Newsletter الرسالة الإخبارية Events الأحداث البودكاست فيديو Africanews
Loader
ابحثوا عنا
اعلان

تحت ضغط الاقتصاد وتغيّر القيم.. الشباب التونسي يؤجّل الزواج والمجتمع يتجه نحو "الشيخوخة السكانية"

يقف زوجان مواجهةً لبعضهما البعض خلال حفل زفاف جماعي بمناسبة عيد الحب على درجات محكمة مقاطعة ديد في ميامي.
يقف زوجان مواجهةً لبعضهما البعض خلال حفل زفاف جماعي بمناسبة عيد الحب على درجات محكمة مقاطعة ديد في ميامي. حقوق النشر  AP Photo
حقوق النشر AP Photo
بقلم: Chaima Chihi
نشرت في
شارك هذا المقال محادثة
شارك هذا المقال Close Button

لم تعد زغاريد الأفراح تتردد كما في السابق، ولا حفلات الزفاف تلمع بأضوائها المعتادة في تونس. فقد تحوّل الزواج من مناسبة للبهجة إلى هاجس مؤجَّل، رهين الظروف الاقتصادية المتعثرة وتحوّلات المنظومة القيمية. وتشير بيانات المعهد الوطني للإحصاء إلى تراجع نسب الزواج بنسبة 10% خلال عام واحد فقط.

اعلان

كشفت النشرة الشهرية للمعهد الوطني للإحصاء لشهر يوليو/جويلية 2025 عن تسجيل 70.942 عقد زواج خلال عام 2024، مقابل 78.115 عقداً في عام 2023. وهذا التراجع  الذي يقدر بأكثر من 8000 عقد زواج في عام واحد فقط، ليس سوى حلقة في سلسلة انخفاض مستمرة بدأت منذ عام2015.

ثلاثية الأزمة: ديموغرافيا وهجرة واقتصاد متعثر

يُرجع الباحث في علم الاجتماع، محمد علي بن زينة، في تصريحه لـ"يورونيوز عربي" تراجع نسب الزواج في تونس إلى تداخل ثلاثة عوامل رئيسية.

أولها العامل الديموغرافي، إذ إن الأجيال الحالية في سن الزواج، خاصة مواليد التسعينيات، أقل عدداً من جيل آبائهم نتيجة سياسات تنظيم الأسرة السابقة، ما ضيّق "قاعدة الهرم السكاني" وخفّض تلقائياً عدد المؤهلين للزواج.

العامل الثاني هو الهجرة، حيث يفضّل الكثير من الشباب مغادرة البلاد لبناء مستقبلهم في الخارج، وهو ما يسحب إمكانية تكوين أسر من الداخل.

أما العامل الثالث والأكثر تأثيراً، فهو الاقتصاد، إذ تحوّل الزواج إلى مشروع مكلف يتطلب مسكناً ودخلاً مستقراً، في ظل ارتفاع البطالة وغلاء الأسعار وصعوبة الاندماج في سوق العمل. ويشير بن زينة إلى أن "الشباب بات ينتظر تحقيق الاستقرار المادي قبل الإقدام على الزواج"، وهو انتظار قد يمتد إلى أجل غير معلوم.

تغير القيم وتأثير التكنولوجيا

تؤكد تصريحات شبابية جمعتها "يورونيوز عربي" ما خلص إليه الباحث محمد علي بن زينة، لكنها تضيف بعدا جديدا يتمثل في تحولات القيم والبنية الاجتماعية للمجتمع التونسي. 

ولم يعد الزواج مؤسسة تقليدية بحتة، بل أصبح خياراً شخصياً يعتمد على القيم والمبادئ التي يحملها كل طرف، كما لم يعد مهماً لدى الكثير من الشباب كما كان في السابق، إذ أصبحت الأولويات تتجه نحو تحقيق الاستقلال المالي، متابعة الدراسة أو العمل، وتطوير الذات قبل التفكير في تأسيس أسرة.

إضافة إلى ذلك، لعبت تطبيقات التعارف الحديثة دوراً محورياً في تغيير طرق الالتقاء بين الشباب، مما أتاح فترة أطول للبحث عن الشريك المناسب بعيداً عن الأساليب التقليدية. وقد ساهمت هذه الأدوات في إعادة تشكيل معايير اختيار الشريك.

ويؤكد الشباب أن "تراجع نسب الزواج لا يرتبط فقط بالظروف الاقتصادية الصعبة، بل بات كذلك خياراً مرناً حسب الظروف والأولويات، بينما يتجاهله آخرون دون شعور بالضغط الاجتماعي كما كان سائداً في الماضي".

تونس تتجه نحو "الهرم السكاني المقلوب"

تسير تونس نحو تحوّل ديموغرافي قد يهدد توازنها الاجتماعي والاقتصادي، وفق بيانات المعهد الوطني للإحصاء. فقد انخفض معدل النمو السكاني إلى 0.87% خلال العقد الماضي (2014-2024)، بينما ارتفع مؤشر الشيخوخة من 49.2% إلى 73.9%، ويقترب عدد كبار السن (60 سنة فما فوق) من مضاعفة عدد الأطفال دون 15 سنة.

وجاءت هذه النتيجة كامتداد لتباطؤ النمو الديموغرافي الذي شهدته البلاد على مدى العقود الماضية، إذ ارتفع المعدل السنوي للنمو بين 1956 و1984 من 1.59% إلى 2.35%، قبل أن يصل إلى 2.48% بين 1985 و1994، ثم بدأ في الانخفاض ليصل إلى 1.04% سنة 2014، قبل أن يسجل أدنى مستوى له تاريخياً عند 0.87% بين 2014 و2024.

وأكد وزير الاقتصاد والتخطيط سمير عبد الحفيظ في هذا الصدد أن تونس "تتجه نحو تهرم سكاني"، مشدداً على أن هذا التحول "يفرض مراجعة شاملة للسياسات الاجتماعية". وأوضح الوزير أن "حاجيات الكهول والشيوخ تختلف تماماً عن حاجيات الأطفال والشباب"، مؤكداً أن السياسات ستتكيف مع الوضع الديموغرافي الجديد، إذ يختلف مجتمع قاعدته الشباب والأطفال عن مجتمع يهيمن عليه الكهول والشيوخ.

انتقل إلى اختصارات الوصول
شارك هذا المقال محادثة

مواضيع إضافية

فيديو - تايوان تترقب إعصارًا قويًا.. شلل جزئي في النقل وتحذيرات للسكان بتوخي الحذر

كيف تؤثر الخلفية العرقية على فرص الحصول على علاج النوبات القلبية العاجل في أمريكا؟

تقارير إسرائيلية تفيد بنقل قيادات حماس إلى تونس بعد انتهاء الحرب على غزة.. ما حقيقتها؟