اتهمت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتعمّد "إفشال" جهود الوسطاء في ظل عدم رغبته بالتوصل إلى "أيّ اتفاق" لوقف إطلاق النار في غزة.
وقالت حماس إن "نتنياهو يتفنن في إفشال جولات التفاوض، الواحدة تلو الأخرى، ولا يريد التوصّل إلى أيّ اتفاق"، وذلك في بيان أصدرته مع دخول المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين في الدوحة، أسبوعها الثاني من دون تحقيق تقدم لوقف الحرب المستمرة منذ أكثر من 21 شهرا.
وفي مواجهة التصريحات الإسرائيلية التي تحدّثت عن "نصر كامل" في غزة، ردّت حركة حماس بلهجة حادّة، واصفة هذه الادعاءات بأنها لا تعدو كونها "وهمًا كبيرًا"، متهمة نتنياهو بمحاولة التغطية على "هزيمة عسكرية وسياسية ساحقة" تتعرض لها إسرائيل على أرض المعركة في القطاع.
واعتبرت الحركة أن إطالة أمد الحرب لا تصبّ في مصلحة إسرائيل، بل تُغرق جيشها أكثر فأكثر في "رمال غزة المتحركة"، وتكشفه أمام ضربات المقاومة "النوعية"، على حدّ تعبيرها. وأضافت أن نتنياهو يقود جيشه إلى حرب "عبثية بلا أفق"، لا يهدد استمرارها حياة الجنود والأسرى فحسب، بل يضع "كيان الاحتلال" أمام خطر استراتيجي حقيقي.
في المقابل، حمّل نتنياهو حركة حماس مسؤولية عرقلة التوصل إلى اتفاق، متهمًا إياها برفض المبادرة، وسعيها إلى استغلال التهدئة للبقاء في غزة، وإعادة بناء قوتها العسكرية تمهيدًا لشنّ هجمات جديدة، على حدّ قوله.
وقال في رسالة مصوّرة بثّها مساء الأحد إن أهداف الحرب لا تزال قائمة، وفي مقدمتها الإفراج عن الرهائن وتفكيك البنية العسكرية لحماس من أجل "ضمان عدم تحوّل القطاع مجددًا إلى تهديد أمني لإسرائيل".
وأضاف نتنياهو أن حكومته وافقت على الخطة التي طرحها المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، بل وحتى على الصيغة المعدّلة التي اقترحها الوسطاء لاحقًا، لكنّ حماس رفضتها.
وتتواصل الجهود الدبلوماسية في محاولة لإحياء مفاوضات وقف إطلاق النار. إذ كشفت تقارير إعلامية الوسطاء يعملون حاليًا مع الوفد الإسرائيلي في الدوحة على مناقشة خرائط ميدانية محدثة، في إطار البحث عن "آليات مبتكرة" من شأنها ردم الهوة بين مواقف الطرفين.
وكانت مصادر مطّلعة لصحيفة "جيروزاليم بوست" قد كشفت أن الوفد الإسرائيلي أبدى استعدادًا لتقديم تنازلات ميدانية ملموسة خلال المحادثات غير المباشرة، شملت مقترحات جديدة بشأن انتشار قواته في القطاع.
وبحسب المصدر، قدّمت إسرائيل خرائط محدثة للوسطاء، وصفت بأنها "أكثر مرونة" من الطروحات السابقة، وتركّز تحديدًا على المنطقة الواقعة جنوب ممر "موراغ"، في خطوة اعتُبرت تحوّلًا لافتًا في الموقف الإسرائيلي قد يسهم في تهيئة أرضية لتفاهم ممكن.
ولكن، رغم هذا التقدم الجزئي، لا تزال العقبة الجوهرية ماثلة في التباين الحاد بين الطرفين حول طبيعة الوجود العسكري الإسرائيلي خلال فترة التهدئة.
ففي حين تشترط حماس انسحابًا كاملاً للقوات الإسرائيلية خلال مهلة زمنية لا تتجاوز 60 يومًا، على غرار ما جرى في اتفاق كانون الثاني/ يناير الماضي، تصرّ إسرائيل على الإبقاء على وجودها العسكري داخل غزة، وهو ما يهدد بتجميد المسار التفاوضي ما لم تُطرح صيغة توفيقية تضمن الحد الأدنى من مطالب الجانبين.