن للتعبير عن سخطهم وعدم رضاهم. 

"أكتبوا لفرعون حول هذا الموضوع"

ووصل الأمر بالعمال إلى الإعلان عن إضراب حقيقي: "إذا وصلنا إلى هذه النقطة، فإن ذلك بسبب الجوع والعطش. لا ملابس ولا مرهم ولا سمك ولا خضروات. أكتبوا لفرعون، الحياة، الصحة، القوة، سيدنا الصالح، الحياة، الصحة، القوة، حول هذا الموضوع، واكتبوا إلى الوزير، رئيسنا، حتى يتم  تزويدنا بوسائل العيش ".

جرت مفاوضات مع السلطات المحلية أو الملكية، لكن الهدنة لم تدم طويلاً. فقد استؤنفت االإضرابات عدة مرات. وتسلط الوثائق الضوء نوعا ما على نهاية الصراع، لكن يبدو أن العمال استطاعوا أن يسمعوا صوتهم وكان لهم ما أرادوا.

بالنسبة لبيير تاليت، المؤرخ وعالم المصريات، من المرجح أن العمال توقفوا عن العمل خلال فترات أخرى من تاريخ مصر القديمة، دون أن نعثر على أي توثيق. بالنسبة لإضراب عام 29 من عهد رمسيس الثالث، يقول تاليت: "مذكرة تعطي الكلمة للعمال. نشعر أن كاتبًا يراقب الوضع ليقدم تقريرًا إلى رؤسائه ويعطيهم رؤية مفصلة نسبيًا لما يحدث". 

الأزمة السياسية والمالية

هذا الإضراب هو حدث من أعراض تفكك المجتمع المصري في نهاية عصر الدولة الحديثة. في عهد رمسيس الثالث (بين -1186 و -1154)، خلال الأسرة التاسعة عشر، كانت البلاد غير مستقرة وفي حالة تدهور. 

 ويعتبر الفساد المتزايد لموظفي الخدمة المدنية كما تضاعف المشاكل الزراعية، من عوامل عرقلت تحصيل الضرائب وحسن سير المالية العامة. تفسر هذه الأزمة السياسية والمالية صعوبة تزويد دير المدينة بالمؤن، والتي أدت في النهاية إلى إضراب العمال في وادي الملوك والملكات.

تنظيم العمل في مصر القديمة

يقدم التوثيق الأثري والنصي لعلماء المصريات معلومات عن تنظيم العمل في مصر الفرعونية. يوضح بيير تاليت أن "العمال منخرطون في منظمات عمالية. ولديهم أحيانًا طوائفهم الخاصة، مع كهنة يحمونهم. في دير المدينة كانوا يعبدون أمينحتب الأول ووالدته". 

وتقول غيليميت أندرو لانوي أن منظمات العمال هذه كانت لا تتردد في تقديم شكوى أو مطالب، وتضيف العالمة: "هناك محكمة في دير المدينة تنعقد بانتظام وتتلقى الشكاوى وتتعامل مع توزيع الحصص. كانت منظمة للغاية، من أجل حسن سير هذا المجتمع، الذي تتمثل مهمته في إنشاء قبر الملك وفي نفس الوقت المشاركة في هذا المكان المقدس".

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

شاهد: ديناصورات بعمر 170 سنة تتحول إلى إرث ثقافي بلندن

بيل غيتس: التغير المناخي لن يتوقف حتى إذا أصبحنا نباتيين

فيسبوك مهدد بتعليق خدماته في أوروبا بسبب خلاف حول نقل البيانات إلى أمريكا