Newsletter الرسالة الإخبارية Events الأحداث البودكاست فيديو Africanews
Loader
ابحثوا عنا
اعلان

أوروبا وعمليات ترحيل المهاجرين غير الشرعيين.. أي مصير ينتظر التونسيين العائدين قسراً؟

أشخاص مرحَّلون خلال رحلة إعادة إلى وطنهم،
أشخاص مرحَّلون خلال رحلة إعادة إلى وطنهم، حقوق النشر  Anna Moneymaker/2025 Getty Images
حقوق النشر Anna Moneymaker/2025 Getty Images
بقلم: Chaima Chihi
نشرت في آخر تحديث
شارك هذا المقال محادثة
شارك هذا المقال Close Button

تستعد ألمانيا يوم 17 سبتمبر/أيلول الجاري لتنفيذ رحلة ترحيل قسري جماعي لمهاجرين تونسيين غير نظاميين، ضمن اتفاقية بين تونس وبرلين سنة 2017.

اعلان

تحت مظلة اتفاقيات ثنائية، تواصل السلطات الألمانية تنفيذ عمليات ترحيل جماعي قسري للمهاجرين التونسيين غير النظاميين أو الذين رُفضت طلبات لجوئهم. ويثير تصاعد وتيرة هذه "الرحلات غير المعلنة" قلقا حقوقيا بالغا حول مدى الالتزام بالضمانات القانونية وحقوق الإنسان، في ظل شهادات عن معاناة المرحلين من "ظروف غير إنسانية" في مراكز الاحتجاز حسب ما يقولون. وحرمانهم من إمكانية الدفاع عن وضعهم، لينتهي بهم المطاف في بلدهم الأصلي حيث يغيب أي أمل بإعادة دمجهم في المجتمع مما يدفعهم نحو دوامة معاناة جديدة.

الاتفاقية الألمانية-التونسية 2017: العمود الفقري للترحيل القسري

كشف الناشط الحقوقي رمضان بن عمر، المتحدث الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، في تصريحات لـ "يورو نيوز عربي"، أن جذور سياسة الترحيل الألمانية تجاه تونس تعود إلى اتفاقية 3 بتاريخ مارس2017.

هذه الاتفاقية، التي لم تنل اهتماما إعلاميا حينها،  أُبرمت إثر زيارة المستشارة الألمانية وقتها أنجيلا ميركل لتونس وقُدِّمت على أنها إطار للتعاون بين البلدين في مجال إعادة قبول المهاجرين، مقابل تقديم برلين حزمة مساعدات لتونس تشمل دعم الأمن الداخلي وتمويل برامج إعادة إدماج المرحّلين. 

لكن الحقيقة، كما تؤكدها الوقائع، تختلف جذريًا عمّا نصّت عليه الاتفاقية. فعلى الأرض، لا توجد برامج فعالة لإعادة الإدماج، ولا يلمس المرحلون أي دعم رسمي حقيقي بعد عودتهم، فيما "تُستغل الاتفاقية قانونيًا لتبرير عمليات الترحيل الجماعي دون ضمانات حقوقية كافية".

ألمانيا تصعّد عمليات ترحيل التونسيين

أشار بن عمر في حديثه ليورونيوز عربي إلى تصعيد ملحوظ في سياسة الترحيل الألمانية خلال السنوات الأخيرة، فمنذ عام 2022، نظمت برلين 74 رحلة ترحيل جماعي إلى تونس، مع ارتفاع عدد المرحّلين من 227 شخصًا في 2022 إلى 293 شخصًا في 2024، أي بنسبة زيادة تقارب 29%. وفي عام 2025 فقط، وعلى الرغم من أنه لم يمضِ سوى أشهر، فقد تم ترحيل 42 مهاجرًا عبر رحلتين، مع توقع ارتفاع هذا الرقم بشكل كبير مع الرحلات المخطط لها، بما فيها رحلة 17 سبتمبر/أيلول.

وأوضح بن عمر أن هذه العمليات تتم على شكل رحلات غير معلنة ترافقها عناصر أمنية ألمانية، لإيصال المرحّلين إلى مطار النفيضة في تونس وتسليمهم مباشرة للسلطات التونسية.

وحاولت يورونيوز التواصل مع السفارة الألمانية في تونس للحصول على تعليق، لكن دون توفيق.

من جهته، اعتبر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، هذه العمليات مسارًا غير عادل يفتقر إلى الضمانات القانونية التي تنص عليها المعاهدات الدولية.

من مراكز الاحتجاز إلى الطائرة..

وفقًا للتصريحات والشهادات التي وثّقتها هذه الهيئة الحقوقية ونقلتها في تصريحاتها لـ"يورونيوز"، فإن رحلة المعاناة تبدأ منذ لحظة احتجاز المرحّلين داخل مراكز الإيواء الألمانية، حيث يقولون إنهم يتعرضون لما يصفونه بانتهاكات متكررة لحقوقهم الأساسية.

أوّل هذه "الانتهاكات" بحسب المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ،يتمثل في عائق اللغة، إذ يُكتفى بالتواصل معهم باللغة الألمانية التي لا يفهمها معظمهم، من دون توفير مترجمين فوريين يعرّفونهم بحقوقهم أو يشرحون لهم الإجراءات القانونية المعقّدة، ما يحوّل المسار القانوني إلى إجراء شكلي يفرغه من مضمونه الحقيقي.

أما ثاني الانتهاكات فيتجسّد في العنف والإهمال الطبي، حيث تتواتر الشهادات حول تعرّض بعض المرحّلين للمعاملة السيئة أو الاعتداء أثناء الاعتقال، إضافة إلى غياب الخدمات الطبية الأساسية داخل مراكز الاحتجاز.

وأخيرًا تأتي العزلة والتعتيم، يقول المنتدى، إذ تفيد الشهادات بمنع المرحّلين من الاستعانة بمحامٍ للطعن في قرارات الترحيل، أو التواصل مع القنصلية التونسية أو المنظمات الحقوقية الداعمة، وهو ما يقطع عنهم أي وسيلة للدعم الخارجي ويضاعف شعورهم بالغموض والخوف حيال مصيرهم.

العودة إلى المجهول

ولا تنتهي المأساة عند هبوط الطائرة في مطار النفيضة، بل تبدأ بعدها مرحلة أشد قسوة تتمثل في الانهيار الكامل لمسار إعادة الإدماج. فخلافًا للوعود التي رُوِّج لها مع توقيع الاتفاقية الثنائية عام 2017، يجد المرحَّلون أنفسهم في مواجهة مصير مجهول، وسط غياب شبه تام لأي برامج استقبال أو دعم ملموس، وفق ما يؤكده بن عمر.

فعليًا، تتبخر الالتزامات المكتوبة فور وصولهم. فلا وجود لبرامج للدعم النفسي تعالج صدمات الاعتقال والترحيل، ولا لإرشاد اجتماعي يساعدهم على التأقلم مع واقع طال غيابهم عنه لسنوات، ولا حتى لمبادرات عملية تفتح أمامهم أبواب سوق العمل. ويقتصر الاستقبال على إجراء شكلي سرعان ما يتلاشى.

ويزج هذا الفراغ بالكثير منهم، خصوصًا أولئك الذين غادروا في الأصل هربًا من الفقر واليأس، في دوامة معاناة جديدة، حيث يجدون أنفسهم محاصَرين بواقع اقتصادي خانق ووصمة اجتماعية مضاعفة، ما يزيد من هشاشة أوضاعهم ويغلق أمامهم سُبل الأمل.

التوجه الأوروبي المشترك: إيطاليا نموذجًا في استراتيجية الترحيل

لا تقتصر سياسات الترحيل على ألمانيا وحدها، بل تندرج ضمن استراتيجية أوروبية موحّدة للتعامل مع الهجرة غير النظامية، تقوم أساسًا على تشديد الإجراءات وتسريع وتيرة الترحيل القسري. وفي هذا السياق، برزت إيطاليا في طليعة الدول التي تنتهج هذه السياسة، حيث أعلن وزير الداخلية الإيطالي، ماتيو بيانتيدوزي، في فبراير/شباط 2025، عن زيادة في عمليات الترحيل تراوحت بين 15% و20% خلال الأشهر الأولى من العام، مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية.

وقد وجّهت كل من منظمة العفو الدولية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين انتقادات حادة لهذا التحول في السياسة الأوروبية، حيث اعتبرتا أن تسريع عمليات الترحيل يتم على حساب الضمانات القانونية الأساسية. وتشير التقارير إلى أن المهاجرين كثيرًا ما يُحرمون من الوقت الكافي للطعن في قرارات الترحيل، أو من الوصول إلى المساعدة القانونية، ما يزيد من خطر ترحيل أشخاص إلى بلدان قد يواجهون فيها تهديدًا حقيقيًا للاضطهاد أو التعذيب، وهو ما يُعرف بمبدأ "العدم الإرجاع" المنصوص عليه في القانون الدولي.

انتقل إلى اختصارات الوصول
شارك هذا المقال محادثة

مواضيع إضافية

من هم الفينيقيون؟ علماء الآثار يكشفون أسرارهم

فيديو - استنفار أمني إسرائيلي بعد مقتل 6 على الأقل في إطلاق نار بالقدس

ترامب يلوّح بـ"التحذير الأخير" لحماس.. وخطة ويتكوف الجديدة تدخل على خط مفاوضات غزة